الحصص على أساس الجنس: حل لزيادة تمثيل المرأة للمناصب العليا في السعودية

  • 6/2/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن تمكين المرأة في المملكة العربية السعودية يمثل حالة كلاسيكية للتقدم خطوتين إلى الأمام، ثم الرجوع خطوة إلى الوراء. وعلى الرغم من اعتقال العديد من الناشطات، فإن تعيين هند الزاهد والأميرة ريما بنت بندر بن سلطان في مناصب رئيسية في الحكومة السعودية يمثل علامة مهمة للبلد. وتعتبر الزاهد أول وكيل للمملكة لتمكين المرأة، والأميرة ريما، التي ستمثل المملكة في الولايات المتحدة، هي أول سفيرة للمملكة العربية السعودية. وقد أثار تعيينهما في الحكومة طموح العديد من النساء السعوديات اللائي يرغبن في تمثيل الدولة في الحكومة، لكن ذلك يبرز أيضا التباين المتزايد في المكاسب التي تحققها العاملات في القطاعين العام والخاص في المملكة. وبموجب رؤية 2030، نفذت الحكومة برامج حققت بعض النجاح في رفع معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة في المملكة، ولكن لم تنعكس هذه الجهود في القطاع العام. حيث من المفهوم أن الحكومة تحاول تقليص رواتبها في ظل انتقالها من اقتصاد تقوده الدولة إلى اقتصاد يحركه السوق. ومع ذلك، ينبغي موازنة هذا الدافع بجهد منسق لزيادة تمثيل المرأة في الحكومة، وخاصة في المستويات العليا. ويمكن للحكومة السعودية تحقيق ذلك من خلال فرض نظام الحصص على أساس نوع الجنس. 39 بالمئة من إجمالي عدد موظفي جميع الشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة في السعودية، نساء وعلى الرغم من أن نتائج دفع المملكة لاستبدال العمال المغتربين في القطاع الخاص بمواطنين سعوديين كانت متفاوتة، فقد حققت النساء السعوديات، في إطار رؤية 2030، مكاسب لا جدال فيها. وفي عام 2011، عين القطاع الخاص 90 ألف امرأة. واليوم، ارتفع هذا الرقم إلى 600 ألف، أي ما يعادل 31 بالمئة من جميع العاملين في القطاع الخاص السعودي. والجدير بالذكر أن هذا الرقم لا يزال في ارتفاع على الرغم من التباطؤ الاقتصادي الملحوظ الذي صاحبته إجراءات التقشف، بما في ذلك الزيادات الحادة في أسعار الكهرباء والمياه والبنزين، وفقد العمالة الوافدة الأرخص وفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة. شبه غياب في القطاع العام في القطاع الخاص، تحتل النساء السعوديات حوالي 39 بالمئة من إجمالي عدد موظفيها في جميع الشركات الصغيرة والمتوسطة. وتحتل العديد منهن مناصب عليا يتمتعن من خلالها بسلطة حقيقية لصنع القرار. وينطبق هذا بشكل خاص على الخدمات المصرفية والمالية والصحة والخدمات الإنسانية والصحافة والأعمال، بما في ذلك الشركات الضخمة المملوكة للعائلات مثل مجموعة العليان. وكان قرار الحكومة بتعديل سياسات العمل في المملكة مسؤولا جزئيا عن الزيادة. وفي عهد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، فتحت المملكة العديد من صناعات البيع بالتجزئة التي كانت مغلقة في السابق للموظفات من النساء السعوديات، مثل محلات البقالة ومحلات الملابس ومستحضرات التجميل والوقد عجّلت الحكومة السعودية العملية من خلال تخفيف قوانين الفصل بين الجنسين في مكان العمل، ووضع حد لحظر القيادة على النساء ووقف اللوائح التي تمنع النساء من امتلاك مشروع تجاري دون موافقة الأوصياء الذكور. كما قدمت برامج تدريبية تهدف إلى زيادة عدد النساء العاملات في القطاع الخاص. ويعمل برنامج “هدف” التدريبي على تعليم النساء والرجال مهارات الكمبيوتر، مثل برمجة الكمبيوتر واللغة الإنكليزية، ومهارات