سوريا و الهروب من ذل الوطن إلى ذل الغربة

  • 5/31/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الإعلامية ندى الكيلانياجتاحت أوروبا منذ حوالي خمس سنوات إبان الثورة السورية موجة لجوء إنساني كبيرة و انتشر على إثرها أعداد كبيرة من السوريين في بلاد أوروبية متنوعة منها ألمانيا هولندا السويد النرويج و النمسا.كان هؤلاء الشباب و العائلات يلجؤون إلى هذه البلاد هرباً من ظلم كبير طالهم في عقر دارهم هرباً من الجوع و العوز و الخوف و انعدام الحياة المستقرة و نقصان سبل العيش الكريم.فقدوا كل مالديهم من منازل كانوا يحتمون تحت سقفها مع أنها كانت باردة و مظلمة بسبب انعدام الكهرباء و موحشة و مخيفة بسبب الخراب الذي حولها و حتى كانت خالية من الغذاء والدواء.لكنهم بعد ما فقدوا حتى هذه المنازل التي لم تكن سوى احتمالا للمر كي لا يحدث الأمر وجدوا نفسهم أمام خيار وحيد لا بديل غيره و هو الهروب و الرحيل إلى غير أرض إلى غير وطن إلى غير سماء إلى غير ثقافة إلى غير لغة.ظنوا أنهم سينجون من ذل وطنهم لهم و من خيبة أملهم و انكسارهم و عجزهم إلى بلاد الأمان و الإنسانية و الحرية كما كانوا دائما يدعون ذلك.لكن للأسف هذا ما ظنوه و حسب إنما كانت الحقيقة غير ذلك و الصدمة كانت أقوى و أعنف مما توقعوا.فكانت أول صعوبات وقفت في وجههم صعوبة التأقلم مع أناس لا يشبهونهم بشيء لا بالقيم و لا بالعادات و لا بالثقافة و لا باللغة و لا بأي شيء.و رغم ذلك لم يستسلموا فقد كانت بالنسبة لهم هذه القشة الأخيرة التي لم يبق سواها و يحدث الغرق و ينتهي كل شيء.حاولوا تعلم هذه اللغة و حاولوا الاندماج معهم و التأقلم مع جميع عاداتهم و احترام و تقبل كل الاختلافات بينهم.معتقدين أنهم سيستطيعون كسر هذا الجمود و الحائط الجليدي بين شعبين مختلفين و بعيدين كل البعد عن بعضهما البعض.و نجح معظمهم بهذا و بدأو بتعلم هذه اللغة رغم صعوبتها خاصة أن بعضهم كبار في السن و قسم منهم أيضا غير متعلم لكنهم أثبتوا لأنفسهم أنهم يستحقون الحياة و يستحقون الأمل و اجتازوا مرحلة التعلم و بدأو بالبحث عن عمل مناسب لهم لكي ينخرطوا في جو هذه البلاد و يصبحوا من أهلها و هنا كانت الصدمة......هذه البلاد الأوربية لم تأت بهم لدعمهم إنسانيا و اجتماعياً و نفسياً كما ظنوا... ولم تأت بهم لكي تعطيهم فرصة أخرى للحياة الكريمة التي سلبو منها..... ولم تأت بهم لأنهم احسوا بهم و بما حل فيهم من خراب و ضياع.....لا كل هذا لم يكن من الأسباب وراء استقبالهم.... إنهم بكل بساطة يريدون أن يأتوا بعمال أجانب من غير مواطنيهم لكي يقوموا بالأعمال التي لا يقبل مواطنيهم العمل بها و هم يريدون منهم أن يعملو بها هي فقط من دون حتى مراعاة مستويات الثقافة بينهم فكثير من هؤلاء اللاجئين يمتلكون شهادات جامعية و من غير المقبول و لا المنطقي أن يقبلو هكذا أعمال.و لكنهم يجبروهم على العمل فيها مع العلم أن هذه الأعمال أو المهن كما يسمونها لا ترقى لمرتبة الأعمال أو من الممكن أن تكون مناسبة لغير المتعلمين فقط اللذين لا يمتلكون شهادات. والأكثر من ذلك أنهم يجبرون حتى النساء على هذه الأعمال غير مكترثين أبدا بكرامتهن و قدراتهن و انوثتهن.ساذكر مثالاً عن هذه الأعمال لتوضيح الصورة ( نادل في مطعم، عامل لنقل بضائع بكميات كبيرة، رعاية مسنين، قطع الأخشاب، لم محصول الأشجار، عامل نظافة، تنظيف المكاتب و الحمامات في الوظائف الحكومية) وغيرها من الأعمال التي من المستحيل أن تناسب هؤلاء الشباب المثقفين المتعلمين و لكن جريمتهم كانت فقط أن اسمهم و لقبهم في هذه البلاد (( لاجئين)) و حتى النساء لم تستثنى من ذلك.و هكذا وجد هؤلاء الهاربين أنهم انتقلوا فقط من ذل الوطن إلى ذل الغريب و انعدمت الحلول و ضاع الوطن و خابت الظنون و لم يبق سوى الحنين........

مشاركة :