وجبة مسرحية دسمة قدمها مسرح السلام، التابع للبيت الفنى للمسرح يوميا، خلال شهر رمضان، بعنوان «الطوق والإسورة» للمخرج الكبير ناصر عبدالمنعم، الذى استطاع بأدواته الإخراجية التعامل مع نص الكاتب يحيى الطاهر عبدالله فى موضوع عابر للزمان لقضية ما زال مضمونها قائما حتى الوقت الراهن، حيث يعتمد فى أعماله على صيغة تعيد قراءة التاريخ المصرى الحديث بقضاياه وإشكالياته مركزا على الشخصية المصرية - دراما تورج الدكتور سامح مهران، وهو العرض المسرحى الحائز على جائزة أفضل عرض عربى فى يناير الماضى ٢٠١٩، لمهرجان المسرح العربى فى نسخته الحادية عشرة، «جائزة الدكتور سلطان بن محمد القاسمى لعام ٢٠١٨».واستطاع المخرج الكبير ناصر عبدالمنعم، الذهاب مع جمهور العرض إلى رحلة فى إحدى مناطق صعيد مصر التى ترصد معاناة إحدى الأسر الفقيرة التى تعانى الفقر والحرمان حتى تقع ضحية الخيالات الشعبية والخرافات، ليقدم لنا نموذجا للمرأة الصعيدية التى تتعرض للقهر من قبل السلطة الذكورية، فالموروث الثقافى الشعبى لا يحمل إيجابيات فقط بل يحوى أيضا سلبيات لا بد من التعامل معها ومناقشتها جيدا، إضافة إلى المساهمة والتفكير على إيجاد الحلول لها، كما يطرح العرض مقابلات ما بين الماضى والحاضر، فى صورة تجمع بين تجاور المعابد الفرعونية المكونة من مسلتين وأحد ملوك الفراعنة بجلالة عظمة التاريخ، وبيت «حزينة» شديد الفقر، ويشارك الجمهور عن طريق التنقل بين أحداث العرض حتى يجعله المخرج فى التفكير فى الحالة التى وصلنا لها. استطاع عبدالمنعم، أن يقدم مجموعة من الشخصيات التى تفوقت على نفسها وإتقانها، حيث لعبت الفنانة فاطمة محمد على شخصية «حزينة» التى تدير حياتها بالخداع والحيل حتى تستطيع التعايش مع المجتمع، إضافة إلى الفنانة الشابة مارتينا عادل التى تفوقت على نفسها فى إتقان شخصية «فهيمة» كذلك الفنان نائل على الذى جسد شخصية «الحداد»، وأيضا أشرف شكرى شخصية الشيخ «العليمى»، وأحمد طارق دور «عبدالحكم» الذى يغترب من أجل جمع المال.كما لعبت السنوغرافيا دورا مهما فى توظيف عناصرها المسرحية، بشكل متميز ومتناغم مع الأحداث، مما جعل العرض يظهر بصورته السليمة، حيث استحدم مهندس الديكور محيى فهمي، العديد من الخامات البسيطة لتحقيق أفضل استفادة لمفردات هذا الفراغ المسرحى وتوظيفه فى شكل جمالى يلائم المستخدم ويجعل المشاهد يعيش فى تلك الحقبة، إلى جانب الإضاءة التى تعد عنصرا مكملا لفنيات العرض المسرحي، تلك اللغة البصرية التى تهدف إلى خلق جو معين يعيش بداخله الفنانون والمتفرجون مما يساعد على خلق حالة مسرحية ذات معنى، واستطاعت مصممة الأزياء نعيمة عجمى أن تبدع من خلال اختيارها وتصميمها لأزياء العرض التى دلت على تلك الحقبة التاريخية، فنحن أمام عرض مسرحى متكامل بكافة عناصره المسرحية، ويعلن العرض اليوم عن ميلاد نجوم شابة جديدة مثلما أعلن من قبل فى عام ١٩٩٦ الذين أصبحوا أسماء لامعة على الساحة المسرحية والسينمائية حتى الوقت الراهن.
مشاركة :