كما يقال هناك ثلاث عائلات يهودية استطاعت خلال ثلاثة قرون خلت التحكم في عالم المال في قارة أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، فهذه العائلات سيطرت بطريقة مباشرة وبشكل مؤثر على عالم المال واستطاعت أن تستولي على 90% من دخل شعوب بلدان هذه القارة وغيرها من دول الغرب، كما استطاعت استخدام الأوروبيين كحصان طروادة للاستيلاء على مقدرات العالم وخاصة العالم النامي الذي يدخل من ضمنه منطقة الشرق الأوسط وبطبيعة الحال دول العالم العربي. وللتدليل على ما لهذه العائلات من مؤثرات في سيطرتها على الشأن المالي العالمي فإنها أصبحت تملك بيوت معظم الناس في أوروبا وأمريكا، وتهدد بطردهم إن لم يدفعوا القروض بفوائدها بعد أن استخدمت حكام الغرب ليقنعوا شعوبهم بالاقتراض من البنوك برهن عقاراتهم من أجل استثمار أموالهم في البورصات المنتشرة في بلدانهم، ما يمكن يهود هذه البورصات من لعب دورهم في خسارة شعوب الغرب لأموالهم في البورصات، ثم يأتي دور البنوك المقرضة لتطالب هذه الفئات بتسديد ما عليهم من قروض وفوائد، فإذا ما استصعب الأمر على المقترضين تم طردهم إلى الشارع، وما يُشاهد في العالم من احتجاجات قائمة في الغرب إلا بداية ثورة على البنوك الجشعة التي تمتلك معظم أسهمها ثلاث عائلات يهودية هي روتشيلد، وروكفلر، ومورجان، وهي تمتلك مالا يقل عن 90% من أسهم البنوك المركزية في أغنى دول العالم أمريكا وأوروبا، ما يجعلها صاحبة الحق في طباعة العملات الورقية لهذه الدول. في مقالين قصيرين سنتكلم عن هذه العائلات الثلاث كل على حدة، لنعطي التصور الواقعي على مدى تأثير هذه العائلات على مجمل الاقتصاد العالمي للدول الكبرى باعتبارهم أباطرة المال وصناع القرار داخل كواليس حكومات هذه الدول الكبرى، ولنبدأ بأكبر وأعرق هذه العائلات وهي عائلة روتشيلد. عائلة روتشيلد هي عائلة يهودية ثرية تنحدر من ماير أمشيل روتشيلد (1744-1812) وكان هذا الرجل عامل محكمة لدى لاندغريغر هيس كاسل الألماني في مدينة فرانكفورت، وقد أسس أعماله المصرفية عام 1760م، واستطاع هذا الرجل أن يورث ثروته لأبنائه الخمسة بعد أن أنشأ عائلة مصرفية دولية تولى إدارتها الأبناء، عندما أسسوا لأنفسهم في مدن مثل لندن وباريس وفرانكفورت وفيينا ونابولي قواعد مصرفية ثابتة ارتقت بالأسرة إلى المرتبة النبيلة في الإمبراطورية الرومانية المقدسة وكذلك في المملكة المتحدة. وخلال القرن التاسع عشر استطاعت هذه العائلة أن تملك أكبر ثروة جمعتها في العالم وخاصة في تاريخ العالم الحديث، وتم توزيع ثروة العائلة بين مختلف الأحفاد ما جعل اهتمامهم وخدماتهم تغطى مجالات متنوعة ومتعددة يأتي من ضمنها الخدمات المالية، والعقارات، والتعدين، والطاقة، والزراعة المختلطة، وصنع النبيذ، والمنظمات غير الربحية. أول شخص في العائلة التصق به اسم العائلة «روتشيلد» هو إزاك الشتان روتشيلد المولود سنة 1577. وهذا الاسم مشتق من اللغة الألمانية ويعني الدرع الأحمر في إشارة إلى المنزل الذي عاشت فيه الأسرة عدة أجيال، حيث كانت المنازل في ذلك الوقت لا تحمل أرقاما بل علامات في شكل رموز وألوان مختلفة تدل على ساكنيها، وقد بدأ صعود الأسرة يأخذ مكانه في الصدارة الدولية عام 1744م بولادة ماير أمشيل روتشيلد في حي اليهود في مدينة فرانكفورت بألمانيا، وكان الأب أمشيل موسى روتشيلد المولود سنة 1710م قد قام بإنشاء صرافة للتداول المالي مع أمير منطقة هيس بألمانيا. اعتمدت العائلة في تطوير أعمالها على ابنها ماير أمشيل روتشيلد عندما قام بتطوير مالية العائلة ونشر إمبراطوريتها عن طريق تثبيت كل أبنائه الخمسة في المراكز المالية الأوروبية الرئيسية الخمسة لممارسة الأعمال التجارية. ويقال إن معطف روتشيلد كان يحتوي على قبضة مثبتة فيها خمسة سهام ترمز إلى السلالات الخمس التي أنشأها أبناء ماير روتشيلد، وإشارة إلى العبارة رقم 127 التي وردت في المزمور التي تقول: «مثل السهام في ايدي محارب، وكذلك أطفال شباب المرء» وُيظْهر شعار العائلة أسفل الدرع ثلاث كلمات هي: كونكورديا، وانتريتريتاس، وإندوستريا وتعني (الوحدة، النزاهة، الصناعة). نجح مايرو روتشيلد في الحفاظ على ثروة العائلة من خلال الزيجات المدبرة بعناية، فغالبا ما تكون الزيجات بين أبناء العمومة الأولى أو الثانية على غرار التزاوج بين أفراد العائلات المالكة، ولكن بحلول أواخر القرن التاسع عشر بدأ روتشيلد في تزويج أفراد العائلة