الانتخابات تقلب موازين القوى داخل البرلمان الأوروبي

  • 5/27/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تمكنت الأحزاب المؤيدة للمشروع الأوروبي من احتواء صعود المشككين به، مقابل تقدّم الشعبويين بعد الانتخابات الأوروبية التي انتهت الأحد وتميزت بنسب مشاركة قوية وتقدّم الخضر داخل البرلمان الأوروبي الجديد. كشفت النتائج الأولية لانتخابات البرلمان الأوروبي، التي انتهت أمس الأول، عن تناغم المزاج السياسي الداخلي في كل بلد مع هوية نوابه الذين انتخبهم لتمثيله ببرلمان القارة، واحتفظت القوات المؤيدة للاتحاد الأوروبي بالأغلبية الكبرى، لكن المجلس سيضطر الآن لطي صفحة الثنائية الحزبية التاريخية بعد انتخابات سيخرج منها مشتتاً أكثر من أي وقت مضى. فلم يعد بإمكان المحافظين المسيحيين الديمقراطيين في «حزب الشعب الأوروبي» و«الاشتراكيين الديمقراطيين» في «كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين» أن يشكلوا معاً غالبية، لكنهما يبقيان أكبر كتلتين في المجلس، لكن كلف هؤلاء تقدم القوميين والشعبويين وكذلك الليبراليين و«الخضر»، عشرات المقاعد في البرلمان الذي يضم 751 مقعداً. «التحالف الكبير» ولن تتمكن كتلتا «الشعبي الأوروبي»، (نحو 180 مقعداً) و«الاشتراكيين والديمقراطيين» (150 مقعداً)، من إعادة تشكيل «التحالف الكبير» الذي أتاح لهما سابقاً بناء توافقات حول نصوص تشريعية وتقاسم المناصب القيادية. وحسب التوقعات، فإن حزب «الرابطة» اليميني المتطرّف المناهض للهجرة وللإسلام بزعامة نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني يمكن أن يصبح الحزب الوطني الذي يحصل على أعلى عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي بعد حصوله على 34.3 في المئة من الأصوات. والكتلة التي تضم نواب «الرابطة» ونواب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن في فرنسا ستتجاوز 36 نائباً في البرلمان إلى نحو 60 حسب التقديرات. وكتلة الشعبويين ستنال أيضاً نحو 12 مقعداً إضافياً لتصل إلى 56 نائباً. لكن رغم تقدم الشعبويين والقوميين وأحزاب أخرى مشككة بأوروبا، فإنهم يبقون بعيدين عن تولي دور أساسي في البرلمان الأوروبي، لأنهم منقسمون ولديهم خلافات عميقة حول بعض المواضيع، كما أن إعادة تشكيل تحالفاتهم لا تزال غامضة. ومن الصعب التكهن بتقارب مع المجموعة الشعبوية «أوروبا من أجل الحرّية والديمقراطيّة المباشرة»، التي تضمّ الشريك الحكومي لسالفيني «حركة 5 نجوم» الإيطالية، وحزب «بريكسيت» الجديد المعادي لأوروبا الذي يتزعمه نايجل فاراج الذي فاز بـ 31.8 في المئة من الأصوات في بريطانيا، بسبب الخلافات العميقة بين المجموعتين. وزادت حصيلة «أوروبا من أجل الحرية والديمقراطية المباشرة»، من 42 مقعداً إلى 53. وحتى إذا أضيفت نتائج الكتلتين إلى المقاعد الـ58 التي حصدتها مجموعة «الأوروبيين المحافظين والإصلاحيين» (تضم في صفوفها حزب المحافظين البريطاني والحزب الحاكم في بولندا الفائزين في الانتخابات الأوروبية)، وكذلك اليمين القومي والمشكّكين في أوروبا، فلن تشغل أكثر من 172 مقعداً وهو رقم بعيد عن الأغلبية المحددة في البرلمان بـ376 مقعداً. وتراجع عدد مقاعد اليسار المتطرف من 52 إلى 38 مقعداً. وقال إيريك موريس المحلل في مؤسسة روبرت شومان، إن «موجة الأحزاب القومية والمشككة في أوروبا تم احتواؤها، إذا استثنينا التجمع الوطني والرابطة». وأضاف: «إذا لم يتحرك (الزعيم الشعبوي المجري