محمد هلال كان يلتفت يميناً، وشمالاً، يبحث عن أحمد الملا، كان في حيرة، كان يسأل نفسه عن سر تلك الحالة، مَنْ صنعها، ابتسامات يراها تملأ الوجوه المحيطة به، والبعيدة. ابتسامات يشعر بحرارتها، ويسمع موسيقاها، ويرى جمال اختلافها، وكأنه يزور حديقة ورد، ويشمُّ الفل، ويستمتع بجمال الزئبق، وكبرياء القرنفل، وحب زهرة الأقحوان، وخفة ظل السوسن. كان يسأل مَنْ يجلس على نفس الطاولة، علي، ومحمد الدميني، محمد القشعمي «أبو يعرب»، جبير المليحان، قاسم حداد، «ربما أجد تبريراً لمَنْ عاصر تجربتي، وكان شاهداً على تلك المعارك، التي خضتها من أجل قناعاتي، التي كانت تلامس قناعاته، أو بعضاً منها، وهمومه، من أجل مجتمع كنا نشعر بأنه يستحق أن يكون أفضل ممَّا هو عليه، أو مَنْ لحق بعدهم، وشاهد بعض لقطات الفيلم الطويل. ولكن ما يدهشني حقاً هو ذلك الحب، الذي أراه في وجوه شباب، وشابات بيني، وبينهم زمن طويل، وأتساءل كيف وصلت لهم حرارة ما فعلت، وما قدمت، وكيف احتفظوا بها وكأنها أمس، هل من أحد جلس معهم على فترات، يحدثهم عن تلك التجربة، وعن المرارة التي عانيتها، وعاناها جيلي؟» إذا كان ذلك، كيف استوعبوها لدرجة أنهم يحيطون صاحبها بكل ذلك الحب؟ أسئلة كثيرة لا أملك الإجابة عنها يا رفاق، حتى القهوة التي شربتها هنا مذاقها مختلف، رائحتها مختلفة، أنفاسها مختلفة، أفكارها مختلفة، تأثيرها مختلف، من يقدمها لك إنسان مختلف، لا تجمعك معه لغة غير لغة الحب. «دلل» عامل هندي بسيط يبتسم وهو يقدمها لك، وكأنه أحد أصدقائك المقربين. أبو عادل: هل مَنْ أحد شاهد أحمد؟. قاسم: أحمد هناك. أبو عادل: أحمد، نعم أستاذي، اجلس، هل شاهدت؟ ماذا ؟ الحب منتشراً في كل مكان، ماذا صنعت، وخلال فترة قصيرة؟ أنا لم أصنع شيئاً، أنت مَنْ صنعت ذلك، كيف؟ المقال، وتلك السنين فعلت فعلها، العمل الثقافي هو عمل تراكمي، ولكن الحب أكبر، ﻻ، هم أرادوا أن يقولوا لك شكراً على طريقتهم البسيطة ولكنها جميلة، أحمد: قل لهم بأنني فخور بهم، وأنني معهم، وأن تلك الروح التي وهبوني إياها سوف أعيش فيها عمري القادم، وأكتب عن الجمال الذي شاهدته معهم.
مشاركة :