من خارج الأسرة الكبيرة ولكن في حدود الطبقات الارستقراطية أو السلالات المالية الأخرى الموجودة في المدن الأوروبية كفرانكفورت، وفيينا، ولندن، ونابولي، وباريس. امتلك روتشيلد ثروة حقيقية وكبيرة قبل بدء الحروب النابولية (1803-1815) وقد اكتسبت العائلة مكانة بارزة في تجارة السبائك الثمينة في هذه الفترة، وفي الفترة من عام 1813م إلى عام 1815م قام ناثان ابن ماير روتشيلد بنشاط فعّال في تمويل الجهود الحربية البريطانية، وتنظيم شحنات السبائك إلى الجيوش في جميع أنحاء أوروبا، بالإضافة إلى ترتيب دفع الإعانات المالية البريطانية إلى بعض الحلفاء، كما قدمت عائلة روتشيلد قروضا مالية لدعم حلفاء بريطانيا في القارة الأوروبية. كانت عائلة روتشيلد رائدة في التمويل الدولي العالي، والأعمال المصرفية وخاصة خلال مرحلة التصنيع في أوروبا، وكان لها دور فعّال في دعم أنظمة السكك الحديدية في جميع أنحاء العالم، وفي التمويل الحكومي المعقد لمشاريع كبيرة مثل مشروع قناة السويس خلال القرن التاسع عشر، واشترت الأسرة نسبة كبيرة من الممتلكات في منطقة ماي فير بلندن، كما أسهمت العائلة بصورة مباشرة في استقلال البرازيل عن البرتغال في أوائل القرن التاسع عشر وفقا لاتفاق يلزم الحكومة البرازيلية بدفع تعويض قدرة مليونا جنيه استرليني إلى مملكة البرتغال لقبول استقلال البرازيل، وقال أحد الكتاب البريطانيين متحدثا عن تأثير عائلة روتشيلد على التمويل الدولي العالمي: «إن العائلة هي أعجوبة من عجائب الأعمال المصرفية الحديثة، نرى أحفاد يهوذا بعد اضطهاد دام ألفي عام يطلون من فوق على رؤوس الحكام، ويرتفعون أكثر من الأباطرة، ويحتلون قارة بأكملها بين أيديهم، فالعائلة تحكم العالم المسيحي، لا تنتقل الحكومة من دون مشورتهم، فهي تأخذ بيدهم بسهولة متساوية، من بيترسبيرغ إلى فيينا، ومن فيينا إلى باريس، ومن باريس إلى لندن، ومن لندن إلى واشنطن، هذا هو ملك يهوذا الحقيقي يحمل مفاتيح السلام أو الحرب، هم السماسرة والمستشارون لملوك أوروبا، والزعماء الجمهوريون لأمريكا». كان العديد من أفراد عائلة روتشيلد من مؤيدي الصهيونية، ولكن كان بعض أفراد هذه العائلة يعارضون إنشاء الدولة اليهودية، وفي عام 1917م، كان والتر روتشيلد أحد أبناء العائلة وهو البارون الثاني لعائلة روتشيلد من تسلم إعلان وعد بلفور المتعلق بالالتزام بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين والذي التزمت به الحكومة البريطانية للشعب اليهودي، والغريب أن ابن والتر المدعو فيكتور كان يعارض منح اللجوء أو مساعدة اللاجئين اليهود عام 1938م. وكان البارون إدموند جيمس دي روتشيلد الابن الأصغر لجيمس يعقوب دي روتشيلد راعي أول مستوطنة إسرائيلية في فلسطين في ريشون لستيون، واشترى من أصحاب الأراضي العثمانيين أجزاء من الأرض لجعلها جزءا من إسرائيل الحالية، والابن نفسه عام 1924م أسس جمعية الاستعمار اليهودي الفلسطيني (PICA) التي استحوذت على أكثر من 125 ألف فدان من الأراضي الفلسطينية بهدف إقامة مشاريع تجارية عليها تخدم الإسرائيليين، وقد سميت الكثير من المشاريع الإسرائيلية باسم عائلة روتشيلد، هذا غير الدور المهم الذي لعبته عائلة روتشيلد في تمويل البنية التحتية للحكومة الإسرائيلية قبل وبعد قيامها، كما قامت العائلة بتمويل مبنى الكنيست كهدية لدولة إسرائيل، والتبرع بمبنى المحكمة العليا لإسرائيل. وفي مقابلة أجرتها صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عام 2010م، أخبر البارون بنيامين روتشيلد وهو عضو في العائلة المصرفية ومقرها سويسرا، أنه يدعم عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية وقال: «أنا أفهم انها عملية معقدة، ويرجع ذلك أساسا إلى المتعصبين والمتطرفين، وأنا اتحدث عن كلا الجانبين، أعتقد أن لدينا متعصبين في إسرائيل، وبشكل عام أنا لست على اتصال بالسياسيين، لقد تحدثت مرة واحدة مع نتنياهو، والتقيت مرة بوزير مالية إسرائيل، ولكن كلما قل الاختلاط بالسياسيين شعرت بأفضل في ذلك»، وكان البارون بنيامين يرفض زيارة إسرائيل بسبب نزاع مع سلطات الضرائب الإسرائيلية، لكن زوجته أريان دي روتشيلد غالبا ما تزور إسرائيل حيث إنها تدير مؤسسة قيصرية، وتقول: «إن إهانة الدولة الإسرائيلية تلقي بظلال من الشك علينا، إذا كانت هناك أسرة لا يتعين عليها أن تثبت التزامها بإسرائيل، فهي عائلتنا». https://halbinfalah.wordpress.com
مشاركة :