كرّمت جامعة هارفارد الأمريكية المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وأثنت على سياسة الهجرة التي اتبعتها في عام 2015، وخصوصاً على مقولتها "سننجز ذلك". فماذا أنجزت ألمانيا حتى الآن فيما يتعلق بالهجرة واللجوء؟ وماذا أستفادت؟ "سننجز ذلك"، عبارة قالتها ميركل قبل ثلاثة أعوام وتسعة أشهر بالضبط، في إشارة إلى قدرة ألمانيا على استيعاب حوالي مليون لاجئ تدفقوا إليها في عام 2015. هذه العبارة جلبت سيلاً من الانتقادات الداخلية والأوروبية للمستشارة ولسياسة "الأبواب المفتوحة" التي انتهجتها في التعامل مع أزمة اللجوء. لكن العبارة نفسها هي التي أثنت عليها أرقى جامعة أمريكية وهي تكرّم المستشارة الألمانية. فقد منحت جامعة هارفارد الأمريكية ميركل الدكتوراه الفخرية، وذلك في حفل تخرج طلابها الذي شارك فيه 20 ألف شخص. وألقت ميركل كلمة في الحفل وجهت فيها بعض النصائح للطلاب بناء على تجربتها الشخصية. وأكدت ميركل في كلمتها على ضرورة "هدم الجدران" ليستطيع المرء أن "ينجز كل شيء"، في إشارة إلى سياسة إغلاق الحدود التي يتبعها ترامب، وسياسة الأبواب المفتوحة التي اتبعتها هي. وبحسب القناة الألمانية الأولى فإن جامعة هارفارد أثنت على شعار "سننجز ذلك" الذي قالته ميركل في عام 2015. ونقلت القناة عن الجامعة قولها إن "قرار ميركل بالسماح لعدد كبير من اللاجئين والمهاجرين بدخول البلاد أظهر إرادتها بالالتزام بما هو صحيح، حتى ولو كان ذلك غير شعبياً". ميركل تتحدث مع رئيس جامعة هارفارد لاري باكو ففي وقت أغلقت فيه بعض الدول الأوروبية بوجه اللاجئين، قررت ميركل استقبالهم، رغم أعدادهم الكبيرة، في قرار مازال حتى الآن يجلب الانتقادات لـ"ماما ميركل" صاحبة "سننجز ذلك". لكن ما الذي أنجزته ألمانيا حتى الآن فيما يتعلق بالهجرة واللجوء؟ عشرات آلاف اللاجئين يساهمون في سوق العمل حتى نهاية عام 2018 بلغ عدد اللاجئين الذين يعملون في ألمانيا 370 ألف لاجئ، بحسب حصيلة قدمتها وكالة العمل الاتحادية. كما توقع مدير الوكالة ديتليف شيله بأن يحصل ما بين 60 إلى 70 ألف لاجئ على وظائف خلال العام الحالي. وأكد شيله على أن اندماج اللاجئين في سوق العمل سيسير على نحو أفضل مما كان عليه خلال الأعوام الماضية، وأرجع ذلك إلى إتقان اللغة الذي يترسخ مع مرور السنوات. ويزداد عدد اللاجئين الذين يخضعون للتدريب المهني، وبحسب إحصائيات وكالة العمل الاتحادية فإن 38 ألف لاجئ سجلوا أسماءهم للحصول على فرصة للتدريب المهني للعام الدراسي 2017/2018،وحصل 91% منهم (أي حوالي 35 ألف) على مقاعد للتدريب. وتسعى ألمانيا للاستفادة من اللاجئين لسد نقص الأيدي العاملة في سوق العمل. وبحسب دراسة أجراها خبراء من معهد أبحاث اقتصاد السوق والتوظيف وجامعة كوبورغ فإن سوق العمل الألماني بحاجة إلى 260 ألف من الأيدي العاملة المهاجرة سنوياً. وأشارت الدراسة إلى أن القوى العاملة في ألمانيا ستتقلص بمقدار الثلث تقريباً (نحو 16 مليون شخص) بحلول عام 2060 بسبب شيخوخة المجتمع بدون هجرة. آلاف اللاجئين في ألمانيا يقومون بالتدريب المهني مليون لاجئ ومهاجر شاركوا بدورات الاندماج شارك حتى الآن أكثر من مليون مهاجر ولاجئ في دورات الاندماج لتعلم اللغة الألمانية، حسبما أعلن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في بداية هذا الشهر. وقد عبّرت رئيسة قسم الاندماج في المكتب، أوتا زاومفيبرـ ماير، عن فرحها بأن يتمكن أكثر من 90% من المشاركين إما من بلوغ المستوى الثاني A2 أو إنهاء الدورة والوصول إلى المستوى B1. وتتضمن دورة تعليم اللغة 600 حصة دراسة. ومن المفترض أن يصل المشارك في نهاية الدورة إلى مستوى (B1) وفقا للإطار المرجعي الأوروبي المشترك لتحديد مستويات إجادة اللغات. وعند الوصول إلى هذا المستوى، يمكن لمن يجتازه التعبير عن الأحداث الحياتية والإدلاء بآرائه في عبارات بسيطة وكتابة خطابات شخصية. ضبط أعداد اللاجئين في ذروة أزمة اللجوء في عام 2015، بلغ عدد طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى ألمانيا 890 ألف شخص. لكن في السنوات التي تلتها، استمر عدد طالبي اللجوء بالانخفاض، حيث بلغ في عام 2018 حوالي 185 ألف شخص، ليكون هذا الرقم ضمن نطاق الحد الأقصى للاجئين الذين قررت ألمانيا استقبالهم سنوياً. فقد نصت معاهدة الائتلاف بين الاتحاد المسيحي برئاسة ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي على تحديد حد أقصى لعدد اللاجئين الذين يتم استقبالهم سنوياً ليكون بين 180 و220 ألف لاجئ. مليون لاجئ ومهاجر شاركوا في دورات الاندماج وبحسب وزير الداخلية هورست زيهوفر فإن من بين أسباب تراجع عدد اللاجئين: اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا، وإغلاق طريق البلقان، وضبط الحدود الألمانية النمساوية."التاريخ سيثبت" وقبل أيام من تكريمها من قبل جامعة هارفارد، أثنى رئيس المفوضية الأوروبية المنتهية ولايته جان كلود يونكر على المستشارة أنغيلا ميركل فيما يتعلق بسياستها ذات الصلة باستقبال اللاجئين. وقال يونكر في حديث لصحيفة بيلد: "أنغيلا ميركل فعلت الشيء الصحيح في خريف عام 2015، والتاريخ سيثبت ذلك". وأضاف: "إذا كانت الحدود الألمانية قد أغلقت، لانهارت النمسا والمجر تحت وطأة اللاجئين. هذه هي الحقيقة". ورغم كل الانتقادات لميركل بسبب سياستها تجاه الهجرة التي أدت إلى تنامي صعود حزب البديل الشعبوي، من الواضح أن ألمانيا بدأت أو ستبدأ قريباً بقطف ثمار تلك السياسة. ومن الآن حتى مغادرة ميركل منصبها في عام 2021 قد يحرز اندماج اللاجئين تقدماً أكبر، لتقول "الماما ميركل" مع نهاية عهدها: "لقد أنجزنا ذلك!". محيي الدين حسين-مهاجر نيوز
مشاركة :