القاهرة تلجأ إلى ألمانيا لترتيب فوضى المناطق الصناعية

  • 6/1/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

وقعت الحكومة المصرية اتفاقا مع شركة سيمنز الألمانية بهدف تحسين القدرات التنافسية للصناعة وتدشين مناطق ذكية. وتأتي الخطوة بعد زيارة وفد ضم مسؤولين من وزارتي التجارة والصناعة والتربية والتعليم والتعليم الفني لمدن ألمانية للتعرف على التجربة عن قرب، والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتطويعه بما يناسب أجواء مصر. وتقوم التجربة على تدشين مناطق صناعية متخصصة في كل مقاطعة بالاعتماد على مواردها، فضلا عن تناغم المناطق الصناعية مع مخرجات التعليم، واستخدام أفضل طرق التكنولوجيا في حل المشكلات بعيدا عن التدخل البشري. ويرتكز الاتفاق على 5 محاور، تشمل تطوير البنية التحتية والتحول الرقمي في المناطق الصناعية، وتقديم الدعم للمصانع في ما يخص دعم وكفاءة الطاقة وحلول التشغيل الآلي، بالإضافة إلى تطوير مصنعي الآلات المحليين، ورفع القدرات التدريبية وتطوير التعليم الفني والمهني، ودعم وتوفير الخدمات التمويلية اللازمة للصناعة.يتجاوز عدد المناطق الصناعية في مصر نحو 121 منطقة صناعية، تعاني جميعها من مشكلات لا حصر لها، وباتت عقبة أمام المناخ العام للاستثمار. وحاولت القاهرة تفادي المشكلات التي تعج بها هذه المناطق في المخطط العام للمنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس، وأعلنت من اللحظة الأولى أن جميع المرافق والبنية الأساسية لهذا المشروع تم تصميمهما بطريقة ذكية. ولم تجد القاهرة بدا من السير في هذا الدرب للحفاظ على الاستثمارات القائمة بعد تفوق الدول المجاورة في تأسيس المناطق الصناعية الذكية، خاصة الفورة التي تشهدها المناطق الصناعية في الإمارات. وقال هشام كمال، رئيس جمعية مستثمري الألف مصنع في القاهرة الجديدة، لـ”العرب” إن “وضع الصناعة المصرية بات صعبا بسبب تردي الخدمات في المناطق الصناعية والتي لا تتلاءم مع الفورة الاستثمارية في البنية التحية”. وأضاف “إذا كانت وزارة الصناعة ترغب في تطوير المناطق الصناعية، فعليها تعميم الرقمنة مع جميع الأطراف التي تتعامل مع المستثمرين”. وانتهت القاهرة من المشروع القومي للطرق الذي أضاف نحو 3400 كيلومتر إلى شبكة الطرق، وربط بين مختلف المدن الصناعية والتجارية في البلاد. ويصعب تحويل المناطق الصناعية إلى مناطق ذكية لأنه لم يتم التحول إلى التعامل الإلكتروني بالكامل إلا في بعض المعاملات المالية، ولا تزال البيروقراطية مستمرة في الملفات التي تهم المستثمرين وفي مقدمتها التأمينات الاجتماعية والمياه والكهرباء. ويعتقد الخبير أن التجربة الألمانية ستغير وجه الاستثمار في البلاد، إذا تم تطبيقها بشكل صحيح ودقيق، دون إجراء تعديلات عليها. ولا تعرف مصر المناطق الصناعية المتخصصة، ولديها تجربة تسير ببطء لتأسيس أول منطقة متخصصة في صناعة الجلود، والمعروفة باسم “الروبيكي” وتقع في مدينة بدر غرب القاهرة بنحو 46 كيلومترا. ورغم تلقي القاهرة منحا لتأسيس المنطقة حال عدم تأهيلها بالمرافق الأساسية دون نجاح عملية نقل المدابغ القابعة وسط المساكن في منطقة مصر القديمة إلى مدينة الجلود الجديدة. وشكك العديد من المستثمرين في نجاح هذه التجربة، فأهم المقومات، حسب رأيهم، أنها حالة متكاملة، وليست مجرد تطوير فقط، ويميل إلى هذا الاتجاه أحمد الشامي، عضو جمعية مستثمري السويس. وقال لـ”العرب” إنه “لا توجد إرادة واضحة لدى المسؤولين، حيث كان من المقرر تفعيلها في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منذ عام 2016 ولم يتحقق حتى الآن”. وأكد أن البنية الأساسية لقطاع الاتصالات تقليدية ولم تشهد تطورا يشجع على تفعيل التحول الرقمي في البلاد، كما أن العمالة غير مدربة على استخدام التكنولوجيا.ولم يتم التفكير في إعادة تأهيل الأفراد الذين سيتم الاستغناء عنهم، ويعملون في القطاع الحكومي، بعد الاعتماد على التكنولوجيا في حل المشكلات. وترى فئة من المستثمرين ضرورة تأسيس مناطق صناعية ذكية جديدة، مع وضع حلول للمناطق الصناعية القائمة التي لا تتواكب بنيتها الأساسية مع المتغيرات الرقمية الجديدة. وأشار سمير عارف، رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، إلى أن التحول الرقمي يقضي على الروتين والبيروقراطية التي يعاني منها المستثمرون، لكن عدم توافر آليات ذلك التحول يقف عائقا أمام تفعيله. وقال لـ”العرب” إن “مصر بحاجة إلى مناطق صناعية ذكية تعتمد بشكل كبير على الطاقة الشمسية، ورقمنة جميع الخدمات، وإجراءات التراخيص وحل المشكلات”. وتبدو مصر في حاجة إلى مثل هذه المناطق لاختصار الإجراءات، بعد وضعها في مركز متأخر في تقرير مناخ الأعمال، حيث حلت العام الماضي في المركز 128 ضمن قائمة تضم 190 دولة. ومنح التقرير القاهرة تصنيفا سيئا في بند تسجيل الملكية، وحصلت على 7 درجات من 30 في مؤشر جودة إدارة الأراضي إلى جانب إجراءات التسجيل والتي تصل لنحو 75 يوما. وتؤكد هذه المؤشرات ضرورة مواجهة القاهرة لحلقات البيروقراطية عبر رقمنة جميع الخدمات المقدمة للمستثمرين، وعدم قصرها على تأسيس الشركات، كما هو معمول به حاليا. ويمكن للمستثمر أن يؤسس شركته في مصر من خلال الإنترنت، لكنه يواجه صعوبات لا حصر لها من أجل الحصول على تراخيص تشغيل المصنع ومزاولة النشاط. وربط مجدي شرارة، رئيس لجنة الصناعات الصغيرة والمتوسطة بجمعية مستثمري العاشر من رمضان، بين التجربة الألمانية والصعوبات التي واجهت وزارة التربية في تطبيق أول تحول رقمي في امتحانات الثانوية العامة. وباءت المحاولة بفشل أدى إلى إلغاء نظام الامتحانات من خلال الأجهزة اللوحية “تابلت” في بعض المواد الدراسية والعودة إلى النظام الورقي. وقال لـ”العرب” إن “هذا نموذج عملي عن عدم الاستعداد للتحول الرقمي، ما يستلزم تأهيل المناخ وبنية الاتصالات قبل أن يتم تعميم تطبيق التجربة وتفشل في القاهرة”.

مشاركة :