متصوفة عاشقون| فريد الدين العطار وأودية النفس السبعة

  • 6/2/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«سيظل العقل حائرًا فى محبته، كما تعض الروح الأنامل مما بها من عجز، فما الروح هائمة إلا فى إدراكه، كما انفطر القلب فغص بالدماء، فالعقل والروح عجزا أمام جلاله»، بهذه الكلمات تحدث شاعر المتصوفة أبوطالب فريد الدين العطار، الذى ولد بنيسابور وتوفى بها نحو عام ٦٢٧ هـ، اشتهر بكتابه الرائع «منطق الطير» الذى ضم فلسفته وأفكاره الصوفية، ومن أهم تلاميذه مولانا جلال الدين الرومى.اهتم العطار فى منظومته «منطق الطير» بفكرة الحب الإلهى، وعنه يقول: عليك بإفناء نفسك فى العشق تماما حتى تصبح فى الضعف كالشعرة تماما، وما أن تصبح كشعرة ضعيفة فأليق مكان بك حيث طرة المعشوق»، والعشق عنده نوعان عشق دائم وهو عشق المعرفة، ويتمثل فى حب الله، وعشق زائل، وهو عشق الصور ويتمثل فى عشق الماديات الفانية.قسم العطار الطريق إلى سبعة أودية، وهى: وادى الطلب ووادى العشق ووداى المعرفة ووادى الاستغناء ووادى التوحيد ووادى الحيرة ووادى الفقر والفناء، وربما تشبه هذه الأودية المراحل السبعة التى رسمها الشيخ عبدالقادر الجيلانى حول مراقى النفس الإنسانية إلى الصفاء والنقاء. ففى «الطلب» يتحلى المريد بالصبر لأنه يقابل الكثير من المتاعب، حيث يتخلى عن المال والعلائق التى تربطه بالدنيا، كما يجب إلا يكف عن الطلب ولا يتوانى لحظة عن الجد كما أنه عليه ألا يعبأ بمخاوف الطريق. وفى «العشق» يقدم المريد نفسه فداء المعشوق، فهو طريق مليء بالنار والحرقة، والعشق قرين الإفلاس والألم، كما أن العقل مع هذا الوادى يتوقف عن الإدراك ويعجز عن فهم الأسرار. وفى «المعرفة» يبتعد المريد عن النوم والخمول ويتنبه لأنه فى طريق لا تبدو له بداية أو نهاية، وكل إنسان فيه يدرك حسب منزلته فمنهم من يدرك المحراب، ومنهم من يدرك الصنم. وفى «الاستغناء» يتخلى العبد عن كل شيء، عن التافه من الدنيا فيجد البحار الشاسعة بركة صغيرة وتتحول الأنجم والأفلاك إلى ورقة شجرة لا أكثر. وفى «التوحيد» يدرك المريد أنه لا فرق بين العدد وبين القلة والكثرة، وأنه من لم يفن من السالكين فى الوحدة فهو غير جدير بالإنسانية. وفى «الحيرة» يعجز عن إدراك وجوده من عدمه، يصاب بالحسرة والألم، ينخرط فى عمل متواصل ويكون عرضه للمصائب والأحزان، تكثر أهاته ويكون قلبه مفعم بالعشق. وفى «الفناء والفقر» يتميز المريد بالنسيان ولا سبيل أمام القلب فى هذا البحر الخضم غلا الفناء، ونهاية ذلك الطريق تختلف من سالك إلى آخر كل حسب عزيمته وطاقته.

مشاركة :