أكاد أجزم بأن العقلاء والمثقفين في إيران، لا يتمنون وقوع الحرب بينهم وبين أميركا؛ لمعرفتهم بما يمكن أن تؤول إليه الأمور، ونظرتهم المستقبلية لعودة الهدوء والسلام، والرخاء والأمن والمساواة والعدالة إلى بلدهم متعدد الأعراق، المخنوق منذ أربعة عقود. موقف من الحروب يمثل في عقلية كل عاقل خليجي أو عربي يعلم يقينا بأن الحرب ليست نزهة برية، وأن نتائجها ستكون وخيمة على الأرض والشعوب والأمن والاقتصاد والبيئة، وأنها تعمق من الفقر والمرض والتهجير، وتسمح بالإرهاب، والفساد، وتعطل التنمية، وتحرق بوجهها الملتهب الدموي كل جميل في بلدانهم. صورة واضحة لكل العقلاء، ولجميع الحكومات، التي يهمها أن تكون وأن تستمر، وأن يثق بها ويؤيدها شعبها، وأن تمتد مشاركاتها وصداقاتها الدولية وتزدهر، فالحرب شر عظيم مطبق، والمحظوظ من يجد له طريقة لمنعها، وتعديل العود بذاته، لتلافيها. الرئيس الأميركي ترمب، ظل صامتا يتمسك بعقله، وأعصابه، ونتمنى ألا توضع قدراته وعزيمته على المحك؛ كونه رجلا يدير أكبر جيوش العالم، وأعظمها تقنية وتسليحا، وأنه يفعل ما يقول. حكومتا المملكة والإمارات استفزتا بطريقة علنية، ضمن تخريب للسفن التجارية في عرض الخليج العربي بقرب ميناء الفجيرة، وتفجير جزئي لمضختي البترول في مدينتي عفيف والدوادمي على أيدي الحوثي الإيراني. ولكن الحكمة والعقل في قيادتي هذين البلدين، جعلاهما يتعاملان مع ذلك بكل تحضر تفرضه القوانين الدولية، فبادرا برفع القضية إلى الجهات المسؤولة، مثل هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وبقية المنظمات والجهات المهتمة والفاعلة بحفظ النظام الدولي، ورفعت تقارير لتوضيح دور العقل الخليجي، الذي لا يستثار بسرعة، ولكنه لا يسكت عن حقه. في المقابل نجد العقول المختلة الواهمة المختلطة بنوازع الشر في حكومة ملالي إيران، وبقية أذرعها، التي تعتقد وهما أن الأرض تحت قبضتها، وأنها محمية من المجتمع الدولي، مهما زادت عربداتها، ومهما بلغت في الشر والخبث والدموية. عقول الملالي مغيبة، بظنهم أنهم يعيشون في سرداب مظلم لا تصله أعين الخلق، وأنهم معصومون، ومحميون من العقاب، وأنهم أيادي العدالة الإلهية الفعلية على وجه الأرض. الرئيس ترمب أعطاهم فرصة لاستيعاب ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، ولكن نظارات الملالي رثة لا تمتلك حس الرؤية البعدية، فتظل تعتقد أنها بميليشياتها وأعوانها قادرة على كسر ظهر المجتمع الدولي بأسره! ومع مثل تلك العقول تتراكم المفارقات وتحدث الحروب. يصر الملالي على المقامرة، كونهم لا يأبهون بشعوبهم، وأنهم يمتلكون من المليارات ما يكفيهم وأحفاد أحفادهم لو هربوا من بلدهم المحترق. غباء مطبق، يجعلهم يستبعدون دور الشعوب الثائرة في حق من يحكمها بالنار، ويسوقها إلى الشر. اقتربت الساعة، والحقيقة تتضح، والملالي الطواويس لا يتوقفون عن الدوران حول أنفسهم، ونشر ريشهم فرحين بأجنحة لم تختبر قدرة الطيران.
مشاركة :