يتكون الدماغ والحبل الشوكي من أنسجة رخوة، ويمتد النخاع الشوكي من قاعدة الدماغ داخل قناة خاصة، وهي قناة الحبل الشوكي، ويكون مساره أسفل العمود الفقري، ويعتبر الحبل الشوكي العضو الذي يربط عصبياً الدماغ ببقية الجسم.ويحاط الحبل الشوكي بسائل داخل القناة الخاصة به، ووظيفة هذا السائل أنه يمد النخاع الشوكي بالغذاء، كما يصرف عنه المخلفات، ويقلل من الصدمات التي يمكن أن يتعرض لها.ينتج سائل المخ الشوكي من خلايا في التجويفات المخية، ومنها ينتقل إلى القناة العصبية المركزية في النخاع الشوكي، ويتم صرف السائل إلى شبكة الأوردة، ومنها إلى الدورة الدموية ثم الكلى.ويفقد الجسم في بعض الحالات القدرة على تصريف هذا السائل، وبالتالي تزداد كميته ويرتفع ضغطه، وتتكون فجوات في الحبل الشوكي تمتلئ بهذا السائل، وهي الحالة التي تسمى بتكهف النخاع الشوكي.ويعتبر هذا المرض أحد الأمراض المزمنة التي تشير إلى اضطراب يتصف بتشكل كيس، أو تجويف يكون مملوءاً بسائل المخ الشوكي.ونتناول في هذا الموضوع مرض تكهف النخاع الشوكي بالتفاصيل، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه المشكلة، وكذلك الأعراض التي تظهر نتيجتها، وطرق الوقاية الممكنة، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة. زيادة الضغط تبدأ أعراض تكهف النخاع الشوكي عند زيادة الضغط على الحزم العصبية، ثم خلايا القرن الأمامي بالنخاع الشوكي، وتكون أول الأعضاء تأثراً بهذه الحالة تلك التي تتغذي من الأعصاب العنقية السفلى.ويتسبب الكيس المملوء بالسائل داخل النخاع الشوكي بمرور الوقت، بتلف النخاع، ما يؤدي إلى شعور المصاب بالألم، والضعف، وتصلب العضلات، وترجع الإصابة بتكهف النخاع إلى بعض الأمراض والحالات، مثل أورام النخاع، والتشوه الخياري.وينبغي عند ظهور أي علامات ترتبط باتساع قناة الحبل الشوكي الحصول على استشارة طبية، وإجراء تقييم طبي شامل، لارتباط هذه الأعراض باضطرابات أخرى. تطور بطيء تتطور أعراض الإصابة بتكهف النخاع الشوكي في الأغلب بشكل بطيء، في حال كانت الإصابة بسبب نتوء أنسجة المخ في القناة الشوكية، وهي الحالة التي يطلق عليها تشوه خياري.وتظهر أعراض المرض في المرحلة العمرية بين 25 إلى 40 عاماً، والتي تعد مرحلة ذروة الشباب، وربما أدى السعال أو الإجهاد إلى أن يحفز ظهور المرض بالنسبة إلى بعض الحالات.ويمكن أن تؤثر المشاكل المبكرة لمرض تكهف النخاع الشوكي في المكان الخلفي من الكتفين، والذراعين، واليدين، والعنق.وتشمل هذه الأعراض ضعفاً في العضلات، والذي يمكن أن يتطور إلى ضمور في العضلات، ويفقد المصاب ردود الأفعال، مع فقدانه للشعور بالألم، ودرجة الحرارة.ويشعر المصاب بهذه الحالة بتيبس في الظهر والكتفين والذراعين والساقين، مع إحساس بألم في الرقبة والذراعين والظهر.