أكد تقييم داخلي أجرته هيئة دولية معنية بمصالح شركات تشغيل شبكات الاتصال في العالم أن منع هواوي ومجموعة "زي تي إي" الصينية لصنع المعدات من الانخراط في عملية إطلاق شبكات الجيل الخامس من الإنترنت سيكلف الشركات الأوروبية المشغلة للهواتف المحمولة نحو 55 مليار يورو (62 مليار دولار). وبحسب "الفرنسية"، أفاد تقييم "الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول" (جي إس إم أيه) بأن الشركات المشغلة لشبكات الاتصالات ستواجه تأخيرا يصل إلى 18 شهرا في توفير شبكات الجيل الخامس للزبائن. ويضاف التقييم إلى النقاش الذي أثارته المطالبات الأمريكية بأن تتخلى الشركات في أوروبا وغيرها من الدول المتحالفة معها عن "هواوي" مصدرا لمعدات الجيل الخامس نظرا لمخاوف واشنطن من أنها قد تشكل خطرا على أجهزة الاستخبارات. ويشير تقييم "جي إس إم أيه" إلى أن "هواوي" و"زي تي إي" تشكلان 40 في المائة من سوق توفير معدات الهواتف المحمولة في الاتحاد الأوروبي وأن "هواوي" حاليا "رائدة في تكنولوجيا الجيل الخامس". وأفادت الجمعية بأن شركتي إريكسون السويدية ونوكيا الفنلندية اللتين تتنافسان في أوروبا إضافة إلى "سامسونج" الكورية الجنوبية لا تملك القدرة على التعامل مع عملية الانتقال بشكل كامل من شبكات "3جي" و"4جي" إلى "5جي" في أوروبا مع احترام العقود التي تم توقيعها في أمريكا الشمالية وآسيا. ويعني ذلك أن الشركات المشغلة ستواجه تكاليف وتأخيرات كبيرة ما لم تتمكن من استخدام معدات "هواوي" و"زي تي إي"، وفق الجمعية التي أشارت مع ذلك إلى التباينات الكبيرة في الوضع بين بلد أوروبي وآخر. وأفاد التقييم أن "من شأن فرض حظر على جهات البيع الصينية أن يقلل بشكل كبير من حدة المنافسة في سوق معدات الهواتف المحمولة ويزيد الأسعار ويرفع تكاليف إطلاق 5جي بشكل إضافي". وذكرت الوثيقة أن ذلك "سيبطئ عملية إطلاق شبكات الجيل الخامس في أوروبا ويتسبب في خفض الإقبال، وهو ما سيزيد بشكل إضافي الثغرة الإنتاجية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة". ومنعت واشنطن في أيار (مايو) الشركات الأمريكية من بيع "هواوي" مكونات مصنوعة في الولايات المتحدة لمعداتها، وتم لاحقا منحها مهلة 90 يوما للسماح بتطبيق الحظر على مراحل. وبإمكان هذه الخطوة أن تهدد استمرار "هواوي"، إحدى أهم المجموعات الصينية، وفق الخبراء الذين يشيرون إلى اعتمادها على القطع الإلكترونية الأمريكية. وقررت شركات كبرى عدة وقف التعامل مع "هواوي"، بينها "جوجل" التي يستخدم نظامها التشغيلي "أندرويد" في معظم هواتف العالم الذكية. ولم يتخذ الاتحاد الأوروبي ودوله موقفا رسميا بعد بشأن منع استخدام معدات "هواوي" في شبكات الهواتف المحمولة لديها على غرار الموقف الأمريكي. لكن شركات مشغلة عدة مثل "إي إي" و"فودافون" في بريطانيا أعلنت أنها ستتخلى عن هواتف "هواوي" الذكية عندما تطلق خدمات الجيل الخامس. وتنفي "هواوي" اتهامات واشنطن بأنها تشكل تهديدا أمنيا، وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن ثقته بأن بلاده وبريطانيا "ستتفقان تماما بشأن هواوي". من جهته، أكد الرئيس الصيني شي جين بينج أمس أن بلاده مستعدة لمشاركة خبرتها، بما فيها تلك المتعلقة بتكنولوجيا شبكات الإنترنت من الجيل الخامس، مع الدول الشريكة معها. وقال شي خلال منتدى اقتصادي يعقد في مدينة سان بطرسبورج الروسية إن "الصين مستعدة لمشاركة الاختراعات التكنولوجيا مع الشركاء كافة، خصوصا تكنولوجيا 5جي". وتأتي تصريحاته الرئيس الصيني في وقت تسعى فيه بكين لتولي دور قيادي عالمي على مستوى شبكات الاتصالات اللاسلكية في ظل منافسة شرسة مع الولايات المتحدة، وقال شي إن بلاده تسعى لإقامة "تعاون مفيد للطرفين مبني على المساواة والاحترام المتبادل". وحذرت شركة جوجل الأمريكية إدارة ترمب من أنها تخاطر بتهديد الأمن القومي الأمريكي إذا ما مضت قدما في تنفيذ قيود التصدير على شركة هواوي الصينية للإلكترونيات. ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن ثلاثة أشخاص مطلعين على سير المحادثات بين الطرفين القول إن "جوجل" طالبت بإعفائها من أي قيود في هذا الصدد. وذكر مسؤلون كبار بالشركة الأمريكية أن جوجل لن تستطيع في ظل هذه القيود تحديث أنظمة تشغيل أندرويد التي تعمل على هواتف هواوي، ما قد يدفع الشركة الصينية إلى تطوير نظام تشغيل خاص بها. وتعتقد "جوجل" أن مثل هذه الأنظمة يمكن أن تكون أكثر عرضة لمخاطر القرصنة الإلكترونية. إلى ذلك، حذر مسؤول كبير بالمكتب الرئاسي في كوريا الجنوبية، الشعب الكوري من القلق المفرط بشأن تأثير المشاركة المحتملة لـ"هواوي" في شبكة الجيل الخامس في البلاد. وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، "لا يوجد تأثير من استخدام الجيل الخامس في أمن الدفاع في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة". وكان المسؤول الكوري الجنوبي يرد على تصريحات هاري هاريس السفير الأمريكي في كوريا الجنوبية، الذي طلب من الشركات الكورية الجنوبية اختيار "مزود نظام موثوق"، مشيرا إلى أن شركة هواوي ليست موثوقة. وفسر الإعلام المحلي تصريحات السفير الأمريكي على أنها تزيد من الضغط على كوريا الجنوبية للاختيار بين الصين والولايات المتحدة.
مشاركة :