الاتصالات وخدمة العملاء، من أجل مساعدتهم في العثور على وظائف تتناسب مع مجموعات مهاراتهم. وتشمل البرامج الرئيسية الأخرى “وصول”، الذي يوفر رواتب النقل للنساء العاملات، وكذلك مبادرة “قرة” التي تدعم رعاية الطفل. وتقدم الجامعات الحكومية، مثل عفت ودار الحكمة، تدريبا للنساء على ريادة الأعمال مثلما تفعل جامعة الملك سعود، التي افتتحت في عام 2017 معهد الملك سلمان لريادة الأعمال في حرمها النسائي. وإذا كانت النساء السعوديات أكبر الفائزين في القطاع الخاص، فيمكن القول إنهن أكبر الخاسرين في القطاع العام، حيث بموجب رؤية 2030، تعهدت السعودية بتقليص حجم الخدمة المدنية بنسبة 20 بالمئة بحلول نهاية عام 2020. وتتحمل النساء السعوديات كنتيجة لذلك العبء الأكبر من هذه التخفيضات، مع تقلص عدد الموظفات الحكوميات من 700 ألف في عام 2016 إلى 500 ألف في عام 2018، أي انخفاض بنسبة 28 بالمئة في غضون عامين. وبالإضافة إلى الانخفاض السريع في عدد الموظفات الحكوميات، تشغل 1.3 بالمئة فقط من النساء السعوديات مناصب عليا في الحكومة، وهي أدنى نسبة في مجموعة العشرين. ولا توجد نساء سعوديات محافظات أو وزيرات أو مستشارات كبيرات. وتم انتخاب النساء لعضوية المجالس البلدية وهن يشكلن 20 بالمئة من مجلس الشورى، وهو هيئة استشارية شبه برلمانية، ولكن لا يتمتعن بسلطة حقيقية لصنع القرار. وتعد تماضر الرماح، نائبة وزير العمل والتنمية الاجتماعية، أعلى امرأة تشغل منصبا في الحكومة، وهي أيضا نائبة الوزير الوحيدة. لكن الحكومة وقعت الآن في مأزق. فمن ناحية، تحتاج الحكومة إلى تقليل عدد المواطنين السعوديين في العمل الحكومي، ومن ناحية أخرى، فإن تمكين المرأة السعودية الراغبة في العمل ضروري لتنفيذ التحول الاقتصادي. وقد يكون إدخال أنظمة الحصص على أساس نوع الجنس في الحكومة أفضل طريقة لتحقيق التوازن بين هذه الأولويات المتنافسة. زيادة التمثيل في السلطةتفرض ما يقرب من نصف دول العالم أنظمة الحصص هذه لتمثيل المرأة في الحكومة. وتضم هذه القائمة العديد من الدول العربية، حيث في دولة الإمارات، على سبيل المثال، سيتم تخصيص 50 بالمئة من مقاعد المجلس الوطني الاتحادي (هيئة شبه برلمانية) للنساء في الانتخابات المقبلة. ومع ذلك، ستحتاج الحكومة السعودية إلى المضي بحذر إذا كانت ترغب في تجنب الانتقاد من المحافظين، الذين رحبوا باحتجاز النساء الناشطات في القيادة، ووصفوهن بأنهن يحاولن فرنجة الحكومة. وفي حين أن الحكومة يمكن أن تدعي بشكل معقول أن توظيف النساء في القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق اقتصاد سوقي قابل للتطبيق وقوة عمل وطنية تحتاج إلى إبقاء المملكة على قيد الحياة، إلا أنه لا يوجد مثل هذا الأساس المنطقي للوظائف الحكومية. وبالتالي، ينبغي أن تهدف المملكة إلى تخصيص حصة أكثر تواضعا من دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يعد ضمان تمثيل المرأة في جميع قطاعات الحكومة أكثر أهمية من فرض المساواة بين الجنسين. وبعد ذلك، تحتاج المملكة إلى رفع عدد المشاركات النسائية في مناصب السلطة وفقا لرؤية 2030، والتي تهدف إلى زيادة تمثيل النساء في الوظائف الحكومية العليا إلى 5 بالمئة. وفي الوقت الذي تتراجع فيه قوة ونفوذ المحافظين السعوديين، فإنها لم تختف تماما، وكذلك الحواجز الاجتماعية والثقافية التي فرضتها منذ عقود. وفي ظل هذه الظروف، فإن تطبيق مبدأ الحصص على أساس نوع الجنس يعد أفضل طريقة لضمان الحفاظ على صوت المرأة السعودية في الحكومة وفي مستقبل بلدها.

مشاركة :