دعا سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، في كلمته أمام القمة الإسلامية التي انعقدت في مكة، إلى تحكيم العقل والحكمة في التعامل مع التوتر في المنطقة، وإفساح المجال أمام جهود التهدئة، مشدداً على أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يستند إلى حقوق الشعب الفلسطيني التي تنص عليها قرارات الشرعية الدولية. أكد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، في كلمته أمام القمة الإسلامية التي انعقدت ليل الجمعة ـــ السبت في مدينة مكة المكرمة بالسعودية، ضرورة تحكيم العقل والحكمة للحفاظ على المصالح العليا لدول المنطقة والأمن والسلامة والطمأنينة لشعوبها. ودعا سموه، في كلمته أمام الدورة الـ 14 لمؤتمر القمة الإسلامية، إلى التعامل مع الأوضاع المستجدة في المنطقة بأقصى درجات الحيطة والحذر، وإفساح المجال للجهود الهادفة إلى احتواء التصعيد والنأي بالمنطقة عن التوتر والصدام. وقال إن المنطقة والأمة الإسلامية بأسرها تمر بظروف بالغة الدقة والخطورة وتحديات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن الوتيرة المتسارعة للتصعيد الذي تشهده المنطقة تنبئ بتداعيات خطيرة على الأمة واستقرارها... وفيما يلي كلمة سمو الأمير: "يسرني بداية أن أتقدم بجزيل الشكر إلى أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على المبادرة الكريمة باستضافة أعمال قمتنا الإسلامية، تلك المبادرة التي تعبر عن حرص عالٍ على رعاية أحوال المسلمين والحفاظ على مصالحهم وتحقيق وحدتهم، والشكر موصول إلى حكومة وشعب المملكة العربية السعودية الشقيقة على ما لمسناه من حفاوة في الاستقبال وكرم الضيافة والإعداد المتميز لهذا اللقاء الذي يعقد في رحاب أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة، بما يمثله ذلك من إلهام لنا بقبول دعائنا لأمتنا الإسلامية في هذه الليلة المباركة. الهجمات على الإمارات والسعودية ولابد لنا من التعبير مجددا عن قلقنا وانشغالنا لما تتعرض له الشقيقة وبشكل متواصل من هجمات تستهدف أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها، مؤكدين إدانتنا واستنكارنا تلك الهجمات، معبرين عن وقوفنا التام إلى جانب المملكة في الدفاع عن أمنها واستقرارها، كما نؤكد إدانتنا للهجمات التي تعرضت لها السفن قبالة سواحل دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لما تشكله أيضا من تهديد لأمنها واستقرار المنطقة واستهداف لسلامة الملاحة البحرية وخطر على إمدادات الطاقة العالمية. كما أشكر فخامة الرئيس رجب طيب إردوغان رئيس جمهورية تركيا على جهوده المقدرة خلال رئاسة بلاده أعمال دورتنا الماضية، وأتقدم بالشكر كذلك إلى معالي الأمين العام وجهاز الأمانة العامة على جهودهم القيمة في الإعداد لهذه الدورة التي يتزامن انعقادها مع احتفالنا بمرور خمسين عاما على إنشاء منظمتنا العتيدة. أرقام مؤلمة إن نظرة فاحصة لواقع أمتنا الإسلامية تدلل وبوضوح أن أمتنا تعيش أوضاعا صعبة، وأن مكانتها في العالم وبكل أسف وفق معدلات وإحصائيات عالمية لا تبعث على الارتياح، حيث إن 37 في المئة من سكان العالم الإسلامي تحت خط الفقر بإجمالي خمسمئة وسبعة ملايين نسمة كما أن 61 في المئة من نازحي العالم هم من دول إسلامية و40 في المئة من سكان العالم الإسلامي أميون ومتوسط