تستمر التحقيقات والمداهمات في لندن إثر الاعتداء الإرهابي، الذي هز العاصمة البريطانية وأودى بحياة خمس أشخاص، بينهم منفذ العملية، أدريان راسل الذي غير اسمه إلى خالد مسعود بعد اعتناقه الإسلام. فكيف تحول مسعود إلى إرهابي؟ ولد خالد مسعود البالغ من العمر52 عاما باسم أدريان راسل في مقاطعة كنت جنوب شرقي لندن وانتقل إلى عدة أماكن في إنجلترا ليستقر مؤخرا في مدينة برمنغهام بوسط إنجلترا. وقد كان مسعود معروفا لدى السلطات البريطانية بسبب سجله الإجرامي الذي يتضمن حوادث اعتداء وملكية سلاح أبيض. وقد صدر حكم قضائي بحق مسعود سنة 1983 بعد إدانته بالتسبب في أضرار عامة. وبعد ذلك بعشرين سنة عاد مسعود إلى السجن، حيث تم إدانته في كانون الأول/ ديسمبر2003 بسبب حيازته لسكين. إلا أن الشرطة البريطانية أكدت أن مسعود لم يحاكم من قبل بأي تهم مرتبطة بالإرهاب. من جهتها أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، قبل الكشف عن هويته، أن منفذ الهجوم مولود في بريطانيا وكان "قبل بضع سنوات" موضع تحقيق لجهاز الاستخبارات البريطانية على صلة بـ"التطرف العنيف" موضحة أنه كان يومها "شخصا ثانويا" في هذا التحقيق. هذا في حين أوردت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية إنه لم يكن ضمن قائمة للاستخبارات تضم ثلاثة آلاف شخص يشتبه بأنهم قد يرتكبون أعمالا إرهابيا. برمنغهام..بؤرة الإسلاميين البريطانيين تعتبر برمنغهام، حيث عاش خالد مسعود في الفترة الأخيرة، واحدة من بؤر الإسلاميين في بريطانيا. فوفقا لدراسة أجراها معهد هنري جاكسون هذا الشهر فإن 39 من 269 شخصا أدينوا في تهم تتعلق بالإرهاب في الفترة من 1998 إلى 2015 كانوا ينحدرون من هذه المدينة. ويعيش في مدينة برمنغهام أكثر من 213 ألف مسلم وهو ما يمثل خمس السكان وفقا لإحصاء أجري عام 2011، وتتزايد المخاوف من حدوث انقسامات في المدينة المتنوعة. وقد أفادت تحقيقات الشرطة أن السيارة التي استخدمها خالد مسعود في الهجوم استأجرها من فرع شركة إنتربرايز في سبرينغ هيل في برمنغهام مما يشير إلى أنه كان لا يزال على صلة بالمنطقة. وسرعان ما داهمت الشرطة عددا من العناوين في أنحاء المدينة وألقت القبض على خمسة رجال وامرأتين للاشتباه في تحضيرهم لأعمال إرهابية. وقد كان مسعود يستأجر شقة قرب منطقة إيدغباستون في برمنغهام ليس ببعيد عن فرع شركة إنتربرايز وهو أحد الأماكن التي داهمها رجال الشرطة. تعزيز الإجراءات الأمنية في لندن بعد الاعتداء الإرهابي "داعشي" أم ذئب منفرد وحتى الآن لا تتوفر سوى معلومات قليلة عن الرجل أو الدافع وراء تنفيذه هجوم يوم الأربعاء، الذي يعتبر أدمى هجوم تشهده بريطانيا منذ التفجيرات الانتحارية في لندن عام 2005 والتي نفذها إسلاميون بريطانيون شبان وأودت بحياة 52 شخصا. وفي حين سارع تنظيم "داعش" بالإعلان عن مسؤوليته عن الاعتداء الإرهابي في لندن، أشار مراقبون لصحيفة " أندبندت البريطانية" أن السيرة الذاتية لخالد مسعود لا تشير بأن له علاقة مباشرة مع تنظيم "داعش" الإرهابي. وأضافت الصحيفة أن "داعش" تحاول من خلال إعلان مسؤوليتها عن أعمال إرهابية ينفذها ما يعرف بـ " الذئاب المنفردة"، تهدف إلى صرف النظر عن الخسائر التي تكبدها التنظيم الإرهابي، بعد أن تم دحره في عدة مناطق بسوريا والعراق. وفي هذا الصدد قال جون مارك ريكلي الخبير في الجماعات الإسلامية و الباحث في مركز كينغس كوليج في لندن لصحيفة الاندبندنت أنه: " عندما لا يكون هناك أمر مباشر من داعش بتنفيذ عملية إرهابية، فهي تبحث إذا كان هناك علاقة للمنفذ بشكل أو بآخر بأحد أنصارها في عين المكان." بالإضافة إلى ذلك فقد أكد مصدر بالحكومة الأمريكية لوكالة رويترز إن مسعود كان على صلة بأشخاص لديهم اهتمام بالانضمام لجماعات جهادية في الخارج لكن مسعود "نفسه لم يفعل ذلك قط". مسعود انتقل إلى السعودية سنة 2005 وطبقا لصحيفة "صن" فقد كان مسعود متزوجا من امرأة مسلمة في 2004 وانتقل في سنة 2005 إلى السعودية لممارسة التعليم ثم عاد 2009. وبالإضافة إلى ذلك فقد أشارت تقارير إلى أنه عاش في مناطق مختلفة في إنجلترا ومن بينها لوتون وشرق لندن. علاوة على ذلك فقد وصفته جارته السابقة إيونا روميك من برمنغهام بأنه "شخص لطيف"، وصرحت لصحيفة برمنغهام ميل بأنه "كان متزوجا من شابة آسيوية وكان له طفل يذهب إلى المدرسة". آخر ليلة لمسعود قبل تنفيذ الاعتداء الإرهابي تشير مصادر إعلامية بريطانية أن خالد مسعود قضى ليلة ما قبل الهجوم في فندق بريستون بارك في برايتون. وأكد المسؤول عن الفندق أن خالد منصور قضى ليلة 17 مارس/ آذار في الفندق ثم عاد بعد ذلك يوم الثلاثاء 21 مارس/آذار، حيث قضى ليلته هناك، حسب ما أوردت صحيفة " ذي غارديان" نقلا عن سكاي نيوز، التي أجرت الحوار مع المسؤول عن الفندق والذي أكد أنه كان لطيفا وكان أيضا يضحك ويمزح ما العاملين. وقد دفع فاتورة الفندق باستخدام بطاقة بنكية ثم غادر بسلام. وبعد ما أكدت الشرطة أن خالد مسعود هو منفذ اعتداء لندن، شعر العاملون بصدمة كبيرة، حسب المسؤول عن الفندق. وفي الوقت الذي تم الكشف عن بعض الحقائق جديدة حول خالد مسعود، إلا أن الشرطة تحاول معرفة المزيد عنه، حسب ما جاء على لسان قائد شرطة مكافحة الإرهاب مارك راولي الجمعة، والذي قال إن الشرطة تسعى لمعرفة ما إذا كان مسعود قد تصرف بمفرده تماما "أم أن آخرين شجعوه ودعموه ووجهوه". ولهذا فإن الشرطة البريطانية مازالت "تبحث في تاريخه"، بل وناشدت أي شخص يعرف معلومات عنه أن يدلي بها إلى الشرطة، مضيفا أن "تحقيقاتنا تركز على فهم دوافعه وتحضيراته وأي شركاء له". أمين بنضريف ( رويترز/DW)
مشاركة :