الابتعاث الخارجي برنامج تنموي رائد

  • 4/2/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم : د. عبدالرحمن الطريري مكتب الاقتصادية سفراء كثر الحديث خلال الأيام الماضية عن الابتعاث في الصحف وفي وسائل التواصل الاجتماعي والسبب في هذا الاهتمام المفاجئ إشاعة انتشرت بشأن إيقافه وليس إعادة النظر فيه، ولا أحد يستغرب، أو يستنكر هذا الاهتمام، بل إن ما يستغرب عدم حدوث ردود فعل لمثل هذا القرار لو صدر. بداية الابتعاث للخارج ليست وليد الحاضر، بل تعود إلى عهد الملك عبدالعزيز، حيث أسست في عهده إدارة تحضير البعثات للدول العربية، وبالأخص إلى مصر، لكن الابتعاث، ومنذ ما يقارب الأربعين عاما اتسع، وزاد عدد المبتعثين وتنوعت التخصصات، وزادت جهات الابتعاث حتى شملت دولا كثيرة، خاصة بعد إيجاد برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله. في بداية برنامج الملك عبدالله للابتعاث كتبت مقالا في هذه الصفحة طالبت فيه بضرورة ربط المبتعثين بجهات حكومية، وشركات، ومجالات عمل ضمانا لحجز أماكن عمل للمبتعثين، وبما يخدم حاجة سوق العمل، إضافة إلى الإشراف والمتابعة المشتركة للمبتعثين في مسيرتهم الدراسية بدلا من ترك المهمة كاملة على وزارة التعليم العالي في حينه، وحسب علمي فقد أخذ بهذا الاقتراح جزئيا حيث بدأ مفهوم الاستقطاب لبعض المبتعثين من قبل بعض الجهات الحكومية والجامعات. أنا من المؤيدين لبرنامج الابتعاث الخارجي وضرورة استمراره لفوائده الجمة المتمثلة في اكتساب لغات الأوطان التي يبتعث لها الطلاب، إضافة إلى التعرف على الثقافات المختلفة بما فيها من قيم وعادات، وتقاليد، وفوق هذه جميعا اكتساب المعارف، والمهارات المتخصصة في المجالات التي تخدم التنمية في جميع مجالاتها. في رد فعل على الشائعات بشأن إيقاف برنامج الابتعاث صرح المتحدث باسم التعليم العالي بوزارة التعليم بأنه لا صحة لذلك، لكن هناك أمور فنية بشأن الابتعاث ومع أن النفي واضح إلا أن عبارة الأمور الفنية ربما أوجدت شيئا من اللبس لكن تغريدة لوزير التعليم أثبتت عدم صحة الشائعة لكن البرنامج كما يقول الوزير سيخضع للتطوير ليخدم الأهداف التي أوجد من أجلها. لا شك أنه بتغريدة الوزير قطعت جهيزة قول كل خطيب، فبرنامج الابتعاث في مرحلته الثالثة قد يأخذ صورة مختلفة عن المرحلتين السابقتين، ومن المهم في هذا السياق التسليم بأن أي برنامج مهما كانت طبيعته ومجاله سواء في الصحة، أو الصناعة أو التربية، أو الخدمات الاجتماعية لا بد من إخضاعه للتقويم في فلسفته، وأهدافه، وغاياته، وآلياته، واقتصادياته، وعملياته ومخرجاته، فالمراجعة والتقويم المستند إلى أسس علمية يكشف الإيجابيات والسلبيات في البرنامج وبما يساعد على إصلاح الخلل إن وجد أو الترشيد أو التعديل في البرنامج ليأخذ صورة وشكلا يتناسب مع الاحتياجات والظروف المستجدة، علما بأن بعض عمليات التقويم قد تنتهي إلى قرار يقضي بإيقاف البرنامج حسب ما تنتهي إليه نتائج عملية التقويم، مع تأكيدي على أن برنامج الابتعاث الخارجي لا تزال الحاجة إليه قائمة إذ لا نزال من دول العالم الثالث التي تمر بمراحل النمو بما تتطلبه من كفاءات بشرية على مستوى عالٍ من التأهيل. لعل من العناصر التي تسهم في تطوير برنامج الابتعاث إيجاد الآليات المناسبة لاختيار المرشحين الأكثر جدارة، واستحقاقا لتخفيف الهدر الذي يحصل بسبب عدم كفاءة بعض المبتعثين، وعودتهم دون تحقيق الهدف بعد سنين قضوها في البعثة، كما أن من الأمور المهمة اختيار الوجهات الجيدة، ذات السمعة القوية في البرامج، وتجنب الجامعات الضعيفة، ويدخل في هذا السياق الجامعات التي تتبنى فلسفة التطبيق بدلا من فلسفة الإعداد النظري البحت الذي تتبناه بعض الجامعات، وتأتي أهمية هذا الموضوع نظرا لضعف الإعداد المهاري الذي يحصل عليه طلابنا في التعليم العام، والعالي، ما يجعل قدرتهم على المنافسة في سوق العمل ضعيفة مقارنة بغيرهم من الإخوة الوافدين الذين يهيمنون على كثير من القطاعات في سوق العمل، حتى إن بعض القطاعات يخلو من وجود السعوديين فيها، وهذا خلل تنموي تنعكس آثاره الاقتصادية، والاجتماعية على الوطن بأكمله، وتحرم الشباب السعودي من الانخراط في سوق العمل، لتزيد نسبة البطالة، وتزيد معها المشكلات الاجتماعية.

مشاركة :