الشارقة: «الخليج» تحتضن ساحة الخط في قلب الشارقة مجموعة من المشاريع والأعمال الفنية التي قامت بتقييمها الفنانة زوي بُت، تحت عنوان «رحلة تتخطى المسار» ضمن بينالي الشارقة 14، وتعرض هذه الأعمال في كل من متحف الشارقة للخط، وبيوت الخطاطين، ومركز الشارقة للخط العربي والزخرفة، وبيت الخزف، وجمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة. «التنين الملك على صخرة الكبرياء الناعسة» هو عمل الفنانة أناوانا هالوبا الذي تستكشف فيه حضور الصين في إفريقيا، وأثر ذلك في حياة عامة السكان في زامبيا على وجه التحديد، حيث أسهمت الصين من خلال إنشاء سكة تازارا الحديدية في تشكيل جبهة موحدة لحماية سيادة إفريقيا. ويعتبر هذا المشروع الذي أنجز بين عامي 1968 و 1975 أول مشاريع الصين وأكبرها في مجال البنى التحتية في إفريقيا، واصلاً زامبيا التي تفتقر إلى أي منفذ بحري، وتم النظر إلى سكة تازارا الحديدية إفريقياً بوصفها خطوة مناهضة لنظام التمييز العنصري، ورمزاً للحرية، وفعل مقاومة ضد قوى الاستعمار. ويستند عمل الفنان شو تشن «مجاعة السودان» إلى الصورة الحائزة على جائزة بوليتزر لعام 1994 للمصور الجنوب إفريقي كيفن كارتر، والملتقطة لنسر يتربص بطفلة سودانية جائعة. في البداية، حظيت صورة كارتر بالثناء، لكن بعد فترة وجيزة، أثارت جدلاً عالمياً بشأن المعايير الأخلاقية للتصوير الصحفي، وتساءل كثر كيف له أن يغادر المكان من دون معرفة مصير الطفلة. وانتهى المطاف بكارتر منتحراً بعد مواجهته إدانة قاسية على فشله في مساعدة الطفلة التي حصد من خلالها الكثير من الشهرة، والأضواء. ويتكون عمل تشين من صور فوتوغرافية وفيديو، ويحاول معاينة القيم الإنسانية العالمية، والتعاطف البشري وحدوده الأخلاقية. فيما يبحث الفنان أنتاريكسا في عمله «الرفاهية التعاونية» عن الفنانين اليابانيين الذين تم إرسالهم إلى ساحات القتال لإنشاء صور في الحرب الصينية اليابانية الأولى (1894-1895) والحرب الروسية اليابانية بعد عشر سنوات، واستمرار هذه الممارسة على نطاق غير مسبوق في ثلاثينات وأوائل أربعينات القرن العشرين، عندما جنّد الجيش مئات الفنانين للعمل في وزارة الدعاية «سيندنبو»، بما في ذلك عدد كبير من الفنانين والمثقفين الإندونيسيين البارزين، حيث تم عرض أعمالهم عن الحرب في المعارض اليابانية التي جذبت أعداداً كبيرة من الزوار، وحضرها حتى الإمبراطور نفسه، وتم تضخيم قيمة الدعاية لأعمالهم بشكل أكبر من خلال نسخها في وسائل الإعلام الجماهيرية. ويسعى الفنان أحمد فؤاد عثمان في عمله «إنريكي من إقليم ملقا.. مشروع تذكاري» لإعادة بناء شخصية مفقودة وأرشيف ضائع حول هوية رجل تحتفي به حالياً كل من ماليزيا وإندونيسيا والفلبين، مستنداً إلى أدلة تاريخية ومقابلات أكاديمية وتسجيلات شفاهية. اكتشف عثمان شخصية إنريكي من ملقا في رواية صدرت عام 1985 للكاتب هارون أمين أوراسيد، واطلع الفنان من خلالها على حكاية مغايرة عن أول رجل أبحر حول العالم، ورغم أن هذا الإنجاز عادة ما يتم نسبه إلى المستكشف البرتغالي فرناندو ماجلان، لكن العالم الفينيسي أنطونيو بيجافيتا الذي رافق ماجلان في رحلته هذه دوّن وفاته المبكرة خلال صراع مسلح في جزيرة ماكتان في تاريخ 27 إبريل/ نيسان 1521. وبناءً على ذلك، فإن ماجلان لم يكمل قط رحلة إبحاره حول العالم. وكان إنريكي مرافقاً لماجلان في هذه الرحلة بعد أن أسره الأخير واتخذه عبداً عام 1511، وتم التحقق من هذه الحقيقة من خلال وصية المستكشف الأخيرة، وشهادته التي من خلالها وهب العبد حريته عقب موته، لكن ما حل بإنريكي في ماكتان بقي غير معروف، ويشكل غياب حقائق موثقة حول هذا الأمر إرثاً أسطورياً تاريخياً بما يتعلق بهويته، وولائه، وسمعته. ويطرح عثمان أسئلة عدة حول إنريكي، ومدى استحقاقه للقب أول إنسان يدور حول الأرض، ومن خلال تطوير سرد مستند إلى مصادر مأخوذة من مناطق جغرافية متداخلة تاريخياً وثقافياً، يتساءل الفنان حول الطريقة التي تتم فيها كتابة التاريخ، ليس هذا فحسب، وإنما أيضاً عن الجهة التي تحدد قيمة ما يحفظه التاريخ.
مشاركة :