أكد المجلس العسكري الانتقالي في السودان أمس، انفتاحه وحرصه على التفاوض مع الأطراف السياسية، للوصول إلى تفاهمات مرضية تقود إلى تحقيق التوافق الوطني، والعبور بالفترة الانتقالية إلى بر الأمان، بما يفضي للتأسيس للتحول الديمقراطي. وشدد المجلس في تعميم صحفي نشرته وكالة الأنباء السودانية (سونا)، على أن التحول الديمقراطي هو هدف التغيير والتداول السلمي للسلطة في البلاد. وأعرب المجلس عن شكره لدولة إثيوبيا على مبادرتها وحرصها على تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية في السودان والتي يقودها رئيس الوزراء آبي أحمد. في الوقت نفسه، كثفت قوى الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات جهودها لتنفيذ عصيان مدني شامل اليوم بعد أن اتهمت المجلس العسكري بالمماطلة في تسليم السلطة للمدنيين ، خصوصاً عقب حادثة فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم والذي اسفر عن مقتل العشرات. وبعد غياب بسبب قطع خدمة الإنترنت منذ صبيحة فض الاعتصام، عاد الناشطون أمس، إلى تفعيل خدمة الرسائل النصية لتعبئة المواطنين وحثهم على المشاركة في العصيان. وفي بيان تم نشره عبر رسائل نصية دعت قوى الحرية والتغيير المواطنين أمس إلى إقامة المتاريس وأطلقت على ليلة امس السبت ليلة المتاريس وفي ذات الرسالة أعلنت أن اليوم الأحد بداية العصيان الشامل. وقال صديق فاروق القيادي بالتغيير لـ (الاتحاد) : «ليس أمام الحرية والتغيير حل سوى مواصلة النضال السلمي للوصول إلى دولة مدنية والعصيان آخر أدوات النضال السلمي ولا مهرب من تنفيذه بعد أن اكد المجلس العسكري أنه غير راغب في الحل والدليل إقدامه على خطوة قتل الثوار في ميدان الاعتصام دون سبب».وعن فرص نجاح العصيان قال صديق : «من قبل دعونا لإضراب لمدة يومين ونجح بدرجةً فاقت توقعاتنا واليوم وصلتنا تقارير تفيد بأن المشاركة في العصيان ستكون الأكبر في تاريخ السودان». ولم يصدر من المجلس العسكري أي تعليق على العصيان إلا أن مصادر قريبة منه أكدت أنه قام بعدة تدابير حتى لا يؤثر العصيان بشكل كبير على حياة المواطنين، وذلك بتوفير الخبز والوقود وضمان استمرار خدمة الكهرباء والمياه .كما قال المصدر إن توجيهات صدرت بتفعيل لوائح الخدمة المدنية ضد كل من يتغيب عن العمل دون عذر. وفي توجيهات العصيان الصادرة عن قوى التغيير طلبت من المواطنين عدم التوجه إلى العمل والامتناع عن القيام بأي معاملة حكومية وعدم الحركة في الشوارع إلا للضرورة. وأعلنت عدد من القطاعات مشاركتها في العصيان ومن أهمها المصارف وفي مقدمتها البنك المركزي الذي يعتقل المجلس العسكري مدير فرع الخرطوم فيه كما أعلنت شركات المناولة الأرضية في مطار الخرطوم مشاركتها في الإضراب مما يعني توقع حدوث إرباك في جدول الرحلات الجوية وأيضاً أعلنت شعبة الباصات السفرية بالميناء البري توقف رحلاتها بسبب العصيان. ورصدت « الاتحاد» إقبال المواطنين على المحلات التجارية ومحلات السوبر ماركت وعمليات شراء للمواد الغذائية. وقال جميل عيسى صاحب محل سوبر ماركت لـ «الاتحاد» : منذ أمس نستقبل أعداداً كبيرة من الزبائن يشترون مواد غذائية بكميات كبيرة في حالة من الهلع والخوف من استمرار العصيان. ومن جانبه، التقى الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي بمحمد حسن لبات مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى السودان، ومبعوث الرئيس الإثيوبي محمود درير، في إطار مجهودات الوساطة التي يقودها الاتحاد الأفريقي ورئيس الوزراء الإثيوبي. وقالت مصادر مطلعة لـ«الاتحاد» إن المهدي ابلغهما أن حزب الأمة ملتزم بكل قرارات ومواقف قوى الحرية والتغيير. وحمل المهدي المجلس العسكري مسؤولية الانسداد السياسي في السودان، بسبب «أخطائه وتصرفاته القمعية» ، على حد تعبيره. وفيما يتعلق بفرص نجاح الوساطة الإثيوبية، قال عمر قمر الدين، الباحث والناشط السوداني الأميركي، لـ«الاتحاد» إن الوساطة الإثيوبية مهمة جداً لتحريك الوضع الراكد، ونزع فتيل الصراع المسلح في السودان، ومحاولة العودة بهدوء لتلمس الجوانب التي يمكن بها إيجاد مخرج لهذه الأزمة. وأضاف قمر الدين أن شروط قوى الحرية والتغيير لتهيئة المناخ معقولة وعملية، ولها مبرراتها المتسقة مع تفكيرها، ورغم أن الوساطة لم تنجز شيئاً يذكر حتى الآن، إلا أنها فتحت نافذة في عقل كل طرف بشأن مطالب الطرف الآخر، مما يفيد إذا تم الجلوس للتفاوض.
مشاركة :