رغم أن التوتر مع إيران اقتصر على إرسال واشنطن عدداً ضئيلاً من القوات إلى الشرق الأوسط وتسريع تحريك قطع بحرية في المنطقة، قال مسؤولون وخبراء إن تصاعد التوترات مع إيران يهدد بتقويض استراتيجية وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الرامية إلى التركيز على «المنافسة كقوة عظمى»، والتصدي خصوصاً لروسيا والصين. وبعد أكثر من 15 عاماً من التركيز على مكافحة التشدد الإسلامي، وضعت الولايات المتحدة الصين وروسيا في قلب استراتيجيتها الجديدة للدفاع. وطلب باتريك شاناهان، الذي سافر أمس إلى سنغافورة لإلقاء خطاب عن السياسات الرئيسية تجاه المنطقة خلال منتدى شانغريلا الدفاعي السنوي، في اليوم الأول لتوليه منصب القائم بأعمال وزير الدفاع في يناير، التركيز على «الصين ثم الصين ثم الصين». لكن تصاعد التوترات مع إيران في الشهر الماضي يمكن أن يضعف هذا التركيز، ورغم التحرك العسكري الضئيل الذي رافق هذا التصعيد، حذر مراقبون من أن استمرار التوترات فترة طويلة من شأنه التسبب في انتكاسة لهذه الاستراتيجية. وقالت مارا كارلن، المسؤولة السابقة بالبنتاغون والتي تعمل حالياً لدى معهد بروكينغز، إن «الطريقة المثلى لوأد استراتيجية الدفاع القومي وتركيزها على المنافسة على المدى الطويل والاستعداد لاحتمال نشوب صراع مع الصين وروسيا هو بدء حرب أخرى في الشرق الأوسط». وقالت كارلن إن الحرب مع إيران ليست وحدها التي ستصرف أنظار وزارة الدفاع عن استراتيجيتها، بل إن التخطيط ذاته يمكن أن يستنزف الموارد. وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن قيادة البنتاغون تستهلك الوقت في مناقشة مسألة ما يمكن أن يعنيه نشوب صراع على نطاق واسع مع إيران بالنسبة إلى التركيز على الصين وروسيا. وأضاف المسؤول أن الأمل هو أن تكون إجراءات الردع التي أخذها البنتاغون كافية لتجنب صراع كبير مع إيران. وذكر إبراهام دنمارك، النائب السابق لمساعد وزير الدفاع لشؤون شرق آسيا، أن حلفاء الولايات المتحدة في آسيا، إضافة إلى الصين، يتعاملون بحساسية شديدة مع درجة تركيز الولايات المتحدة على منطقتهم. وأضاف دنمارك، الذي يعمل حالياً في مركز وودرو ويلسون للدراسات: «إنهم يراقبون عن كثب كلامنا واستثماراتنا ونشرنا للقوات في أي منطقة خارج آسيا، يترقبون ويثيرون الشكوك حول استدامة الالتزام الأميركي تجاه آسيا». وسيأتي الخطاب المرتقب لشاناهان في وقت توترت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة المنخرطتين في سلسلة من النزاعات من أبرزها حرب تجارية واسعة النطاق وتناحر على النفوذ العسكري في المنطقة. ونفذت الولايات المتحدة، في الشهر الماضي وحده، عمليتين في بحر الصين الجنوبي وعملية عبور من مضيق تايوان وهي خطوات أثارت غضب الصين. وقال البريدج كولبي، الذي يقود تطوير البنتاغون لاستراتيجية الدفاع القومي، إن «الصين يمكنها تغيير العالم... لا نتحمل الخسارة في آسيا... آسيا هي جوهرة التاج». وتابع كولبي، الذي يعمل حاليا لدى مركز الأمن الأميركي الجديد: «لذلك يتعين علينا البقاء في الشرق الأوسط، لكن يتعين خفض الحرارة وتقليص الطلبات».
مشاركة :