قدر مدينة طرابلس (شمال لبنان) أن يكون ليلها مختلفاً عن ليل باقي المناطق اللبنانية عشية عيد الفطر. فقد هزّ أمنها أمس اعتداء إرهابي نفّذه عبد الرحمن مبسوط، ما أوقع 4 قتلى للجيش وقوى الأمن الداخلي وعدداً من الجرحى إصابة بعضهم خطيرة، من بينهم فلسطيني صادفه أثناء هروبه من الجيش. وفي التفاصيل، بدأ الإرهابي عبد الرحمن مبسوط عمليته الإرهابية من سرايا طرابلس ومركز مصرف لبنان في المدينة، حيث رمى قنبلة يدوية، وأطلق النار على رجال الأمن، ثم انتقل ليستهدف دورية لقوى الأمن الداخلي، ما أدى إلى مقتل عنصر من الدورية، قبل أن يغادر، وهو يصرخ بكلام غير مفهوم، مستقلاً دراجة نارية. أثناء تحرّكه، كانت دورية من الجيش في طريقها إلى مكان العملية، فأطلق النار باتجاه آلية للجيش، ما أدى إلى مقتل عسكريين وإصابة آخرين بجروح. ثم أكمل طريقه وكانت دوريات الجيش والأمن الداخلي وسائر الأجهزة تلاحقه، إضافة إلى شبّان من أهل المدينة، ودخل إلى مبنى قريب من دار التوليد في شارع الميناء في طرابلس. صعد إلى سطح المبنى السكني. اقتربت قوة من الجيش، فأطلق عليها النار، ما أدى إلى إصابة ضابط وعدد من الرتب بجروح. أرسِلت التعزيزات إلى منطقة العملية. تقرر اقتحام المبنى بعد التثبت من خلوّه وقع اشتباك بين مبسوط وقوة الجيش، ما أدى إلى مقتل ضابط برتبة ملازم أول. وقبل انتهاء العملية، كان الإرهابي مبسوط يحاول إلقاء قنبلة على العناصر الأمنية إلا أن رصاص الجيش أصابه بشكل مباشر ما أسقط القنبلة من يده وانفجارها ووفاته على الفور. رحلة الإرهاب من لبنان فتركيا إلى سوريا! غادر عبد الرحمن مبسوط ابن مدينة طرابلس لبنان إلى تركيا عام 2015، سعياً للالتحاق بتنظيم "داعش" الإرهابي. مكث في تركيا أكثر من شهر، لأنه لم يتمكّن من عبور الحدود نحو منطقة سيطرة "داعش"، لكنه استطاع الدخول إلى إدلب. ومن هناك تواصل مع التنظيم الإرهابي، لينضم إلى صفوفه في الرقة. بعد أشهر، عاد إلى لبنان وجرى توقيفه عام 2016، وأمضى سنة ونصف في سجن رومية المركزي، قبل أن يخرج عام 2017. وهو كان في حالة نفسيّة غير مستقرّة كما أعلن المدير العام لقوى الأمن الداخلي أثناء تفقّده مدينة طرابلس بعد العملية، مؤكداً "أن عمله إفرادياً". رسالة إلى زوجته وابنه وقبل تنفيذه العملية الإرهابية، بعث الإرهابي عبد الرحمن مبسوط رسالة لزوجته أبلغها فيها أنه ينوي تنفيذ عملية إرهابية، وأخرى إلى ابنه لوداعه قبل إتمام العملية. "ذئب منفرد" وفي السياق، أفادت مصادر أمنية لـ"العربية.نت" أن "الإرهابي عبد الرحمن مبسوط نفّذ عمليته الإرهابية في مدينة طرابلس بشكل فردي على طريقة "الذئاب المنفردة" التي تنقض على ضحاياها بالغدر معتمدةً على عنصر المفاجأة، وهي تُشبه العملية الإرهابية التي نفّذها الإرهابي في ملهى "لارينا" في اسطنبول منذ عامين، حيث فتح النار عشوائياً على كل من اعترضه". وأوضحت "أن الإرهابي مبسوط ليس معروفاً بأنه من قادة المحاور التي شاركت في الاشتباكات التي دارت في المدينة منذ سنوات، أو أنه قائد لمجموعة مسلّحة". وأعلنت وكالة أعماق التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي أن مجموعة أبو محمد العدناني تتبنى عملية طرابلس. وقالت "الإخوة في طرابلس الآن ينكلون في دولة لبنان". جرعة أكسجين وأكدت المصادر الأمنية أن تنظيم داعش أراد من العملية التي نفّذها الإرهابي مبسوط أخذ جرعة من الأكسجين ليستعيد بعضاً من قواه بعدما فقدها نتيجة الضربات العسكرية ضدّه في سوريا"، وأوضحت "أن الإجراءات المتشددة التي يتّخذها الجيش والقوى الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية أثمرت تحسّناً كبيراً في الوضع الأمني، تحول دون تنفيذ عمليات إرهابية أكبر عبر خلايا إرهابية، لذلك نفّذ الإرهابي مبسوط عملية طرابلس على طريقة "الذئب المنفرد". وأشارت المصادر إلى "أن الأجهزة الأمنية اللبنانية أحبطت في وقت سابق أكثر من عملية إرهابية دون في سياق الأمن الاستباقي الوقائي، والذئاب المنفردة تتحرّك عندما تفرض القوى الأمنية حزاماً أمنياً ضيقاً يمنعها من التحرّك بمجموعات، لذلك تلجأ إلى العمليات الفردية، وهذه الحوادث تحصل في دول كبرى". وداهمت دورية من استخبارات الجيش اللبناني فجراً منزل الإرهابي عبد الرحمن مبسوط في منطقة باب الرمل في مدينة طرابلس وأوقفت والده وشقيقه وزوجته. لا يذهب إلى المسجد وفي السياق، أوضح رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين لـ"العربية.نت" أن "الإرهابي مبسوط كما علمت ليس من المتزمّتين دينياً، حتى إنه لا يتردد كثيراً على الجامع، لكن يبدو أن لديه حقدا داخليا تجاه الدولة وأجهزتها الأمنية". من جانبه، تخوّف القيادي في "تيار المستقبل" مصطفى علوش لـ"العربية.نت" "أن تكون حادثة طرابلس مقدّمة لسلسلة حوادث أمنية لاحقة"، ولم يستبعد "أن يكون مبسوط جزءا من المؤامرة على طرابلس ولبنان".
مشاركة :