عند الحديث عن أبرز إنجازات مملكة البحرين التعليمية خلال السنوات الأخيرة، لا يمكننا تجاوز تجربتها الرائدة في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة القابلين للتعلم في المدارس الحكومية، والتي حققت نجاحًا كبيرًا في استيعاب فئات عديدة من هؤلاء الأبناء، بعد توفير الخدمات التربوية والتعليمية الملائمة لظروفهم واحتياجاتهم المختلفة، وذلك بجهود جديرة بالتقدير والإشادة من وزارة التربية والتعليم، وبدعم ومساندة من قيادة البلاد.متطلبات النجاحوكما هو الحال مع جميع قصص النجاح المشرّفة التي لم يكن لها لتتحقق من دون توفير جميع متطلبات التميز والبروز، حرصت الوزارة قبل الشروع في تجربة الدمج على توفير كل متطلبات نجاحها، ومن ضمنها استقطاب الكوادر التربوية المؤهلة للتعامل مع مختلف الفئات، وتوفير مناهج دراسية خاصة وأدوات وبرامج تعليمية متطورة بالتعاون مع بيوت خبرة دولية، مع تطوير البنية التعليمية الأساسية بإنشاء صفوف خاصة لهؤلاء الأبناء، وإضافة مرافق وأدوات مساندة لهم في الفضاء المدرسي، ومراعاتهم في الامتحانات والتقويم، وتخصيص معلم لكل طالب في بعض الحالات، إضافة إلى توفير خدمة المواصلات المجانية لهم عبر حافلات بمواصفات خاصة، وتخصيص بعثات دراسية لهم بغضّ النظر عن معدلاتهم في الثانوية العامة.توسّع تدريجيويومًا بعد يوم كانت هذه التجربة التربوية الإنسانية تواصل تألقها وتطورها في الميدان التربوي، حتى ارتفع عدد مدارس الدمج الحكومية خلال العام الدراسي الحالي إلى 81 مدرسة موزّعة على مختلف المحافظات، تحتضن المئات من الطلبة من فئات الإعاقة الذهنية البسيطة ومتلازمة داون، واضطراب التوحد، والصم، إضافة إلى احتضان العديد من المدارس لذوي الإعاقات البصرية والسمعية والجسدية، وذوي صعوبات التعلم أو بطء التعلم، إضافة إلى مرضى السرطان والسكلر الذين صنفتهم الوزارة ضمن الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، ووفرت لهم جميع الخدمات المعينة لهم على إكمال دراستهم.خطوة تطويريةوفي إطار جهود الوزارة لتطوير تجربتها في دمج هذه الشريحة من الأبناء بمختلف فئاتهم، أعلن الدكتور ماجد بن علي النعيمي وزير التربية والتعليم مؤخرًا أنه بناءً على نجاح تجربة دمج طلبة التوحد في المدارس الابتدائية، سيتم خلال العام الدراسي المقبل تطبيق هذه التجربة في المدارس الإعدادية.وبناءً على هذا القرار، ستتاح الفرصة للطلبة ذوي اضطراب التوحد لاستكمال الدراسة النظامية في التعليم الإعدادي، والحصول على خدمات تربوية وتعليمية متطورة في مدارس الدمج بعد إنهائهم المرحلة الابتدائية بنجاح. واستعدادًا لهذه الخطوة الجديدة، سيتم تهيئة المدارس الإعدادية بجميع المتطلبات اللازمة، بما في ذلك الكوادر المؤهلة والصفوف الخاصة، والبرامج التربوية والتعليمية المناسبة، مع عقد اللقاءات التعريفية مع الهيئات الإدارية والتعليمية بشأن هذه التجربة التربوية الجديدة.وقد أعلنت الوزارة بدء تطبيق هذه التجربة في مدرسة إعدادية واحدة خلال العام المقبل، مع التوسّع في هذا التوجّه تدريجيًا، إضافة إلى افتتاح صفين آخرين لطلبة التوحد في المدارس الابتدائية، بما يرفع إجمالي عدد مدارس الدمج إلى 84 مدرسة.تقدير مستحقما قدمته مملكة البحرين ولا تزال من جهود بارزة في مجال دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم، كان محطّ تقدير وإشادة العديد من الخبراء والمنظمات الدولية المختصة، وفي مقدمتها منظمة «اليونسكو» التي صنفت المملكة ضمن الدول ذات الأداء العالي والمتميز في توفير التعليم للجميع، وهذا إنجاز بحريني مشرّف على الصعيد العالمي، ونتطلع إلى مواصلة الجهود لتحقيق المزيد من التفوق لمملكتنا العزيزة في هذا الحقل التربوي والتعليمي الذي يُعد ركيزة أساسية للتنمية.
مشاركة :