السودان: مخاوف من الانزلاق إلى حرب أهلية

  • 6/8/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

خالد جان سيز –  بعد الصباح الدموي، الإثنين الماضي، الذي شهد فضّ اعتصام الخرطوم، ومقتل 113 وجرح 500 آخرين، بات الحراك الشعبي في السودان أكثر تمسّكاً بمطلب الحكم المدني، ومحاسبة قتلة المعتصمين، ورفض الحوار مع المجلس العسكري، وسيستهل أولى خطواته، اليوم، بإطلاق عصيان مدني، تشارك فيه قطاعات واسعة. وطالبت «قوى الحرية والتغيير» التي دعت إلى العصيان، باستمراره، حتى تسليم المجلس العسكري السلطة لحكومة مدنية. في وقت أعلن «تجمع المهنيين» تمسّكه بالعصيان، معتبرا في بيان أنه «خطوة نحو إتمام سقوط المجلس العسكري الانقلابي وتحقيق النصر»، وقالت الناطقة باسم «تجمع المهنيين»، سارة عبد الجليل: «ليس أمام المجلس العسكري أي خيار لمواجهة هذا العصيان سوى التجاوب مع المطالب، ونحن نطالب أولا بالتحقيق معه في ضلوع ميليشيات الجنجويد ورئيسها الموجود في المجلس العسكري بالجرائم التي قاموا بها، وثانيا، هذا المجلس فشل في حماية المتظاهرين السلميين وجاء على أساس الانحياز للشعب وحمايته، فهو لم ينحز ولم يحمه». ومع هذه الأجواء المشحونة، والتلويح بتصعيد العصيان إلى إضراب شامل، ورفض الحوار مع المجلس العسكري، يرى مراقبون أن هناك خطرا حقيقيا من أن ينزلق الوضع في البلاد إلى حرب أهلية. تصعيد العصيان وتفاعل عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في السودان وخارجه، مع دعوات العصيان، فأطلقوا هاشتاغ #العصيان_المدني_الشامل، الذي كان ضمن أكثر الهاشتاغات انتشارا في معظم الدول العربية، حاصدا أكثر من 137 ألف تغريدة في الأيام القليلة الماضية، أكد من خلالها المستخدمون تمسّكهم بمطالبهم، حتى يقدم المجلس العسكري تنازلات في شأن مدنية الحكم. وقالت الإعلامية السودانية رفيدة حسين: «قطاعات واسعة تعلن مشاركتها في العصيان المدني الشامل». وغرد الناشط محمد عبد الرحمن: «حالياً، كل المسارات يُنجحها حاجة واحدة هي العصيان المدني الشامل، أيام العمل الخمسة، من الأحد إلى الخميس نتوحّد فيها، نواصل سلميتنا ويساند بعضنا بعضا، وسننجح». الدم بالدم ورفض كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي الحديث عن أي تفاوض مع المجلس العسكري، لعدم الثقة به، وبسبب أعمال العنف التي يقوم بها. على حد قولهم. فقالت حنون: «العصيان المدني هو نجاح الثورة لا غير. لا نريد تفاوضا مع المجلس العسكري، لا نثق فيه، مجلس الدم، كفاية مسرحيات. نريد معاقبة المجلس العسكري، الدم بالدم لا نقبل الدية». ومنذ فضّ الاعتصام، بقيت شوارع الخرطوم شبه خالية، وقال عدد من السكان إنهم يعيشون «حالة رعب». وفي الأيام الأخيرة، انتشر عناصر من «قوات الدعم السريع» ببزاتهم العسكرية، وأسلحتهم الثقيلة، في شوارع العاصمة، وتجوّلوا على متن شاحناتهم الصغيرة. ولا يمكن الوصول إلى موقع الاعتصام، وهو يخضع لمراقبة الجيش و«قوات الدعم السريع». وأزيلت المتاريس المؤقتة التي أقامها المتظاهرون لمنع قوات النظام من العبور، وكذلك لافتات مطالبة بنقل السلطة إلى المدنيين وسقوط المجلس العسكري. اعتقالات جديدة «مجلس السلم والأمن» التابع لـ«الاتحاد الأفريقي» عقد جلسة حول السودان، اختتمها باعتماد بيان قرر فيه تعليق مشاركته في نشاطات الاتحاد، حتى إنشاء سلطة انتقالية بقيادة مدنية. وفي إطار وساطة بين طرفي النزاع، جاءت المبادرة الأفريقية، التي يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. واقترح آبي على طرفَي الأزمة، تقاسم السلطة بين مدنيين وعسكريين، وتشكيل مجلس سيادي، من ثمانية مدنيين، وسبعة عسكريين. كما دعا إلى انتقال ديموقراطي سريع، مطالبا أطراف الأزمة باتخاذ قراراتهم في شأن مصير بلادهم بحرية واستقلالية تامة عن أي طرف غير سوداني، كما أبقى في الخرطوم مستشاره الخاص لتقريب وجهات النظر بين الطرفين. واشترطت «قوى الحرية والتغيير» للتفاوض مع المجلس العسكري أن يتحمّل مسؤولية فض الاعتصام، وإجراء تحقيق دولي، وإطلاق السجناء السياسيين، وحماية الحريات العامة وحرية الإعلام، ورفع الحظر عن الإنترنت، وإنهاء المظاهر العسكرية في الشوارع والميادين العامة. لكن اعتقال قوات الأمن السودانية ثلاثة من قادة المعارضة، بعد لقائهم رئيس الوزراء الإثيوبي، يهدد بزيادة التعقيدات أمام جهود مصالحة حركة الاحتجاج والجنرالات. وأُوقف السياسي المعارض محمد عصمت، الجمعة، في حين اعتُقل القيادي في «الحركة الشعبية لتحرير السودان ــ شمال»، إسماعيل جلاب، من منزله في وقت مبكر السبت. وقال رشيد أنوار، وهو أحد مساعدي جلاب: إن مبارك اردول، الناطق باسم الحركة، وهي الفرع الشمالي من حركة تمرد جنوبية سابقة، اعتُقل أيضاً. وأضاف: «لا نعرف أين يتمّ احتجازهم؟». ووسط إصرار قادة الاحتجاج حالياً على أن استئناف المحادثات مع الجيش لن يتم إلا في حال استوفيت شروط معينة، كتب السفير البريطاني لدى الخرطوم، عرفان صديق، في تغريدة: «بعد ما حصل في 3 يونيو، هذه (…) الشروط من أجل العودة إلى المحادثات تبدو منطقية جداً».

مشاركة :