كرّس المؤتمرون في اليوم الثاني لجلسات المؤتمر العالمي «قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة» واللقاء التاريخي لإعلان وثيقة مكة المكرمة والمنعقد في مكة المكرمة، الحديث لأهمية إرساء خطاب إسلامي معتدل لمخاطبة العالم والمحافظة على حقوق الأقليات في البلدان غير المسلمة.وأوضح العلماء والمفكرون أهمية الأفكار التي نوقشت على طاولة المحاضرين، مبينين أن السعودية سعت بشكل حثيث للمّ شمل المسلمين ونبذ الفرقة والتطرف وتكريس الخطاب المعتدل وحفظ حقوق المسلمين وإبعادهم عن طرق الغلو والإرهاب وفهم الآخر بشكل صحيح.بدوره أشار المدير العام للمركز الثقافي الإسلامي في لندن الدكتور أحمد الدبيان، إلى أن المؤتمر ينطلق في أوضاع عصيبة يعيشها العالم الإسلامي والعالم العربي وهناك انحراف فكري جرى على المنطقة كثيراً وجر عليها الويلات والمصائب والانحراف في التفكير ومهاجمة الآخر.وأوضح الدبيان أننا بحاجة إلى تصحيح المسار الفكري الذي يعيد لهذه الأمة وسطيتها وتوازنها والذي فقدته بفعل عوامل داخلية وخارجية. مفيداً بأن هناك إساءة في فهم نصوص الدين الإسلامي وفي فهم تقدير فلسفة العالم الإسلامي، ورؤية المجامع، ورؤية الأفراد داخل المجتمع، ومبدأ التعايش، وكلها أشياء يجب إدراجها في المناهج الدراسية في العالم الإسلامي.وأضاف الدبيان أن هذا المؤتمر يهدف إلى إصدار وثيقة مكة المكرمة، التي لها ميزة خاصة أنها تهم كل مسلم على وجه الأرض، وأهميتها أنها من الحرم الشريف ومن مكة المكرمة وانطلقت من رؤية خادم الحرمين الشريفين.إلى ذلك قال وزير أول الشؤون الخاصة ومستشار رئيس وزراء كمبوديا أوكنه عثمان حسن، إن المؤتمر ينطلق وسط ترحيب إسلامي واسع بدعوة السعودية والتي حرصت على لمّ شمل المسلمين من جميع أنحاء العالم، وقدمت صورة حضارية في الإعداد والترتيب.وأفاد أوكنه أن المواضيع التي تم اختيارها جاءت مناسبة لمتطلبات العصر، وحاملة معها هموم الأمة الإسلامية، وموجهة رسالة إلى كل العالم أن الإسلام دين سماحة ومحبة ولا يدعو للتطرف والإرهاب ويقدم خدماته للإنسانية بشكل حضاري رائع.وعلى هامش المؤتمر قال رئيس المجلس الإسلامي الروسي محمد صلاح الدينوف، إن جميع الأطياف والأعراق والمذاهب كلها اجتمعت في هذا المؤتمر برسالة واحدة تهدف إلى الوحدة والتلاحم والتصدي لكل التهديدات التي تهدد الدول الإسلامية وعلى رأسها السعودية، قلب العالم الإسلامي.وأوضح الدينوف أن أهمية هذا المؤتمر دفعت برئيس الشيشأن رمضان قاديروف لمشاركة العلماء والمفكرين رؤاهم وتطلعاتهم مبينا في السياق ذاته أن وحدة المسلمين يجب أن تقف ضد فرقتهم وتلاحمهم ضد تشرذمهم.وأكد الدينوف أنه ينبغي الوضع في عين الاعتبار القواسم المشتركة التي تربط المسلمين على المستويات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. مفيداً بأن حلقة الوصل بين المسلمين ودول الاتحاد السوفياتي السابق تباعدت بسبب المد الشيوعي في أوقات سابقة، وأن الوقت حان للانصهار والتلاحم بشكلٍ أفضل.وقال المرجع الديني في لبنان السيد علي الأمين، إن هذا المؤتمر يبعث برسالة إلى الأمة الإسلامية جمعاء ويدعوها إلى جمع الكلمة ونبذ الفتن وسلك طريق الوسطية والاعتدال، وهو مؤتمر دعت إليه رابطة العالم الإسلامي وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.وأضاف أن قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة أهم منهج يجمع الأمة على كلمة سواء، من أجل أن يوحّد صفوفها ويشدّ من أزرها ويبعد عنها الصراعات والنزاعات.إلى ذلك قال خطيب المسجد الأقصى الدكتور يوسف سلامة، إن الأمة الإسلامية تحتاج إلى لمّ شملها وتوحيد صفها، فكانت دعوة العاهل السعودي لقمم مكة كإعادة الحياة لهذه الأجساد من المحيط إلى الخليج والتي تمتلك إمكانات كبيرة وما إن تتحدّ فلن يستطيع أحد النيل منها مطلقاً.وأفاد سلامة بأن المسجد الأقصى يعد قضية الأمة الإسلامية الكبيرة وظل في قلب ووجدان جميع المسلمين، وهذا المؤتمر يؤلف القلوب وينهض بالعزائم ويقدم صورة حضارية لواقع المسلمين المعتدلين الذين يدعون للسلم والمحبة.بدوره قال مفتي بلغاريا مصطفى حاجي، إن مؤتمر الوسطية والاعتدال شكّل منعطفاً مهماً في تاريخ المؤتمرات التي عُقدت في الفترة السابقة، موضحاً أن الأمة الإسلامية تمر بظروف قاسية وهي بحاجة إلى أن تتوحد ضد كل المهددات التي تعصف بالمنطقة.وأوضح حاجي أن أهم التحديات التي يجب إنهاؤها هي إذابة الخلافات ولمّ الصف وتجسير التواصل مع الآخر بالإضافة إلى تقوية أواصر المحبة بين المسلمين أنفسهم ونبذ التطرف ومحاربة الفهم الخاطئ للإسلام. مفيداً بأهمية إعادة تعريف القيم الوسطية للشريعة وفهم مقاصدها، وهو ما قامت به الحكومة السعودية في جمع هذا الكم الهائل من العلماء والمفكرين والوزراء والرؤساء على طاولة واحدة.أما رئيس الجامعة الوسطية في نيبال شميم محمد، فأوضح أن الأوراق والأفكار التي تم طرحها في المؤتمر كفيلة بإحداث التغيير والتفكير جدياً في الواقع الإسلامي المعاصر والذي يعاني من تحديات كبيرة في فهم الآخر والتعامل معه وتغليب بعض الآراء المتطرفة التي تقدم نفسها على أنها صاحبة الرأي الأوحد والأصح.بدوره قال رئيس المجلس الأعلى الإندونيسي للدعوة إلى الإسلام محمد صديق: «إننا حضرنا من كل أنحاء العالم لتكريس قيم الوسطية وإحداث التغيير في كل العالم الإسلامي نحو الأفضل، وتدعيم الأركان والأصوات التي تنادي بالسلام وتعالج الخطاب التشنجي الذي تظهره الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تقدم نفسها على أنها تمثل الإسلام، وهي لا تعكس سماحته وقيمه الأصيلة».وأفاد صديق بأن المسلمين بحاجة ماسّة إلى إعادة دراسة دينهم بالشكل الصحيح كما أُنزل ديناً وسطياً، بعيداً عن الغلو والكراهية، دين المحبة والاعتدال والقيم الأصيلة التي أسهمت في نشر الإسلام في كل قارات العالم.
مشاركة :