العداء الإسرائيلي الإيراني.. خدعة القرن

  • 6/3/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

العداء الإسرائيلي الإيراني.. خدعة القرند. ماجد السامرائيلماذا المغالاة في عداء إسرائيل والولايات المتحدة من قبل حكام طهران اليوم مع اتهام العرب بصداقتهم لأميركا؟مغالاة إيرانيةلو افترضنا أن إيران، جارة العرب، يحكمها نظام سياسي لا ديني ولا مذهبي، ولا يضع في دستور دولته بند “تصدير الثورة” فهل سيحدث كل الذي يحصل الآن من توترات وأزمات، بغض النظر عن العلاقة بين طهران وواشنطن التي فيها الكثير مما يمكن أن يقال.هذا الغطاء السياسي البعيد عن قيم الإسلام وعن مبادئ تفاعل شعوب العالم مع قيم الحضارة والمدنية هو البلاء الذي حل بالشعوب الإيرانية صاحبة الإرث الحضاري والمدني الكبير، وحل أيضا بشعب العراق بسبب عامليْ الجيرة ونظام الحكم العراقي الموالي لطهران، وكذلك عدم الاستقرار والفوضى التي تهدد شعوب العرب وخاصة بلدان الخليج.لقد توهم حكام إيران منذ عام 1979 أنهم قادرون على فرض نظامهم السياسي ولاية الفقيه خارج إيران، والذي حصل خلال الأربعين عاما الماضية هو خدعة ولعبة سياسية مشتركة بين زعامة النظام الإيراني ودول الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل التي استهوتها هذه اللعبة من أجل مصالحها ولإغراق بلدان المنطقة بالحروب الطائفية وتسييس التطرف الديني والمذهبي.وبذلك أصبحت إيران، الطائفية التوسعية، هي الأداة الأكثر إيذاء لأنها تمس وجدان بعض معتنقي المذهب الشيعي من عرب العراق خاصة وبعض بلدان الخليج. الوقائع التاريخية هي التي تجيب على بعض الجهلاء من الناس والسياسيين المتظاهرين بالعقيدة المذهبية، ولعل في تكرارها في هذا الظرف الدقيق لصراع نظام ولاية الفقيه مع الجميع قد يساعد هؤلاء في التخلي عن هذه اللعبة السياسية المضرة بمصالح الشعوب.لم يكن هدف حكم ولاية الفقيه، في عهديه الأول والثاني، دينيا مذهبيا دعويا وإلا لذهبوا نحو باكستان أو أفغانستان أو غيرهما من البلدان، لكن الهدف هو سياسي قومي مرتبط بالتاريخ قبل الجغرافيا. فالعراق كان ميدان اللعبة الأولى لأنه بلد عربي مسلم ومركز استراتيجي وصاحب تاريخ انكسرت على أرضه إمبراطورية كسرى، والسيطرة عليه مهما كان ثمنها البشري والمادي كانت تعني “فتحا فارسيا” سهلا للمنطقة، وبغض النظر عمن بدأ حرب الثماني سنوات، إلا أن وقائعها الهائلة في الجانبين العسكري والسياسي كشفت الغطاء المذهبي ومزقته على أرض العراق.كانت شعارات المعممين على طول الجبهات تلقّن المقاتلين من الشباب الإيراني بأنهم سيعبرون التلال ويدخلون “كربلاء مرقد الحسين” وشعارات الحكومة الإيرانية كانت تردد “كربلاء الطريق إلى القدس″، لكن حقيقتهم كانت تهدف إلى احتلال العراق وضمه إلى ولايتهم وهذا ما حصل بمعاونة الأميركان في ما بعد. وفي ذلك الوقت الذي جرت فيه صفقات التسليح الإسرائيلي، كانت طهران ترسل فرق الشغب والتفجيرات إلى مكة المكرمة وعمليات التخريب وإثارة الرعب بين الحجاج والتظاهرات داخل الحرم الشريف بدعواتهم إلى اجتياح مكة المكرمة خلال سنوات 1986 و1987، وخلال معركة شرق البصرة عام 1982 في الحرب العراقية الإيرانية هدد الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني الكويت بخطبة مسجلة عبر الإذاعة الإيرانية مفادها أن “إيران أصبحت جارة للكويت فعليهم الخضوع لنا وإلا فليرحلوا”. كما احتلت إيران الجزر العربية الثلاث وادعت عائدية البحرين لإيران.