فيما تبدو المنطقة وكأنّها تقف على خطّ النار، وكأنّ الأمور سائرة نحو إعادة خلط للأوراق في كلّ النقاط الساخنة، ليس بالضرورة أن يكون لبنان داخلها، بل شأنه شأن سائر دول المنطقة التي يتوجّب عليها أن تحتاط حتى لا تكون عرضة للتأثر بالتداعيات، ورغم التطمينات التي ترِد من هنا وهناك في كثير من الأحيان. فإنّ المشهد السياسي الداخلي في لبنان لا يزال تحت وطأة العملية الإرهابية التي حصدت أربعة من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، في مدينة طرابلس ليل الاثنين الماضي، ونغّصت على اللبنانيين فرحة العيد، ما رفع منسوب القلق من إمكان تنفيذ عمليات أخرى. الذئب المنفرد ولا يزال لبنان يلملم جراحه ويودّع ضحايا الاعتداء، في حين أنّ التحقيقات المتعلّقة بعملية «الذئب المنفرد» لم تنتهِ، والنتائج لم تظهر بعد، وسط تأكيد مصادر أمنية لـ«البيان»، أنّ العمل الأمني الذي يقوم به الجيش وقوى الأمن الداخلي وكلّ الأجهزة يجعل لبنان محصّناً في المرحلة المقبلة من أيّ اختراق أمني من قبل خلايا إرهابية منظّمة ومترابطة. لكنّ هذا قد لا يمنع حصول خروقات منفردة تبقى محدودة الأثر والفاعلية. في الأثناء، لفتت زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى طرابلس، حيث أكّد أنّ الجيش «سيبقى في جاهزية دائمة لمواجهة أيّ خطر، مهما بلغ حجم التضحيات»، وشدّد على أنّ «الإرهاب لا دين له»، موضحاً أن الإرهابي لجأ إلى تنفيذ هذه العملية مستخدماً سياسة «الذئب المنفرد». و«الذئاب المنفردة» مصطلح استخباراتي يعني قيام شخص، لا يخضع لتنظيم هرمي، بالتخطيط والتنفيذ ضمن إمكاناته، ولهذا لا يمكن ضبطه مئة في المئة. اجتماع أمني وعلى نيّة متابعة ارتدادات الغزوة «الداعشية»، التأم في قصر بعبدا اجتماع أمني برئاسة الرئيس العماد ميشال عون، الذي استنكر والعديد من القوى السياسية والرسمية والحزبية والروحية ما ارتكبه الإرهابي عبدالرحمن مبسوط، الحاقد على كلّ من يرتدي بزّة عسكرية، مؤكدين أنّ ما حصل لن يؤثر على الاستقرار في البلاد. مع الإشارة إلى أن عون أكد ضرورة تكثيف المتابعات الأمنية للمشبوهين، والمبادرة إلى تنفيذ عمليات استباقية عند الضرورة. وفيما لا يزال الهاجس الأمني الطبق الأساس على الموائد السياسية وغير السياسية، في ظلّ التقارير الأمنية التي تتحدث عن خطط ونوايا إرهابية مبيّتة للبنان، وذلك وسط إجماع كل المستويات السياسية والرسمية على ضرورة رفع مستوى الجاهزية لدى الدولة على كل مستويات، لتدارك الخطر والحيلولة دون مفاعيله وارتداداته السلبية، سياسياً وأمنياً واقتصادياً . وعلى كل المستويات الأخرى، أكدت مصادر مراقبة لـ«البيان» أنّ على الطبقة السياسية الاتّعاظ واستخراج العبر سريعاً. ذلك أنّ كشْف ظهر المؤسّسات العسكرية والأمنية سيشرّع لبنان أمام سيناريوهات شبيهة بالتي حصلت في طرابلس. ترقّب تترقّب الساحة الداخلية اللبنانية زيارات لمسؤولين كبار عرب وأجانب خلال الشهر الجاري، مواكبة لورشة النهوض الاقتصادي التي سيطلقها مسار مؤتمر «سيدر» وإصلاحاته، إذ يبرز دور المجتمع الدولي، الذي سيعاين عن كثب بنود الموازنة العتيدة للعام الجاري ومعالمها، ليحدّد في ضوئها ما إذا كانت كافية لتفتح طريق أموال الدول المانحة واستثماراتها نحو بيروت. إلا أنّ عينه الأخرى ترصد أيضاً أداء لبنان، سياسياً واستراتيجياً. فهو لا ينفكّ يشدّد على ضرورة تقيّد مكوّناته بسياسة النأي بالنفس وبالقرارات الدولية وبوضع استراتيجية دفاعية. طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :