لندن - تغادر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اليوم الجمعة رئاسة حزب المحافظين معلنة بذلك بدء السباق لخلافتها الذي سيُحدّد من سينجح في المهمة الشاقة التي فشلت فيها وهي تنفيذ بريكست، فيما برأت محكمة بريطانية وزير الخارجية السابق بوريس جونسون المرشح الأوفر حظا لخلافة ماي من تهمة الكذب، ما يزيح عقبة أخرى من طريقه لخوض السباق لـ10 دوانينغ ستريت. وما يزيد مرارة رحيل ماي، تصاعد نفوذ حزب بريكست بزعامة نايجل فاراج وهو حزب حديث النشأة يتلمس خطاه بثبات وسط حالة الانقسام والإحباط في الشارع البريطاني. وتصدّر الحزب المشكك في جدوى الاتحاد الأوروبي الذي تم تأسيسيه قبل بضعة أشهر، نتائج الانتخابات الأوروبية في أواخر مايو/ايار بحصوله على 31.6 بالمئة من الأصوات. إلا أنه فشل في الدخول إلى البرلمان البريطاني في الانتخابات التشريعية الفرعية التي أجريت الخميس في بيتربورو في شرق بريطانيا، مقابل حزب العمال الذي تمكن من الحفاظ على مقعده رغم إطار محلي غير مؤات للغاية. وجاء مرشح حزب بريكست مايك غرين مع قرابة 29 بالمئة من الأصوات، خلف مرشحة العمال ليزا فوربس (31 بالمئة) متقدما بفارق كبير على حزب المحافظين الذي حلّ في المرتبة الثالثة بـ21 بالمئة. ورأى خبير استطلاعات الرأي جون كورتيس أن هذه النتيجة تُظهر أن المملكة المتحدة باتت "كوكبا سياسيا آخر". وقال لقناة بي بي سي، إن حزب بريكسوبعد تقديم استقالتها من منصب رئاسة الحزب المحافظ، الذي لن ينظّم أي مراسم لذلك الجمعة، ستبقى تيريزا ماي في مهامها إلى أن يعين الحزب خلفا لها بحلول أواخر يوليو/تموز بصفة رئيسة حكومة تسيير أعمال. وفي المملكة المتحدة يتولى منصب رئاسة الوزراء رئيس الحزب الذي يملك أكثرية في البرلمان. وأوضح المتحدث باسم ماي الخميس أنه خلال الأسابيع القادمة، ستواصل ماي "العمل من أجل شعب هذا البلد. أما في ما يخصّ بريكست، فقد أشارت ماي إلى أنه لن يترتب عليها هي الدفع بهذه الآلية إلى الأمام، لكن سيكون على خلفها القيام بذلك". وسيترتب على رئيس الحكومة البريطانية المقبل إعادة بريكست إلى مساره سواء عبر إعادة التفاوض بشأن اتفاق جديد مع بروكسل أو عبر اختيار الخروج من دون اتفاق وهما سيناريوهان مطروحان في خضمّ السباق لخلافتها. ومن بين المرشحين الـ11 لخلافة ماي، يبدو الأوفر حظا النائب المحافظ بوريس جونسون الذي شغل منصب رئيس بلدية لندن ووزير الخارجية في السباق وهو قائد معسكر مؤيدي بريكست. ويحظى جونسون البالغ من العمر 54 عاما، بتقدير كبير من جانب الناشطين في قاعدة حزب المحافظين وهو سياسي محنّك وجذاب، يثير في المقابل ردود فعل أكثر تباينا من جهة النواب المحافظين الذين يُفترض أن يختاروا مرشحين اثنين ليقرر الناشطون بعدها من سيتولى منصب رئاسة الحزب. وتوجه مساء الثلاثاء إلى نواب في الحزب محذّرا من أن المحافظين مهددون بـ"الزوال" في حال لم يتم تنفيذ بريكست في 31 أكتوبر/تشرين الأول. وقد أسقطت محكمة عليا في بريطانيا الجمعة دعوى رفعت على جونسون بتهمة سوء السلوك وتعمده الكذب أثناء حملة استفتاء بريكست في العام 2016. وقال القاضي مايكل سوبرستون "نلغي قرار قاضي المنطقة بإصدار الاستدعاء" في هذه المحاكمة بحق جونسون. وفي 