في الوقت الذي تحتضر فيه خطة كوشنير للسلام، ويجتهد عتاة الساسة هناك في عمليات ترميم يائسة لها، فإن في الوقت متسع للحديث عن مطالع الأهلة ولجان الترائي.أعرف أن النص الشريف يربط بداية شهر الصوم ونهايته برؤية الهلال، ولعل في التزامنا بهذا، باباً للخروج من الإختلاف ومن الإسقاطات السياسية المفترضة على مسائل فقهية بحتة.أتممنا ثلاثين يوما من الصيام، وأنهى غيرنا الشهر بتسعة وعشرين، لا بأس، هذا من شأن لجان الترائي وقرارات المؤسسات الدينية المختصة.لكن الأمر لا يمكن أن يمر هكذا، دون إشارت سياسية سريعة.أولها، الحاجة لاحتكام ديني فقهي لمرجعية واحد في هذا الإطار. من غير المعقول أن يرتبط إعلان العيد وبداية الصيام وأشهر الحج، بتكنولوجيا بدائية، في الوقت التي تستطيع ادوات التكنولوجيا الحديثة ضبط توقيت الأهلّة بالدقيقة والثانية.وثانيها، مشهد الإرتباك الذي وصل حد التراجع عن قرار الرصد في بعض الدول. مشهد تراجيدي لحال الأمة الحزين ولشعوبها المقهورة.ثم ألسنا نحتكم لثبوت دخول شهر ذو الحجة من مرجعية واحدة ؟ فما بالنا إذا نختلف في الرؤية في الفطر أو الصوم؟ هل للامر علاقة بالسياسة؟ ربما ولكن من زاوية أخرى.واضحٌ أن حالة المشهد في بلاد العرب اليوم، محكومة بخطوط الإستعمار التي رسمها الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وثبّتا فيها ليس مطالع الأهلة المختلفة، بل حدودا أيضا، لا يمكن اجتيازها سوى بموافقات وبصمات ودفاتر تسمى جوازات.محزن أن تمضي الأمة الإسلامية في طريقها الذي يكتنفه الإختلاف وتحوط به الفُرقة. محزن أن لا يكون لها كيان سياسي، تواجه به بطش الأقوياء، وتدافع به عن رسائل الإسلام السمحة المعتدلة، وتدرأ به شبهات كثيرة حول الإسلام. محزن أن لا نرى بشائر للتقدم ، ومؤلم أكثر أن نتمادى في الإختلاف على مطلع قمر و رصد هلال.كل عام وأمة العرب والإسلام بخير، وأعاد الله شهر الصيام ونحن في حلٍّ من اختلافات المطالع واشتباك الرؤية.
مشاركة :