سام بن يحيى الأحمر، يعد واحدا من أهم اليمنيين الذين لفتوا انتباه الإعلام نحو معتقلات الحوثيين والتعذيب الذي يتعرض له أحرار اليمن على يد الجماعة. كان اعتقال سام بؤرة ضوء تجاه الظروف اللاإنسانية التي عانى ولا يزال يعاني منها المعتقلون في السجون الحوثية. ويستذكر الأحمر، وكيل وزارة السياحة السابق، الظروف المريرة التي عاشها ويعيشها اليمنيون في ظل التمرد الحوثي وروى تجربته وتفاصيل اعتقاله، والتعذيب النفسي الذي تعرض له كما روى لـ«عكاظ» قصة الإفراج عنه ومحاولات إغرائه بالانضمام إلى الحوثي وجماعته. • لماذا اعتقلك الحوثيون؟ •• اعتقالي كان مؤامرة خطط لها برغم أني تلقيت تحذيرات من أشخاص كثر بأن الحوثيين وعلي صالح عازمون على تصفيتي مع بعض أفراد حراستي، بل إن أحد هؤلاء أتى لزيارتي ناصحا لي بمغادرة اليمن فورا. وكشف لي أن عمار محمد عبدالله صالح ومعه أبوعلي الحاكم وأبو طه المداني وهم من القيادات الحوثية اجتمعوا في مكان يدعى «ريمة حميد». وشرح لي تفاصيل مخططهم لاعتقالي بحجة أنني من أسرة الأحمر التي قادت المواجهة مع النظام السابق في اشتباكات الحصبة إبان أحداث العام 2011 وبعد أسبوع من اعتقالي فوجئت باتهامي في قضايا أخرى كالاغتيال والارتباط بتنظيم القاعدة. والسبب الفعلي لهذه المؤامرة بحسب ما رأيته في المعتقل هو دعم أسرتي لثورة ١١ فبراير ومؤازرة قبيلة حاشد للحرب ضد الحوثي حيث شاركت فيها دفاعا عن الدين والوطن.. ممنوع المقاومة • كيف تم اعتقالك؟ •• بدأت عملية الاعتقال بمشكلة افتعلها الحوثيون مع بعض الأفراد في مكان يبعد عن منزلي بحوالي ٤٠٠ متر، وحينها بادرت مجاميع من المسلحين الحوثيين ممن يطلقون على أنفسهم «المجاهدين» بالهجوم على منزلي من كافة الاتجاهات وبمختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة، ومن ثم هاجموا منزل الشيخ صادق الأحمر حيث كنت أتولى حمايته ورعايته رعاية الابن لأبيه. ولأول مرة، وعبر جريدتكم «عكاظ» أعترف، قمت بتجهيز بعض الأفراد في المنازل المجاورة لمنزل الشيخ صادق ولمنزلي تحسبا لأي هجوم غادر. وكانت هناك خطة محكمة للرد على ذلك ولكني فوجئت بتوجيهات صارمة من الشيخ صادق بعدم الرد عليهم ولو بطلقة واحدة مهما كلف الأمر. وبدوري أبلغت جميع أفراد حراساتنا بعدم الخروج لمواجهة أي حوثي وهذا ما أفسد جزءا من مخططهم، فافتعلوا المشكلة ليتمكنوا من الدخول للمنزل دون مراعاة حرمته ودون أن يأبهوا لفزع النساء والأطفال. وعند هجومهم طالبوا بـتسليم عادل الأحمــر وحاتم الوادعي فطلب الشيخ صادق استدعاء قائد المجموعة المهاجمة للتفاهم معه ووعدهم بتسليم المذكورين إلى وزارة الداخلية في صباح اليوم التالي. وحل الصباح بنوره ليفضح نيتهم الحقيقية حيث طلبوا مني أن أسلم نفسي وكان الشيخ صادق متواجدا هو وأفراد أسرته فخشيت على سلامتهم فسلمت نفسي للدولة حقنا للدماء وحضر مدير أمن العاصمة واتضح لي فيما بعد أنه قيادي حوثي والمسؤول عن اللجان الحوثية في صنعاء بعد طه المداني مباشرة. 85 يوما في زنزانة • كم دامت مدة اعتقالك؟ •• دامت 85 يـومـا في سجن انفرادي تحت حراسة مشددة جدا ومنعت عن أي زيارة وأي اتصال بأسرتي وبعد ٨٥ يوما تم إحضار بقية المعتقلين لديهم ومنهم حاتم الوادعي وعادل منصر الأحمر.. سنعدمك غدا • ما الذي تتذكره حتى الآن من الاعتقال؟ •• كل لحظة مرت وأنا معتقل لا تكاد تفارق ذاكرتي فقد كانت أساليب تعذيبهم نفسية فضلا عن أن المعتقل أصبح مزارا يأتي إليه بعضهم ليتفرجوا علينا ونحن داخل أسوار سجنهم الانفرادي ويتفوهون بكلمات لا تخرج من إنـسـان عاقل ويهذون باتهامات لا يصدقها عاقل. وكانت أناشيدهم وزواملهم الحماسية تشغل عبر مكبرات الصوات طيلة الوقت، وعمليات التفتيش تباغتني في كل وقت ليس إلا لإرهاقي ومضايقتي وكانوا يرددون بشكل يومي: سيتم إعدامك غدا.. سيتم نقلك لصعدة يهدفون من ذلك إرهاقي نفسيا. وهناك صوت لـن يفارق ذاكرتي أبدا وهو صوت بكاء متواصل لطفل لم يتعد عمره الـ١٤ سنة تم اعتقاله ووضعه في زنزانة مجاورة لزنزانتي. مغادرتي خلال يومين • وكيف تم الإفراج عنكم؟ •• خضعت لتحقيقات قسمت على أربع جلسات مكونة من أربعة أشخاص ذوي خبرة وبعد الأربع جلسات اختفى الأربعة، وجاء بعدها شخص يطلق عليه «أبو عقيل» من جماعتهم في صعدة فكان يزورني بمعدل يومين في الأسبوع لإقناعي بالالتحاق بجماعة الحوثي وإغرائي بالانضمام إليهم مقابل إعادة ما نهبوه من منزلي وتعييني في أحد المناصب المهمة. وقبل خروجي بـ٢٥ يوما قال لي أبوعقيل: بصراحة متناهية: سنقوم برد اعتبارك على المستوى القبلي والمستوى الإعلامي فأنت بريء مما اتهمك به عمار محمد عبدالله صالح الذي وعدنا بإحضار الإثباتات والتسجيلات التي تدينك لكنه لم يفعل حتى الآن وبعدها أخبروني أنه سيتم الإفراج عني خلال أيام بشرط مغادرتي اليمن خلال يومين. لا علاقة مع الحوثيين • وهل تواصلت مع الحوثيين بعد ذلك؟ •• لا توجد أي علاقة تربطني بهم لا من قريب ولا من بعيد ويستحيل. • لماذا لم تتدخل زعامات قبيلة حاشد للإفراج عنك؟ •• الشيخ صادق الأحمر كان يتابع قضية اعتقالي منذ بدايتها، وحاول إيجاد حل قبلي للقضية وكان يحاول إرسال الطعام لي إلا أن الحوثيين منعوا ذلك وطلبوا مالا مقابل توفير الطعام لي، كما أن هناك عدة شخصيات قبلية سعت للإفراج عني، ومنهم من تدخل بشكل خبيث لإبقائي في المعتقل إرضاء لمصالحهم ونزواتهم. دموع الثكالى والأيتام • هل ينتظر اليمنيون الثأر من الحوثيين؟ •• بتحالف جماعة الحوثيين مع علي صالح، وولوغهم في دماء مئات الآلاف من الشهداء.. منهم 60 ألف جندي.. فضلا عن المشردين في محافظة دماج ودموع مئات الآلاف من الأمهات وحرقة مئات الآلاف من الأرامل.. وغبار المساجد المهدمة التي فجروها وبكاء عجائز أرحب ويريم وعمران وهمدان الذين فقدوا أبناءهم وبيوتهم.. كل ذلك لم ولن يترك فسحة تسامح من اليمنيين تجاه هذه الجماعة، فمعظم الأسر اليمنية لديها معتقلون في سجون الحوثيين، وهذا ما سيوسع دائرة الانتقام والثأر. لكنني أود التنويه إلى أن «عاصفة الحزم» التي قادتها المملكة سيكون لها دور كبير في تصفية وجود جماعة الحوثي، وهو ما أسعد اليمنيين وزرع في قلوبهم التفاؤل نحو استرداد حريتهم وأمنهم. تعذيب أحرار اليمن • من تذكر من اليمنيين ممن تعرضوا للتعذيب على يد الحوثي؟ •• كل شخص حر خالف هوى جماعة الحوثي تعرض للإيذاء، ولك أن تتخيل كم هم الأحــرار في اليمن، وهنا أذكر المعتقلين حاتم الوادعي المصاب وعادل منصر الأحمر اللذين يمكثان حتى اليوم تحت وطأة التعذيب النفسي الذي أعتبره أعتى وأبشع من أي تعذيب جسدي. أسأل الله يفك أسرهم وأسر جميع الأحرار الذين وهبوا أنفسهم فداء للدين وللوطن.
مشاركة :