29 مايو/ايار الماضي أعلنت قاضية بريطانية أنه يتعين على جونسون المثول أمام محكمة للرد على معلومات حول تعمده الكذب أثناء حملة استفتاء بريكست. والقضية التي رفعها محامو رجل الأعمال ماركوس بول متعلقة بتصريحات جونسون بأن بريطوكان المبلغ المحدد الذي تدفعه بريطانيا إلى الاتحاد واحدا من أكبر القضايا في استفتاء 2016. والعقوبة القصوى على تهمة سوء السلوك أثناء شغل منصب رسمي هي السجن المؤبد. وطالب ادريان دربيشير محامي جونسون المحكمة بإلغاء المحاكمة، معتبرا أن دوافع الدعوى سياسية. وقال للقضاة إنّ "الاستنتاج العقلاني الوحيد الذي يمكن التوصل إليه أن هذه المحاكمة تحركها دوافع سياسية وبالتالي هي باطلة". وهذا ما أيده قاضيا المحكمة. وقالت القاضية آن رافيرتي إن "استنتاج المحكمة جاء بعد اقتناعنا بمرافعة دربيشير". يعتبر جونسون الأوفر حظا من بين 11 مرشحا يتنافسون على خلافة تيريزا ماي في رئاسة حزب المحافظين وبالتالي رئاسة الحكومة البريطانية. والاثنين الماضي، أطلق جونسون حملته الرقمية لخوض المنافسة من أجل تولي قيادة الحزب المحافظين. ووعد الناخبين بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر/تشرين الثاني "باتفاق أو بدون اتفاق" إذا أصبح رئيسا للوزراء عبر انتخابه زعيما للحزب المحافظ. وتولت تيريزا ماي (62 عاما)، رئاسة الحكومة البريطانية في يوليو/تموز 2016، بعد وقت قصير من تصويت البريطانيين بنسبة 52 بالمئة لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء 23 يونيو/حزيران من العام نفسه. وكان يترتب عليها قطع علاقات عمرها أكثر من أربعين عاما مع الاتحاد الأوروبي لكن أيضا جمع البريطانيين خلف رؤية موحّدة لبريكست قابلة إلى سدّ الفجوة بين مناصري ومعارضي هذا الانفصال التاريخي، وهو الأول في الاتحاد، إلا أنها لم تتمكن من كسب التحدي. ورفض النواب البريطانيون ثلاث مرات اتفاق بريكست الذي تم التفاوض بشأنه على مدى أشهر مع المفوضية الأوروبية والذي كان يُفترض أن ينظم خروجا سلسا من الاتحاد، ما اعتُبر هزائم مهينة لرئيسة الوزراء. وبعد أن نفدت وسائلها لتجنّب خروج من دون اتفاق، الأمر الذي تخشاه الأوساط الاقتصادية، أُرغمت تيريزا ماي على إرجاء موعد بريكست إلى 31 أكتوبر/تشرين الثاني بعد أن كان مقررا في الأصل في 29 مارس/آذار. وعاقب البريطانيون حزب المحافظين على هذا التأخير في تنفيذ بريكست في صناديق الاقتراع، إذ أنه حلّ في المركز الخامس في الانتخابات الأوروبية التي أجريت في 23 مايو/ايار. وماي التي أضعفها بريكست فضلا عن المؤامرات والانتقادات التي تعرضت لها في صلب حزبها المنقسم بشدة حيال هذه المسألة، أعلنت في 24 مايو/ايار استقالتها في خطاب ألقته أمام 10 داونينغ ستريت. وبدا التأثر على ماي فأسرعت إلى إنهاء خطابها والدخول إلى مكتبها محاولة إخفاء دموعها.انيا تدفع 350 مليون جنيه (440 مليون دولار) أسبوعيا للاتحاد الأوروبي.ت هو "قوة تشويش كبيرة". ومن أجل جذب الأصوات التي تنقصه، أوضح نايجل فاراج الجمعة في حديث لإذاعة بي بي سي 4 أنه يعول على ظهور "صوت تكتيكي" من جانب الناخبين المحافظين الذين سينضمون إلى حزبه لتجنّب "أن ينتهي بهم الأمر مع كوربن (زعيم حزب العمال) في الحكومة".
مشاركة :