أصبحت دولة فلسطين رسميا الأربعاء عضوا في المحكمة الجنائية الدولية ما يتيح لها ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو اخرى مرتبطة بالاحتلال رغم أن تبعات هذا الفصل الجديد من النزاع تبقى غير معروفة. وجرى حفل في جلسة مغلقة في مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بمناسبة هذا الانضمام تسلم خلالها وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي نسخة رمزية من اتفاقية روما التي تأسست بناء عليها المحكمة الجنائية. وأكد المالكي للصحافيين بعد الحفل فلسطين تبحث عن العدل وليس الانتقام. وبحسب المالكي فان على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن لا يكون خائفا، وأن كان لدى إسرائيل شكاوى (ضد الفلسطينيين) فعليها تقديمها للمحكمة الجنائية الدولية. واحتمال أن تقوم المحكمة بإطلاق تحقيقات يثير مخاوف الإسرائيليين. فقد اتهم نتانياهو الفلسطينيين وحكومتهم التي تضم حركة حماس التي تعتبرها إسرائيل حركة إرهابية ب التلاعب بالمحكمة. وبعد الانسداد الكامل للأفق السياسي الذي كان يفترض أن يتيح إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل, اختار الفلسطينيون نقل المواجهة مع إسرائيل إلى الساحة الدولية. وقرر الفلسطينيون في أواخر 2014 تقديم طلب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق المشبوهين بارتكاب عمليات إبادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب بعد رفض مجلس الأمن الدولي اعتماد مشروع قرار ينهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بحلول نهاية 2017. وقامت السلطة الفلسطينية بإرسال وثائق تسمح للمدعي العام للمحكمة بالتحقيق في جرائم تزعم أنها ارتكبت في الأراضي الفلسطينية منذ حزيران/يونيو 2014. وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي فتح بحث أولي, وهو مرحلة تسبق فتح تحقيق, حول جرائم حرب مفترضة ارتكبت منذ صيف 2014 في فلسطين. وشنت اسرائيل في تموز/يوليو الماضي حربا مدمرة على قطاع غزة ما أدى إلى مقتل قرابة 2200 فلسطيني في غالبيتهم من المدنيين. وقتل أكثر من 70 شخصا في الجانب الاسرائيلي كلهم من الجنود تقريبا. وقد تؤدي التحقيقات في ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب في قطاع غزة إلى تحقيق في إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من قطاع غزة على اسرائيل. ومن جهتها, رحبت حركة حماس في قطاع غزة في بيان لها بالانضمام معتبرة إياه خطوة أولى من قبل المجتمع الدولي لعزل الكيان الصهيوني المجرم. وطالبت حماس السلطة الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها الرسمية والعمل بجدية بالغة لملاحقة قادة العدو الصهيوني. وفي الإجمال فإن 123 دولة انضمت حتى اليوم إلى معاهدة روما التي لا تضم إسرائيل. ومع أن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة إلا أنه بإمكان المحكمة ملاحقة إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم على الأراضي الفلسطينية ولكنها ستواجه صعوبات في اعتقال المشتبهين الإسرائيليين لأنها لا تملك قوة شرطية وتعتمد على تعاون الدول الاعضاء فيها. ونظريا, بإمكان الفلسطينيين طرح قضايا محددة أمام المحكمة مثل البناء في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. وأكد المالكي أن الحكومة الفلسطينية في انتظار نتائج البحث الأولي. وأضاف لسنا في مزاج للتهديد. نريد الانتظار وإعطاء المحكمة متسعا من الوقت لإكمال بحثها الاولي. وردا على انضمام الفلسطينيين في المحكمة, جمدت إسرائيل في كانون الثاني/يناير تحويل ضرائب تجمعها شهريا لحساب السلطة الفلسطينية تقدر بمئة مليون يورو شهريا. لكن الانتخابات الاسرائيلية التي جرت في الاونة الاخيرة اوجدت معطيات جديدة. فقد اعلن نتانياهو خلال الحملة الانتخابية انه سيرفض قيام دولة فلسطينية في حال اعيد انتخابه. ومنذ ذلك الحين وافق نتانياهو على الافراج عن عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية التي تواجه ازمة مالية خانقة. ويبدو ان هذا القرار الاسرائيلي اراد توجيه رسالتين: بادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين تتزامن مع وصول العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية الى مرحلة حساسة للغاية, وبادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. والمعروف أن السلطة الفلسطينية تعتمد بشكل أساسي في موازنتها على هذه المبالغ وغيابها قد يدفع نحو انهيارها وخلق فراغ خطير في المناطق الفلسطينية. ورحبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية بانضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ودعت اسرائيل
مشاركة :