نبّه الشيخ محمد بن إبراهيم السبر إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري بالرياض إلى منزلة صيام الست من شوال، موضحًا أن ذلك يعد من متابعة الإحسان بعد رمضان. وقال "السبر": إن صيام الست أمر مشروع ندبنا إليه النبي ﷺ بقوله: (من صامَ رمضان ثم أتبعهُ ستاً مِن شوال كانَ كصيام الدهر كله)، رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. وأضاف: وجه ذلك أَنّ الله تعالى يجزي على الحسنةِ بعشر أمثالِها فصيام رمضان مضاعفاً بعشرة شهور وصيامُ الست بستين يوماً فحصلَ منْ ذلِكٓ أجر صيام سنة كاملة، وهي بالنسبة لرمضان كالسُّنة الراتبة بالنسبة للصلاة المفروضة. وعن حكمها وطريقة صيامها، قال "السبر": هي مستحبةٌ وغير واجبة وتصام بعد يوم العيد ويصح صومها متفرقةً في أول الشهر أو وسطه أو آخره، والتتابع في صيامها أفضل لما فيه من المبادرة وعدم التسويف. وأضاف: الأَولى المبادرةُ بالقضاء قبل صيام الست، لقوله تعالى: "وعجلت إليك رب لترضى"، ويجب أن ينوي صيامها من الليل قبل الفجر ليحصل له كمال اليوم وإذا وافق صيامها يومي الاثنين والخميس؛ فإنه يحصل له أجرهما بنيته لحديث: (إنما الأعمال بالنيات). وأردف: إذا فات شهر شوال فإنها سنةٌ فات محلها فلا تقضى، ولقد أخرج مسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي ﷺ قال: (من صام رمضان ثم أتبَعه ستًّا من شوال فكأنما صام الدهر)، وهو حديث صحيح، صححه كبار الحفّاظ كالإمام أحمد ومسلم والترمذي والبيهقي وغيرهم، وقد تكلّم فيه بعضهم وضعّفه لأنه من رواية سعد بن سعيد الأنصاري عن عمر بن ثابت عن أبي الأنصاري، وسعد بن سعيد متكلّم فيه من أجل حفظه لكنه لم يتفرّد بهذ الخبر، فقد تابعه صفوان بن سليم وعبد ربه الأنصاري وأخوه يحيى بن سعيد بسند حسن، وزيد بن أسلم كلهم رووه عن عمر بن ثابت. وتابع: لقد جاء هذا الخبر كذلك عن جابر وثوبان وأبي هريرة بأسانيد لا بأس بها، ولا شك في أن هذا الخبر ثابت لتعدد طرقه وتنوّع مخارجه، ولا وجه لمن ضعّف هذا الخبر من أجل هذه العلّة. وقال "السبر": أما ما جاء عن الإمام مالك في موطئه: (ما رأيت أحداً من أهل العلم يصومها)، فلا يصح معارضة السنة الصحيحة به، ومتى ما صح الخبر وجب الأخذ به وترك قول من عارضه كائناً من كان. وأضاف: ذكر أبو بكر بن العربي المالكي أن الإمام مالك لا يقصد تضعيف ما جاء في صيام الست من شوال، وإنما قصده أن توصل هذه الست مع رمضان بلا فاصل، وذكر ابن عبدالبرِّ المالكي، أن هذا الحديث لم يبلغ الإمام مالك، وهو بعيد لأن هذا الحديث مدني، وهو من أعلم الناس بالأحاديث المدنية، ولعلّ ما ذهب إليه أبو بكر ابن العربي قويّ ووجيه.
مشاركة :