واصلت، أمس، قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، سعيها لدفع القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها فائز السراج، إلى التخلي عن مواقعها الحصينة جنوب العاصمة الليبية طرابلس.ونقل خالد المحجوب، مسؤول المركز الإعلامي لعمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني، عن اللواء عبد السلام الحاسي قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية، أن العمليات العسكرية لقوات الجيش الوطني «تسير وفقاً لما هو مخطط لها، وجارٍ القضاء على الميليشيات المسلحة»، مشيراً إلى أنه يتوقع انهيار الميليشيات المسلحة في أي وقت.وكرر المحجوب في مؤتمر صحافي عقده في ساعة مبكرة من صباح أمس، عرض المشير حفتر على عناصر الميليشيات «الحصول على الأمان مقابل تسليم أنفسهم وأسلحتهم»، موضحاً أنه «رغم المعارك فإن الحياة لا تزال تسير في مدينة طرابلس بشكل طبيعي». ودعا المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى رصد اعتقال سلطات طرابلس للمئات من سكان وشباب العاصمة المؤيدين للجيش الوطني.من جانبه، أعلن العقيد محمد قنونو، الناطق الرسمي باسم قوات السراج، أن «طائرات حربية تابعة لها نفّذت ثلاث طلعات قتالية استهدفت تمركزات لقوات الجيش في الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس».ومنذ أول من أمس، بدأت قوات الجيش بأخذ زمام المبادرة بهجوم موسّع شنته في الضواحي الشرقية والجنوبية لطرابلس، وسيطرت على مناطق قريبة من مطار طرابلس الدولي. ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية عن سراج المجبري، مساعد رئيس أركان الجيش الوطني الليبي، أن قواته «حققت مكاسب في منطقة صلاح الدين، الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من وسط المدينة». موضحاً أن «مسيرة القوات نحو وسط المدينة قد تباطأت في الأسابيع الماضية لأنها لا تريد استخدام المدفعية الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان».كما تحدث سكان محليون عن اندلاع قتال عنيف على طريق استراتيجي يربط العاصمة بالمطار، الذي يسيطر عليه الجيش الوطني بالفعل.وتبعد منطقة صلاح الدين نحو 10 كيلومترات فقط عن ميدان الشهداء، أهم ميادين العاصمة طرابلس، ما يعني أن الجيش الوطني وبعد 54 يوماً من القتال قد اقترب إلى حد كبير من وسط المدينة، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع المعارك ضد قوات حكومة السراج.من جانبه، أعاد السراج خلال محادثاته مع رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات، أول من أمس، في فاليتا، تأكيد أن حكومته التي تحظى بدعم بعثة الأمم المتحدة اضطرت إلى الحرب دفاعاً عن العاصمة، «وهي عازمة على الاستمرار في مقاومة العدوان بكل قوة، وإلى أن تنسحب القوات المعتدية وتعود من حيث جاءت».وأعلن السراج بعد اللقاء أنه تم الاتفاق على تفعيل اتفاقيات التعاون الصحي بين الجانبين، بما يسهل علاج الجرحى والمصابين إثر الاعتداءات الأخيرة. كما تطرقت المحادثات إلى تنمية المشاريع الاستثمارية المشتركة، ومواصلة الاجتماعات بالخصوص، واتفق الجانبان على استئناف الرحلات الجوية التجارية بين البلدين في وقت قريب.وإلى الجانب الرسمي لزيارة السراج المفاجئة لمالطا، والتي لم يسبق الإعلان عنها، بث مواطن ليبي من مدينة طرابلس لقطات مصورة وهو يهتف بالعربية والمالطية والإنجليزية، متهماً السراج لدى خروجه من أحد اجتماعاته الرسمية في العاصمة المالطية بدعم العناصر المتطرفة والخارجة عن القانون.وقال أسامة بن زقلام، الذي تباهى بكونه أحد الداعمين للجيش الوطني وينتمي إلى سوق الجمعة بالعاصمة الليبية طرابلس، إن «الشرطة في مالطا أطلقت سراحه بعدما اعتقلته لمدة 3 ساعات للتحقيق معه بعد اتهامه بأنه صرخ في ميدان عام، وتحدث أمام موكب رئاسي».وروى بن زقلام، المقيم في مالطا منذ 24 عاماً لـ«الشرق الأوسط»، أنه خلال التحقيقات معه عن طريق قائد الشرطة في مالطا دافع عن نفسه بقوله: «أنا مجرد مواطن بسيط، يؤلمه ما يحدث في بلاده»، معتبراً أن السراج «ليس مسؤولاً ليبياً، بل هو مغتصب للسلطة، وناهب لثروات البلاد». مشدداً على أن «الميليشيات المسلحة هي التي تحمي السراج حتى خارج البلاد».إلى ذلك، أعلن مهند يونس، الناطق الرسمي باسم حكومة السراج، استقالته من منصبه، وقال في تغريدة له: «بعد أن تم اجتياز المرحلة الحرجة والخطرة بنجاح، وأثبتت الحكومة تماسكها وانتقل رجال الجيش الليبي والثوار المساندون له إلى مرحلة الهجوم، بعد دفاع لأكثر من 52 يوماً بشجاعة أسطورية، فقد تقدمت باعتذاري عن مهام الناطق الرسمي لأتفرغ لمهامي كعضو في الحكومة، شاكراً ثقة من كلّفني ومتمنياً التوفيق لخلفي».ويعد مهند ثاني متحدث باسم حكومة السراج يتقدم باستقالته من عمله، علماً بأن الناطق السابق محمد السلاك كان قد استقال هو الآخر بشكل مفاجئ أيضاً، ومن دون إعلان رسمي منذ أن بدأ القتال حول طرابلس.في سياق ذلك، أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليبيا غسان سلامة، أمس، في مقابلة مع «فرانس 24»، أن قنوات الحوار لم تقطع بينه وبين المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا.وعلق مبعوث الأمم المتحدة، على تصريح سابق لحفتر يعتبر فيه أن سلامة تحول إلى «وسيط منحاز» في النزاع الليبي، مؤكداً أنه كان مجرد سوء فهم وقد تبدد مذاك. وقال إنه «لم يتم إطلاع حفتر بشكل صحيح» على نص التقرير الأخير الذي رفعه سلامة إلى الأمين العام للأمم المتحدة. وأضاف موضحاً: «تسنى له إعادة قراءة النص، والتحقق من أن واقعي»، متابعاً أن المشير حفتر «طلب مني مواصلة وساطتي»، وموضحاً أنه لم يفكر في أي لحظة بالاستقالة من منصبه.وقال حفتر لصحيفة «لو جورنال دو ديمانش»، في وقت سابق، إن «تقسيم ليبيا، ربما هذا ما يريده خصومنا. ربما هذا ما يبتغيه غسان سلامة أيضاً... لكن طالما أنا على قيد الحياة، فلن يحدث هذا أبداً».
مشاركة :