أوربان)، لا أرى كيف يمكن أن تتغير خطوط المجموعات الحالية». وقال رئيس الكتلة الليبرالية في البرلمان الأوروبي غي فيرهوفشتات ليل الأحد - الاثنين «من فاز بأكبر عدد من المقاعد ليس الشعبويون والقوميون، وإنما كتلتنا المؤيدة لأوروبا». وهذه الكتلة ستصبح بالفعل مع نحو مئة مقعد حسب التوقعات، ثالث قوة في البرلمان وخصوصاً بفضل لائحة «النهضة» المدعومة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رغم أنها لم تنجح في التقدم على لائحة لوبن التي حصلت على 23.31 في المئة من الأصوات متقدمة بذلك على قائمة ماكرون (22.41 في المئة) أي بفارق 0.9 في المئة، ودعت على الفور إلى «تشكيل مجموعة قوية» في البرلمان الأوروبي تضم المشككين في جدوى الوحدة الأوروبية وهم قوى غير متجانسة لم تنجح في الاتحاد في الماضي. سالفيني واحتفى، أمس، سالفيني بـ«النجاح الذي لا يصدق» لحزبه الذي حصل على نحو 34.3 في المئة من الأصوات والذي وصفه بـ«الحزب الأول في إيطاليا»، لكنه قال، إن ذلك لن تكون له عواقب على الحكومة الائتلافية. وقال سالفيني في مؤتمر صحافي بمقر الحزب في ميلانو: «في ما يخصني، لا شيء يتغير على المستوى الوطني»، مبدداً التكهنات حول نهاية محتملة للتحالف الحاكم الحالي بين «الرابطة» و«5 نجوم» بزعامة لويجي دي مايو، التي تلقّت هزيمةً (17.1 في المئة) على يد «الحزب الديمقراطي» المعارض يسار الوسط والعائد بقوّة إلى السّاحة والذي حقّق المركز الثاني بنسبة 22.7 في المئة، فيما حلّ حزب يمين الوسط «فورزا إيطاليا» بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني ثامناً مع 12 بالمئة. وأكد أن حزبه مع حلفائه، «سيحاول تغيير الاتحاد الأوروبي وإنقاذه، وينبغي أن يقوم الاتحاد الأوروبي على الحق في العمل، والقيم التقليدية وجذوره اليهودية المسيحية». وبينما حقّق حزب «فيدز» اليميني القومي الذي يتزعمه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان فوزاً كاسحاً، عزّز اشتراكيو» إسبانيا هيمنتهم بحصولهم على 32.8 في المئة من الأصوات (20 مقعداً في البرلمان الأوروبي)، في وقت سجل حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» بزعامة ميركل وحلفاؤه المحافظون نسبة 28 في تراجع بواقع ثماني نقاط عن انتخابات 2014 بينما فشل «حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي في إحداث مفاجأة وذلك بعد حصوله على 10 في المئة فقط. وفي هولندا، تكبد النائب الشعبوي اليميني خيرت فيلدرز ضربة قوية، عقب خسارة حزبه «الحرية» المقاعد الأربعة التي شغلها في البرلمان الأوروبي، بعد حصوله فقط على 3.5 في المئة من الأصوات. «الخضر» في المقابل، أعلن حزب «الخضر» أنهم أصبحوا «قوة لا يمكن تجاوزها» حسب رئيسهم في البرلمان فيليب لامبير بعد تقدمهم اللافت الأحد الذي أتاح لهم الفوز بنحو 70 مقعداً (مقابل 51 في البرلمان السابق). والسباق لخلافة رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر سيشكل اختباراً أول. واعتباراً من الأمس، بدأت المشاورات بين مختلف الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي. وحتى في حال التوصل إلى قرار حول اسم المرشح لرئاسة المفوضية بين رؤساء دول وحكومــــــــات الــــدول الأعضاء الـ28، لا يزال يجب أن يحصل على غالبية من أصوات 376 نائباً أوروبياً لكي ينتخب. وسيعقد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي اليوم قمة للبحث في التعيينات المقبلة.

مشاركة :