ويعاني المصاب كذلك بعض المتاعب في الأمعاء والمثانة، وتصاب العضلات بالضعف، مع الشعور أحيانا بتشنج في العضلات، ويمكن أن يصاب العمود الفقري بالانحناء، أو الجنف. بعض الأمراض يجهل الأطباء والباحثون السبب الرئيسي وراء الإصابة بتكهف النخاع الشوكي الذي يحدث عند تجمع السائل الدماغي الشوكي داخل النخاع، مكوناً كيساً مملوءاً بالسوائل، ووظيفة هذا السائل دعم وحماية وتبطين الدماغ والنخاع الشوكي.ويمكن أن تتسبب بعض الأمراض بالإصابة بتكهف النخاع، ومنها التشوه الخياري، حيث يبرز نسيج الدماغ في القناة الشوكية.ويؤدي كذلك التهاب السحايا إلى هذه الحالة المرضية، لأن الالتهاب يصيب الأغشية التي تحيط بالمخ، والنخاع الشوكي.وتشمل الحالات التي تؤدي إلى تكهف النخاع ورم النخاع الشوكي، حيث ربما يتداخل مع دوران السائل الدماغي الشوكي الطبيعي.وترجع الإصابة أيضاً إلى بعض الحالات التي تحدث عند الولادة، كالحبل الشوكي المربوط، وهي حالة تحدث عندما تقلل الأنسجة التي تتصل بالحبل الشوكي من حركته، وكذلك إصابات الحبل الشوكي، التي ربما ظهرت أعراض الإصابة بها بعد شهور، وحتى سنين. دور الصدفة يتسبب تكهف النخاع في بعض الحالات بحدوث عدد من المضاعفات الخطيرة، ويكون السبب وراءها تضخم الكيس المملوء بالسائل، أو عند تلف الأعصاب داخل النخاع الشوكي.وتشمل هذه المضاعفات الإصابة بالجنف، وهو أحد أشكال انحناء العمود الفقري غير الطبيعية، كما أن المريض يعاني آلاماً مزمنة، والتي يكون وراءها الحبل الشوكي.ويؤثر ضعف وتصلب عضلات الساق في حركة المصاب في تكهف النخاع، ما يجعله يعاني صعوبات في الحركة من دون الاستعانة بأحد.وتلعب الصدفة في بعض الأحيان دوراً في اكتشاف الإصابة بتكهف النخاع الشوكي، وذلك عند إجراء المصاب لأشعة رنين مغناطيسي، أو أشعة مقطعية على العمود الفقري. الرنين المغناطيسي يبدأ الطبيب المعالج بتشخيص الحالة من خلال التعرف إلى التاريخ الطبي للمصاب، وإجراء فحص لكامل الجسد، ويطلب من المصاب إجراء أشعة رنين مغناطيسي على العمود الفقري، والنخاع الشوكي، لأن هذه الأشعة تنتج صوراً مفصلة للعمود الفقري والنخاع الشوكي، وبالتالي يتمكن الطبيب من رؤية كيس السائل إذا كان موجوداً.ويتم حقن بعض الحالات بالصبغة في أوعية الفخذ الدموية، حيث تنتقل من خلالها إلى العمود الفقري، ومن ثم تكشف الأورام، وأي تشوهات موجودة.ويحتاج الطبيب في بعض الحالات إلى تكرار إجراء أشعة الرنين المغناطيسي بعد فترة، بهدف أن يراقب تطور تكهف النخاع.ويمكن أن تظهر الأشعة المقطعية وجود أورام، أو حالات أخرى بالعمود الفقري، لأنها تعتمد على سلسلة من الأشعة السينية، التي تصدر صورة مفصلة للعمود الفقري، والحبل الشوكي. الاكتفاء بالمراقبة يرتبط علاج تكهف النخاع بطبيعة حالة المصاب، لأنه إذا كان اكتشاف المرض من خلال أشعة الرنين المغناطيسي صدفة، مع عدم وجود أعراض لهذه الحالة، فإن الطبيب ربما يكتفي بمراقبة الحالة، مع إجراء أشعة رنين مغناطيسي، وفحوص عصبية دورية.