البطالة في عالمنا الإسلامي يصل إلى أكثر من سبعة في المئة إنها أرقام مفزعة ومؤلمة في الوقت نفسه وتدعونا إلى الوقوف أمامها وتأمل مدلولاتها والعمل بكل الجهد لتفعيل آليات عملنا التنموي لدعم هذه الآليات والارتقاء بها إلى المستوى الذي يحقق آمال وطموحات أبناء أمتنا الإسلامية. احتواء التصعيد تمر منطقتنا والأمة الإسلامية بأسرها بظروف بالغة الدقة والخطورة وتحديات غير مسبوقة فالوتيرة المتسارعة للتصعيد الذي تشهده منطقتنا تنبئ بتداعيات خطيرة على أمتنا واستقرارنا الأمر الذي يدعونا إلى التعامل مع الأوضاع المستجدة بأقصى درجات الحيطة والحذر، وأن نسعى إلى إفساح المجال واسعا للجهود الهادفة إلى احتواء التصعيد والنأي بمنطقتنا عن التوتر والصدام، وأن نحكم العقل والحكمة للحفاظ على المصالح العليا لدولنا والأمن والسلامة والطمأنينة لشعوبنا. قضية فلسطين وفي سياق التحديات والمشاغل التي تعيشها أمتنا الإسلامية تبقى القضية الفلسطينية على رأس أولوياتنا، نتألم لتعثر جهود حلها، ونعاني استمرار معاناة أبنائها، وندعو المجتمع الدولي من هذا المكان المبارك أن يفعل جهوده لإحياء عملية السلام، مؤكدين أن أي حل للقضية الفلسطينية لابد أن يستند إلى حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين. اليمن كما أن الوضع في اليمن واستمرار معاناة الشعب اليمني الشقيق يمثل تحديا آخر لأمتنا الإسلامية، فبالرغم من الجهود الدولية المتواصلة الهادفة إلى وضع حد للصراع الدامي هناك فإن هذه الجهود تصطدم دائما بعدم الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، الأمر الذي ندعو معه إلى ضرورة الالتزام باتفاق ستوكهولم الأخير للوصول إلى الحل وفق المرجعيات المعتمدة والمتفق عليها. سورية وحول الوضع في سورية فإن مما يدعو إلى الأسف أن الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي للأزمة الطاحنة والتي دخلت عامها التاسع مازالت نتائجها بعيدة المنال لتستمر معها معاناة الشعب السوري الشقيق، وليستمر الأمن والاستقرار في المنطقة مهددا، الأمر الذي ندعم معه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في جهوده للتوصل إلى حل ينهي الكارثة الإنسانية وفق قرارات الشرعية الدولية وبيان جنيف (1). ليبيا وحول الوضع في ليبيا فلقد جاءت الاشتباكات بين الأشقاء لتضيف جرحا إلى جراح أمتنا الإسلامية لا نملك معه إلا أن ندعو الأطراف كافة إلى وقف نزيف الدم، والعمل على وضع مصلحة بلادهم فوق كل اعتبار، وتأمين سلامة أبناء الشعب الليبي الشقيق بالتجاوب مع مساعي المبعوث الدولي. الإرهاب إن استمرار معاناة العالم من الإرهاب يؤلمنا، ومما يضاعف من ألمنا أن تكون الشعوب الإسلامية أكثر الشعوب استهدافا من ذلك الإرهاب، الأمر الذي يدعونا إلى مضاعفة الجهد ورفع وتيرة التنسيق مع المجتمع الدولي لمواجهة قوى الظلام ومواصلة ما تحقق لنا من انتصارات تحفظ لشعوبنا سلامتها ولمقدراتنا ومصالحنا صيانتها. استحقاقات تاريخية إننا أمام استحقاقات تاريخية ومصيرية لابد لنا من الوفاء بها ليتحقق لأبناء أمتنا الإسلامية آمالهم وتطلعاتهم المشروعة بالأمن والاستقرار والرخاء والتقدم، ومن جانب آخر فإننا مدعوون إلى أن نلح بالدعاء إلى الباري عز وجل بأن يحقن دماء المسلمين ويوحد صفوفهم ويحقق غاياتهم ويكلل أعمالنا بالنجاح والتوفيق".
مشاركة :