الشعور بوحدانية الرأي يجعل أصحابه يتبخترون كطواويس في مقراتهم، مع أن الطاووس يعطي منظرا مبهجا، أما أصحاب الرأي الأوحد، فقبيحين، أرجلهم في الأرض، ورؤوسهم في السماء، لا يستطيعون أن يروا من حولهم، لأنهم يشعرون بأن مؤهلهم ومنطقهم الفكري، لا يعطيهم الصلاحية بأن ينظروا لمن يرونهم أدنى منهم، لأنهم يرون أن في إنزال هاماتهم لهم، إهانة أمام محيطهم البشري، فالحوار معهم مرفوض، والأصوات مكتومة من غير أصواتهم، ودائما ما يضعون أنفسهم في موقع العالم الأوحد، وعلى من يحيطون بهم أن يأخذوا بنصائحهم التي يعتبرونها جملا، رغم ما تحمله من فراغ كبير. والمصيبة حين يجدون من يؤثروا عليهم، لأنهم يملكون صفة عجيبة على الإقناع، وقدرة بالتأثير على من لا يعرف خفاياهم، فيعجب بهم، وهم ينطبق عليهم قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) (204). وحب التسلط على من هم أقل منهم في محيطهم واحتقارهم من أبرز صفاتهم، وأكبر همهم البحث عن الفرص عند من هم أعلى منهم والتي تعينهم على قراراتهم ضد الآخرين، ليعيثوا في الأرض فسادا بحصانة أسمائهم، وأنساهم شعور وحدانية الرأي، أن من تواضع لله رفعه، وأن التواضع صفة العظماء ومن الصفاة الحميدة. لا أعرف كيف يُصنف هؤلاء البشر أصحاب الرأي الأوحد، لكن الذكي من يديرهم ويحول سلبياتهم لإيجاب يخدمون به الصالح العام، دون أن يؤثروا على قرارات رؤسائهم، التي تخدم المصلحة العامة.
مشاركة :