ويلجأ الطبيب المعالج إلى التدخل الجراحي عندما تؤثر أعراض المرض في الحياة اليومية للمصاب، وكذلك إذا كانت الأعراض تزداد سوءاً بشكل سريع.ويكون الهدف من التدخل الجراحي إزالة الضغط الذي تسبب به الكيس المملوء بالسائل على النخاع الشوكي، وبالتالي استعادة التدفق الطبيعي له، وربما ساعد هذا الأمر على تحسن وظيفة الجهاز العصبي، وتقليل حدة الأعراض. الجراحة تقلل الضغط يوصي الطبيب بعلاج التشوه الخياري في حالة إذا كان هو السبب في تكهف النخاع، حيث يقوم بتكبير الفتحة التي توجد في قاع الجمجمة، ويوسع غلاف الدماغ، الأم الجافية.وتساعد هذه الجراحة في تقليل الضغط على الدماغ والحبل الشوكي، وبالتالي يعود السائل الدماغي النخاعي إلى تدفقه بشكل طبيعي.ويمكن تصريف السائل من خلال إدخال نظام تصريف، وهو ما يطلق عليه تحويلة، ويتكون هذا النظام من أنبوب مرن يتدفق من خلاله السائل في الاتجاه المطلوب، بحيث يكون أحد طرفي الأنبوب موضوعاً في التكهف، والطرف الآخر داخل الجسم.ويرجع السائل يتدفق طبيعياً بعد إزالة أي عائق يمكن أن يكون سبباً في هذه الحالة، ومن ذلك على سبيل المثال زائدة عظمية، أو ورم.ويعود السائل إلى التدفق بشكل طبيعي عقب تصحيح أي مشكلة في العمود الفقري، ربما كانت السبب في إعاقة تدفقه، ومن ذلك تحري الحبل الشوكي المربوط. المتابعة مهمة يجب أن ينتبه المصاب إلى أن الجراحة لا تجعل السائل النخاعي يتدفق مرة أخرى بصورة فعالة، ومن الممكن أن يستمر التكهف موجوداً بالرغم من الجهود المبذولة، ولذلك فإن المتابعة بعد الجراحة مهمة للغاية. ويشير الأطباء إلى احتمال تكرار الإصابة بتكهف النخــــاع، وهو ما يحتاج من المريض عقب شفائه إلى أن ينــتظم في متابعـــة دورية مع طبيبه.ويمكن أن ينمو الكيس المملوء بالسائل، وهو ما يحتاج إلى علاج إضافي، وربما ظلت بعض الأعراض، لأن كيس السائل من الممكن أن يحدث تلفاً في النخاع الشوكي والعصب.ويعتبر أبرز طرق الوقاية من الإصابة بهذا المرض هو تجنب إصابات العمود الفقري، مع سرعة الحصول على العلاج عند ظهور أي أعراض غير طبيعية. نصائح طبية يوجه الأطباء عدداً من النصائح إلى المصابين بتكهف النخاع الشوكي، وذلك بهدف التخفيف من حدة أعراض هذا المرض على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.وتبدأ هذه النصائح بتجنب القيام بأي أنشطة يمكن أن تزيد من حدة الحالة، ومن ذلك الإجهاد أو رفع أشياء ثقيلة، وكذلك على المصاب بهذه الحالة أن يتجنب إمالة رقبته بشدة.وتساعد تمارين العلاج في تقليل حدة الأعراض، وبالذات للمشكلات العصبية التي تحد من حركة المصاب أو نشاطه، مثل ضعف العضلات أو التصلب.ويعتبر الألم المزمن أكثر مشاكل مرض تكهف النخاع، وهو يحتاج إلى فريق رعاية يتكون من جراح أعصاب وأخصائي إعادة تأهيل، بالإضافة إلى معالج للسيطرة عليه، ويضع هذا الفريق خطة علاج تناسب كل حالة على حدة.
مشاركة :