انعطافات عروبية هامة ومؤثرة في سياسة البلاد السعودية | عاصم حمدان

  • 3/31/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

* منذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز وهي تسعى دومًا إلى تقديم الحل السلمي وخصوصًا في خلافاتها مع أشقائها من الدول العربية، ويقتضي المقام أن نشير هنا إلى ما قام به الإمام يحيى حميد الدين -ملك اليمن- السابق وتحديدًا في عام 1926م وذلك عندما قام باحتلال أجزاء من الحدود السعودية، حيث يذكر المؤرخ حافظ وهبة في مؤلفه المعروف «جزيرة العرب في القرن العشرين» قائلًا: «وبعد أن انتهك الإمام حرمة البلاد السعودية باحتلال قسم منها، تمكّن الملك عبدالعزيز في مدة قصيرة من التقدم في تهامة حتى الحديدة، ولما وصل إلى الغرض الذي يرمي إليه حيث أدرك إمام اليمن قوة ابن سعود، وأن ما توهمه من ضعف لم يكن إلا حلمًا وطول أناة، تم عقد صلح بين البلدين، وقد ضرب الملك عبدالعزيز بالصلح الذي عقده مع إمام اليمن أفضل الأمثال في حبه للتفاهم مع أمراء العرب وسعيه للاتحاد العربي الذي ينشده أحرار العرب ومفكروهم». وتأسيسًا على هذا المنحى العروبي الواضح يفترض أن نقف عند بعض المنعطفات التاريخية الهامة في علاقة المملكة مع أشقائها العرب، فعندما اندلعت حرب السويس عام 1956م، بسبب صلف وغطرسة رئيس الوزراء البريطاني -آنذاك- سير أنتوني إيدن Eden، وحلفائه من الإسرائيليين والفرنسيين، كان موقف الملك سعود -رحمه الله- حاسمًا لجهة الوقوف بقوة وصرامة مع الشقيقة مصر حيث يذكر المؤرخ علي الوردي أن المملكة العربية السعودية أرسلت مذكرة إلى الحكومة الفرنسية والبريطانية تعلمهما بقطع العلاقات الدبلوماسية وتبلغهما أنه لن تباع لهما شحنة نفط سعودية قبل وقف عدوانهما، كما أمر الملك سعود بنقل الطائرات الحربية المصرية إلى المملكة وبمساعدات مالية إلى الحكومة المصرية، وأصدر الملك سعود مرسومًا ملكيًا في 3/4/1376هـ بقطع النفط عن بريطانيا وفرنسا، وبناء عليه أرسل عبدالله الطريقي المسؤول السعودي خطابًا إلى ممثل شركة الزيت العربي بأن لا تقوم شركتهم ببيع شيء من الزيت الخام أومشتقاته من إنتاج المملكة إلى كل من بريطانيا وفرنسا. ولقد تحلَّت القيادة السعودية في مطلع الستينيات الميلادية بكثير من الحلم والتسامح مع الاستفزازات التي وقعت أثناء حرب اليمن بين الملكيين والجمهوريين، واستكمالًا لتلك المواقف الأخوية الصادقة من قبل حكام هذه البلاد فسوف نعرج إلى موقف الملك فيصل -رحمه الله- أثناء حرب حزيران 1967م، وأورد هنا -لتأكيد ما أذهب إليه بموضوعية وحيادية- ما ذكره رئيس الوزراء البريطاني العمالي -آنذاك- هارولد ويلسون م Wilson 1964 -1970، والذي كانت حكومته تدير شؤون بريطانيا في تلك الحقبة، حيث يذكر ويلسون أن الملك فيصل اجتمع معه في 19 مايو1967 وتحدثا بشأن الوضع في جنوب الجزيرة العربية، إلا أنه بعد حدوث مناوشات عسكرية بين إسرائيل ودول المواجهة وفي مقدمتها مصر طلب الملك فيصل الاجتماع بـ»ويلسون» ثانية، في 22 مايو وقال له -أي الملك فيصل- : «مهما يكن الخلاف بيني وبين الرئيس المصري عبدالناصر فإنني سوف أقف إلى جانب أخي العربي -عبدالناصر- في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وأن إسرائيل هي عدومشترك». * ويذكر المؤرخ السياسي البريطاني David Childs، بأن منظمة أوبك وبدعم قوي من حكومة المملكة العربية السعودية قررت أثناء حرب أكتوبر 1973م قطع البترول عن الدول الداعمة لإسرائيل ضد العرب حتى يتم تنفيذ القرار الأممي 242 والذي سبق لمندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة هوفووت أومن يعرف بلقبه Lord Cardon، أن صاغه وقدمه لمجلس الأمن والقاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها سنة 1967م كافة. * وفي عام 1990م وأثناء الاجتياح العراقي لدولة الكويت الشقيقة سعى الملك فهد -رحمه الله- آنذاك لتجنيب المنطقة أتون الحرب وسعى بكل السبل لإقناع صدام حسين بأن يتخلى عن رعونته وغطرسته ولكن الأخير رفض هذا المبدأ فكانت حرب عاصفة الصحراء وتحرير الكويت. * خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، سعى مع الدول الخليجية الأخرى لإقناع الحوثيين بالعودة إلى الشرعية في اليمن الشقيق ومن خلال حوار تستضيفه المملكة بحكم أنها الجار اللصيق والحريص على مصالح اليمن، إلا أن الرعونة الحوثية التي كانت تُصْغي لأبواق خارجية رفضت كل الحلول السلمية، بل وحاولت القيام بتحرشات عسكرية على الحدود السعودية توهمًا منها أنه بإمكانها المراوغة والتنصُّل ،فكان مما لابد منه إيقافها عن هذه المغامرة الطائشة التي تهدد أمن المنطقة بأسرها، فكانت عاصفة الحزم التي أثبتت الاستشراف السياسي والعزيمة الراسخة عند خادم الحرمين الشريفين وهو الوريث بحق لتراث وحكمة وعزم والده المؤسس.

مشاركة :