الملف الأخطر الذي مزّق الغطاء الديني والمذهبي هو ملف العلاقات الإسرائيلية الإيرانية، ففي الوقت الذي تعلن فيه طهران بأن إسرائيل هي “الشيطان الأصغر”، كانت تتم في الخفاء صفقات التسليح خصوصا خلال الحرب العراقية الإيرانية، وهو ملف كبير وفيه تفصيلات ووقائع أثارت الرأي العام العالمي في تلك السنوات ولا بأس من إعادة التذكير بأبرز واقعتين: الأولى حادثة إسقاط الطائرة الأرجنتينية الحاملة للسلاح إلى طهران وتم إسقاطها على الأراضي السوفييتية عام 1981، والواقعة الأهم هي صفقة “إيران غيت” وهناك حادثة ثانوية لكنها فضيحة حيث ألقي القبض على أحد أقرباء الخميني، الشيخ صادق طباطبائي، في مطار برلين عام 1983 وفي حوزته كمية كبيرة من الهيروين وسجل على جواز سفره دخوله إلى إسرائيل.هناك توثيقات سياسية كثيرة تشير إلى العلاقة الإسرائيلية الإيرانية ومنها اعتراف الرئيس الإيراني السابق أبوالحسن بني صدر لجريدة هيرالد تريبيون الأميركية في 24 أغسطس 1981 بأنه أحيط علما بوجود العلاقة بين إيران وإسرائيل، واعترافات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن عام 1982 بأن إسرائيل زودت إيران بالسلاح ووقائع أخرى وثقتها الجهات الاستخبارية الدولية.الإدانات السياسية والثقافية والإعلامية الدامغة كثيرة وأهمها ما قدمه من وثائق تريتا بارسي الأستاذ الأميركي من أصول إيرانية في جامعة جون هوبكنز في كتابه “التحالف الغادر” المترجم للعربية عام 2018، حيث توصل إلى حقائق واستنتاجات إستراتيجية وسياسية بعد إجرائه 130 مقابلة مع مسؤولين رسميين إسرائيليين وأميركان وإيرانيين من أصحاب القرار، وأهم ما توصل إليه من تلك الوقائع أن كلا من إسرائيل وإيران تلتقيان في نظرية “لا حرب لا سلام”، وكأنه قرأ مبكرا مقولة خامنئي اليوم “لا حرب ولا مفاوضات” مع أميركا. وأن الطرفين الإسرائيلي والإيراني يلتقيان عند نقطة أنهما منفصلان ثقافيا وسياسيا عن المنطقة “الإسرائيليون محاطون ببحر من العرب ودينيا محاطون بالمسلمين السنّة. أما بالنسبة لإيران، فالأمر مشابه نسبيا. عرقيا هم محاطون بمجموعة من الأعراق غالبها عربي خاصة إلى الجنوب والغرب، وطائفيا محاطون ببحر من المسلمين السنّة. إنّه وحتى ضمن الدائرة الإسلامية، فإن إيران اختارت أن تميّز نفسها عن محيطها عبر اتّباع التشيّع بدلا من المذهب السني السائد والغالب”.القضية الأهم التي أثارها بيرسا هي “الصفقة الكبيرة” التي اشتغلت عليها طهران عام 2003 في الوقت الذي سهلت فيه الاجتياح الأميركي للعراق، ويبدو أنها كانت أسبق تاريخيا وأكبر من “صفقة القرن” الحالية حول فلسطين التي تقف إيران بوجهها ليس من دوافع الحرص على فلسطين، وكان عرضا إيرانيا جريئا فيه ما سمي بالتنازلات الإيرانية في حال تمت الموافقة على الصفقة التي تتناول “برنامجها النووي وسياستها تجاه إسرائيل ومحاربة القاعدة، والتزام إيران بتحويل حزب الله إلى حزب سياسي وقبول مبادرة السلام العربية والاعتراف بإسرائيل”، وهو ملخص لعرض تفصيلي حمله الوسيط السويسري تيم غولدمان إلى الخارجية الأميركية عام 2003، ومن عطّل الصفقة حينذاك كان نائب الرئيس الأميركي ديك شيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. هناك مهارة لدى كل من إسرائيل وإيران في صناعة العداء بينهما وإخراجه إعلاميا.لماذا المغالاة إذن في عداء إسرائيل والولايات المتحدة من قبل حكام طهران اليوم مع اتهام العرب بصداقتهم لأميركا؟ هل هي رسائل مفادها أن على واشنطن وتل أبيب عدم الاعتماد على العرب؟ فهم في نظرها أقل مرتبة من الفرس، وهي في غطائها المذهبي وتخريبها السياسي إنما تقدم وصفة جديدة للدين الإسلامي البديل لمعتنقي مليار ونصف مليار مسلم في العالم، لكن حكام إيران وقعوا في شراك سياساتهم التخريبية ضد أهل المنطقة والعالم الإسلامي وضد شعوب إيران، إنها خدعة القرن.كاتب عراقي

مشاركة :