مصطلحات جديدة اليوم تُرى في وسائل الإعلام والصحافة تحتاج إلى التعريف بها وأسباب ظهورها، والعلاقة بينهم، ومن ذلك الطابور الخامس إلكترونيا والهجمات السيبرانية، وكلا المصطلحين شاع صيتهما لدى رجال السياسة والأمن والدفاع من جهة، وكذلك مستخدمي الحواسيب والشبكات العنكبوتية والهواتف النقالة ومراكز التواصل الاجتماعي وغيرها، لذا يحتاج الفرد التوقف عند كلا المصطلحين لمعرفة دورهما المنوط بهما اليوم وآثارهما على المجتمعات والدول! فمصطلح (الطابور الخامس) ظهر إبان الحرب الأهلية الأسبانية في العام 1936م حين أطلقه (إميليو مولا) ليطمئن جنوده بأن لديه طابوراً خامساً سيقوم بالمهمة الرئيسية من الداخل، وسيسهل عملية الاختراق، وهو بذلك يعني الجواسيس والخونة والمتآمرين ومثيري الفتن والاضطربات، فأصبح هذا المصطلح (الطابور الخامس) من أدبيات السياسة للتحذير من الاختراق. وقد استمر (الطابور الخامس) في أداء مهماته لسنوات طويلة، ومنها كتابة المنشورات التحريضية والتسقيطية والنيل من المنجزات، ومن ثم طباعتها بآلات النسخ وتوزيعها (سراً) لإحداث الخلل في الخطوط الخلفية، والعمل على زعزعة الأمن والإستقرار من خلال نشر الأكاذيب والأراجيف، ومع تطور تقنية المعلومات والشبكات العنكبوتية تطور أداء ذلك الطابور حتى استبدل المنشورات الورقية برسائل نصية قصيرة مع بعض الصور والفيديوهات والفبركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك للنيل من أمن واستقرار المجتمعات وهذه ما تعرف اليوم بـ(الحرب السيبرانية)!. وأبرز الوسائل التي يتم من خلالها شن الهجوم السيبراني هي مواقع التواصل الاجتماع مثل (التويتر والفيسبوك واليوتيوب والانستغرام والواتس آب وغيرها)، فقد تدرب الطابور الخامس على اختراق الكثير من الحسابات التي من خلالها يتم إرسال الرسائل التحريضية التي تثير الفتن، وتسعى لشق الصف، والدعوة للصدام الطائفي والمذهبي، والتأثير على الساحة السياسية والاقتصادية، والخروج على النظام العام، بل ويتم من خلال ذلك الهجوم سرقة الحسابات الالكترونية للابتزاز والسرقة، وكم هم الأشخاص الذين سقطوا ضحايا الهجمات السيبرانية؟!. الحروب اليوم لم تعد محصورة على البر والبحر والجو، ولكنها تطورت حتى دخلت إلى العالم الافتراضي الذي يهيئ الأرضية للصدام، وقد أدركت الكثير من الدول خطورة الهجمات السيبرانية فقامت بالتصدي لها من خلال إنشاء أجهزة خاصة للأمن السيبراني لمراقبة ومتابعة ما يتم إرساله عبر وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الرقمية، فيتم التعرف على الثغرات التي يتم منها إرسال الرسائل التحريضية ومواجهتها والتصدي لها والإجهاز عليها، فربّ ثغرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يدفع المجتمع بسببها الثمن باهظاً. لقد جاء تحذير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية من متابعة الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة، وما أكثرها اليوم وهي تقدم النصائح المسمومة، والرسائل المدسوسة، فتنطلي على البسطاء من الناس ليقوموا بإعادة إرسالها وهي ما تعرف بـ(الريتويت) و(forward)، وهي كذلك مما يجرمه القانون ويعرض صاحبها للمسائلة، لذا فإن (اغلاق حسابات الفتنة واجب وطني). لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي والحسابات الالكترونية بين الأفراد، ولكنها اليوم فضاء مفتوح يمكن اختراقها مع شربة ماء! لذا الواجب على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الحذر من الدخول إلى مواقع الفتنة، بل يجب حظر الحسابات المسيئة والتحريضية، وذلك العمل يعتبر من أوجب الواجبات الوطنية!. لقد وقع الكثيرون تحت طائلة القانون حين أساؤوا استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر مواد تحريضية وإساءة للآخرين، وتضمنت مخالفات يعاقب عليها القانون، وليس هناك اليوم من يمكن وصفهم بــ(أصحاب النوايا الحسنة)، فكل من يستخدم جهازاً سواءً بتغريدة أو بالتعليق عليها أو بنشرها وإعادة إرسالها جميعها سواء في الجرم، فالمشاركة في تلك الحسابات والمواقع تضر ولا تنفع!. إن الإساءة والتحريض ونشر الفتن أبداً ليس من حرية التعبير، ولكنها هجمات سيبرانية يقوم بها الطابور الخامس لأهداف سياسية، لذا وجب التنويه والتحذير من تلك الجهمات التي تستهدف أمن واستقرار المجتمع، فالشكر والتقدير لوزارة الداخلية على جهودها الحثيثة لحماية المجتمع من تلك الجهمات الالكترونية.
مشاركة :