فضيلة الشيخ أحمد مهنا السيسي: كان فتح مكة انتصارا للحق وعزة لدين الله تعالى

  • 5/25/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في خطبته ليوم الجمعة بجامع أبوحامد الغزالي بقلالي أمس تحدث خطيب الجامع فضيلة الشيخ أحمد مهنا السيسي عن فتح مكة وذلك تحت عنوان: «فتح مكة انتصار للحق وعزة لدين الله تعالى» فقال: لقد كان فتح مكة انتصارا للحق وعزة لدينِ الله وكرامة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، وحسما لقيم العدالة والأمن بين الناس جميعا، وهل ينسى التأريخ قوله صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ذلك في أشد الظروف وأحرجها، إنه رحمةُ الله للعالمين. ففي السنة الثامنة للهجرة في رمضان دخل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ورجاله الأبطال مكة المكرمة، فتجلى تواضع الفاتحين وعفوهم عند مقدرتهم لأن الناصر هو الله. ويطوف صلى الله عليه وسلم حول الكعبة المشرفة خاشعا لله متواضعا، ثم يحطم الأصنام تطهيرا للمسجد الحرام وتعبيرا عن عقيدة التوحيد التي أعتقت البشرية من أي نوع من أنواع الاستعباد قائلا: «وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا» ثم يتجلى عفوه صلى الله عليه وسلم الذي ليس له مثيل قائلا: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. وينزل قوله تعالى ((إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ..))، فيدرك المسلمون بسليم فطرتهم إشارةً وهي اقتراب رحيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، ذلك بعد أن تم وكمُل الدين ودخل الناس في دين الله أفواجا، فما بقي إلا أن يكون الحبيب أشد قربا من محبوبه مناجاة وتسبيحا. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نُعِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسُهُ حِينَ نَزَلَتْ، قَالَ: فَأَخَذَ بِأَشَدِّ مَا كَانَ قَطُّ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الآخِرَةِ. أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا والقبائل التي حولها عطاء جزيلا وذلك تأليفا لقلوبهم، جاء في سيرة ابن هِشَامٍ- بتصرف-: لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَى.. فِي قُرَيْشٍ وَفِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ.. فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فخطب فيهم خطبة تجلت فيها شيم وخلق رسول الله العظيم- ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ: مَا قَالَةٌ، بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ، وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا عَلَيَّ فِي أَنْفُسِكُمْ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالاً فَهَدَاكُمْ اللَّهُ، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ. ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ؟ قَالُوا: بِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدِّقْتُمْ: أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولاً فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلاً فَآسَيْنَاكَ. أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا. وَوَكَلْتُكُمْ إلى إسلامكُمْ، أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ إلى رِحَالِكُمْ؟ فَوَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَولا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتْ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ. اللَّهُمَّ ارْحَمْ الأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الأَنْصَارِ وَأَبنَاءَ أَبنَاءِ الأَنْصَارِ. فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قَسْمًا وَحَظًّا. وهنا علم أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مفارقهم إلى المدينة التي اختارها منزلا ومقاما فبكوا، بعد أن نال الأنصار شرف رفقة الحبيب وجواره. لقد حقق الله تعالى هذا الفتح المبين على يد من صدقوه ونصروا نبيه صلى الله عليه وسلم، فأين أمة محمد الآن من هذا الدور القيادي، للأخذ على يد المفسدين وردعهم؟ إن التصدي للتخريب والعبث بمصير الأمة بحاجة إلى توحيد الكلمة مع اتخاذ جميع أسباب القوة والمنعة، وقد ذكرنا سابقا أن الحروب تحاصرنا والأزمات المفتعلة لا تفتر عنا. ولن يتركونا ما دمنا آمنين نبني ونعمر ونرفع من شأن أوطاننا، فينبغي أن نكون بحجمنا الحقيقي كبارا حتى لا يصير الصغار كبارا على أنقاضنا.. قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ: «لَا هِجْرَةَ بعدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَلَكِنْ إذا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». أيها المسلمون، ها هو الثلث الثاني من شهر رمضان على وشك الانقضاء ويطل علينا الثلث الأخير بعشره المباركة، وكما جاء عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي تعالى الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) يعني من أيام رمضان وذلك طلبا لليلة القدر، و(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجدَّ وشدَّ المئزر) وذلك كناية عن التشمير للعبادة واعتزال النساء. فأروا الله جدَّكم – أيها المسلمون- وتنافسكم في فعل الخيرات لعلكم ترحمون.

مشاركة :