هزيمة مدوية للاشتراكيين في الانتخابات المحلية الفرنسية

  • 3/31/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

«إنه تسونامي انتخابي». «صفعة». «انتصار لا غبار عليه». «زلزال». بهذه العناوين العريضة خرجت الصحافة الفرنسية أمس لتوصيف الهزيمة السياسية التي لحقت برئيس الجمهورية فرنسوا هولاند والحكومة والحزب الاشتراكي واليسار بشكل عام وهي تضاف إلى هزيمتين انتخابيتين سابقتين: الانتخابات الأوروبية والبلدية. كما بات الاستعداد متوقعا لهزيمة رابعة في شهر ديسمبر (كانون الأول) القادم بمناسبة الانتخابات الإقليمية. ومحصلة الدورتين الانتخابيتين أفرزت صورة جديدة للمشهد السياسي الفرنسي. فاليمين الكلاسيكي المشكل من حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية ومن حزب اتحاد الوسط (يمين الوسط) فاز بـ66 قضاء من أصل 101 منتزعا من الحزب الاشتراكي (الحاكم) وحلفائه الراديكاليين اليساريين 28 قضاء، بحيث لم يعد لهؤلاء سوى 34 قضاء. أما نسب الأصوات، فإنها تميل بقوة لصالح اليمين الذي حصل، وفق الأرقام التي أذاعتها وزارة الداخلية أمس، على 45.03 في المائة من الأصوات مقابل 32.12 في المائة لمجموع اليسار. أما اليمين المتطرف ممثلا بالجبهة الوطنية فقد حصل على 22.23 في المائة من الأصوات. ولكن رغم ذلك وبسبب النظام الانتخابي، فإنه لم يفز بأي قضاء. بالمقابل، فقد نجح في إيصال 62 مستشارا محليا بينما لم يكن له سابقا سوى مستشار واحد. كل هزيمة سياسية مؤلمة بحد ذاتها. لكن ما أصاب اليسار الاشتراكي جاء أشد إيلاما لأنه خسائر «قلاعا» انتخابية كانت معقودة اللواء له منذ عقود في شمال فرنسا وجنوبها ووسطها. فعرين الرئيس هولاند الانتخابي في منطقة الكوريز (وسط) سقط بيد اليمين كذلك سقط عرين رئيس الحكومة مانويل فالس في قضاء إيسون (ضاحية باريس الجنوبية). وخسر اليسار عدة أقضية في شمال فرنسا، في مناطق عمالية كانت تصوت تقليديا لصالح اليسار لكنها ابتعدت عنه في السنوات الثلاث الأخيرة. وكان لا بد لرئيس الحكومة أن يجد مبررات وأعذارا للهزيمة وقد عثر عليها في تبعثر اليسار وتكاثر لوائحه. وقال مانويل فالس إن «انقسامات اليسار في الدورة الأولى وتشتته أفضت إلى تراجعه». ورغم الصفعة، فقد اعتبر رئيس الحكومة الذي شارك بقوة في الحملة الانتخابية وحتى آخر يوم، أن التعبئة التي دعا إليها ساهمت في منع الجبهة الوطنية من التحول إلى أول تشكيلة سياسية في فرنسا. بيد أن شروحات فالس الذي سيبقى في موقعه رئيسا للحكومة لم تقنع لا اليسار ولا اليمين. فقد حملته مارتين أوبري الوزيرة السابقة وأمينة عام الحزب الاشتراكي السابقة لسنوات، مسؤولية الهزيمة بسبب السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي يسير عليها الرئيس هولاند وحكومته. ووصفت أوبري التصويت بأنه «تعبير عن احتجاجات قوية» للمسار الذي تسلكه سياسة الحكومة. وتمثل أوبري الجناح اليساري للحزب الاشتراكي الذي أجمع قادته على حث الحكومة لاتباع سياسة «مختلفة» وإلا فإن «الهزائم اللاحقة ستكون أكثر دويا من الحالية»، وفق تعبير النائب الاشتراكي جيروم إيدج. كان من الطبيعي أن يشعر قادة اليمين بالاعتزاز للانتصار الذي وصفه نيكولا ساركوزي بـ«غير المسبوق» منذ عقود. واعتبر الرئيس اليميني السابق أن «الأمل يولد مجددا في فرنسا ووعد التغيير(السياسي) في بلدنا قادم ولا شيء يستطيع إيقافه»، في إشارة واضحة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجرى في ربيع عام 2017. أما بالنسبة لليمن المتطرف، فرغم الواقع الجدي الذي فرضه على المشهد السياسي الذي أصبح ثلاثيا (مع الجبهة الوطنية) بعد أن كان مقصرا على قطبي اليمين واليسار، فقد مني بشيء من الخيبة لأنه لم ينجح في وضع اليد على أي من الأقضية الـ101 بسبب التحالف «الموضوعي» بين اليمين واليسار لقطع الطريق عليه. ونددت زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبين بـ«الألاعيب الانتخابية المطبوخة بين الاتحاد من أجل حركة شعبية والحزب الاشتراكي» وبالنظام الانتخابي الذي يحرم الجبهة من ترجمة شعبيتها إلى مقاعد وأقضية. لكن لو بين وعدت بـ«مفاجأة» في الانتخابات الإقليمية القادمة حيث يعمل بالنظام النسبي جزئيا. وفي أي حال، جددت لو بين ثقتها بـ«المسيرة المظفرة» نحو السلطة في الاستحقاقات القادمة حيث ستكون المرشحة الثالثة في الانتخابات الرئاسية، على الأرجح، إلى جانب هولند وساركوزي. ورغم أن الاستحقاق الرئاسي ما زال بعيدا، إلا أن كافة الأنظار متجهة إليه. وإذا بقي الميزان السياسي على حاله ولم تحصل «العجيبة» الاقتصادية التي تستطيع وحدها إعادة بعض الشعبية للرئيس هولاند، فإن حظوظ ساركوزي بالعودة إلى قصر الإليزيه تكبر يوما بعد يوم شرط ألا تفضي ارتباط اسمه بعدد من الفضائح المالية إلى خروجه من السباق.

مشاركة :