تحليل: هل انعدم تأثير العوامل الجيوسياسية على أسواق النفط العالمية؟

  • 6/17/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

انصب التركيز في أسواق النفط في الأشهر والأيام الأخيرة على قضايا الإمدادات، في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وفنزويلا، والهجوم على ناقلات البترول بالقرب من مضيق هرمز، الأمر الذي ساعد «أوبك» وحلفائها، المعروفة باسم «أوبك+»، في جهودهم الرامية إلى دعم الأسعار عن طريق خفض الإنتاج. وتجد أسعار النفط الخام نفسها في مأزق بين التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط وتلاشي التفاؤل بشأن مستقبل النمو العالمي، فقد حصلت أسعار النفط على دعم إضافي في حالة ارتفاع التوترات الجيوسياسية بين إيران وجيرانها، ومع ذلك، قد تتلاشى المخاوف من صدمة العرض في ظل الطلب العالمي المتآكل والتغيرات الكبيرة في المعنويات. تأثير هامشي للهجمات الإيرانية وقد أدى الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان، إلى وضع السوق العالمية في حالة صدمة، خاصة أن الكثير من المحللين كانوا لا يتوقعون تصعيدًا عسكريًا متزايدًا بين إيران وجيرانها. واتهمت الحكومة الأمريكية إيران بالوقوف وراء الهجوم الذي وقع الخميس الماضي، ولكن على عكس ما حدث في الماضي، عندما تُسفر الأعمال العدائية في الشرق الأوسط عن ارتفاع أسعار الخام بشكل جنوني، إلا أنها بالكاد استجابت هذه المرة. وارتفع خام برنت 1.2% فقط بعد ظهر يوم الجمعة، في أعقاب الهجوم، لكنه لا يزال منخفضًا بأكثر من 1.50 دولارًا عن مستوى 63.58 دولارًا أمريكيًا، والذي افتتح به الأسبوع، كذلك اتبع مؤشر غرب تكساس الوسيط الأمريكي مسارًا مماثلًا، حيث كسب 0.44% فقط يوم الجمعة. ومع ذلك أنهت الأسعار الأسبوع منخفضة على خلفية المخاوف المستمرة من أن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين ستؤدي إلى تباطؤ الطلب على الطاقة. وانخفضت أسعار خام غرب تكساس الأمريكي بنسبة 2.7% بنهاية تعاملات الأسبوع، وهي ثالث خسارة أسبوعية في شهر، وفقًا لبيانات «FactSet.». وقد يكون الافتقار النسبي للحركة في أسعار النفط علامة على أن الأسواق متشككة من أن عمل إيران العدواني سيؤدي إلى مزيد من الصراع الخطير، وفقًا لكبير محللي السوق في« Oanda.»إدوارد مويا. وتجدر الإشارة إلى أنه في العقود الماضية، أدت أعمال العدوان في الشرق الأوسط إلى طفرات هائلة في أسعار النفط بسبب المخاوف من تعرض الإمدادات للخطر، ولعل الأكثر شهرة هو أن أسعار النفط تضاعفت أكثر من الضعف في الولايات المتحدة، حيث ارتفعت إلى 46 دولارًا من 21 دولارًا أمريكيًا في الفترة بين يوليو وأكتوبر 1990 بسبب حرب الخليج، وحدث الشيء نفسه قبل عقد من الزمان خلال الحرب العراقية الإيرانية، التي شهدت ضعف أسعار النفط خلال عامين. وحددت مجموعة «أوراسيا»، وهي شركة استشارية في مجال المخاطر السياسية، احتمال اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران في عام 2019 بنسبة 30%، وهي نسبة تزيد بـ 10% عن اعتقاد المجموعة أن هناك فرصة لدخول الجانبين في مفاوضات بشأن تبادل الأسرى والهجمات النووية. وإذا أدت التوترات إلى الحرب، تتوقع مجموعة «أوراسيا» ارتفاعًا في الأسعار يشبه ما حدث في حرب الخليج، وفقًا لتقرير نشرته يوم الجمعة، وفي هذه الحالة تتوقع المجموعة تحاوز أسعار النفط 100 دولار أمريكي. وقالت المجموعة إن الحرب الطويلة قد تشهد ارتفاعًا في أسعار النفط إلى 150 دولارًا أمريكيًا. ضعف الطلب العالمي وعلى جانب آخر، ترى وكالة الطاقة الدولية، أن التركيز الرئيسي الآن ينصب على الطلب على النفط، مع ضعف المعنويات الاقتصادية. وأشارت الوكالة إلى بيانات تفيد بأن نمو التجارة العالمية قد انخفض إلى أدنى مستوى له منذ الأزمة المالية قبل عقد من الزمن وسط الحروب التجارية الأمريكية المتزايدة، والتي بدأت بالفعل تؤثر على الطلب على النفط. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن إمدادات النفط العالمية ستزيد أكثر بكثير من الطلب العام المقبل مع دخول مجموعة من المشروعات الجديدة حيز التنفيذ، مما سيزيد من الضغط على منظمة «أوبك». وعلى الرغم من أن نمو الطلب العالمي على النفط سوف يتسارع إلى 1.4 مليون برميل يوميًا في عام 2020، إلا أن المعروض النفطي سيرتفع بضعف المعدل نظرًا لزيادة الطفرة المستمرة في النفط الصخري الأمريكي والإنتاج من الحقول الجديدة في البرازيل والنرويج وكندا. ومن المتوقع أن ينخفض الطلب على النفط الخام للعام الثالث على التوالي، ليصل إلى 29.3 مليون برميل في اليوم. وهذا يقل بحوالي 650 ألف برميل يوميًّا عن إمدادات دول «أوبك» التي تم ضخها في الشهر الماضي، عندما تم بالفعل تخفيض إمداداتها بشكل كبير نتيجة لاتفاق الحد من الإنتاج، وكذلك بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على فنزويلا وإيران، حيث انخفض إنتاج إيران إلى 2.4 مليون برميل في اليوم، وهو أدنى مستوى منذ الثمانينات. وقالت وكالة الطاقة الدولية التي تتخذ من باريس مقرًا لها: هناك رسالة واضحة من أول نظرة لنا على عام 2020، وهي أن هناك الكثير من نمو المعروض من خارج «أوبك» متاحًا لتلبية أي مستوى محتمل من الطلب، مع عدم وجود صدمة جيوسياسية كبيرة. مُضيفة: هذه أخبار مرحب بها للمستهلكين، وللحالة الأوسع للاقتصاد العالمي الضعيف حاليًا، لأنه سيحد من الضغوط الصعودية الكبيرة على أسعار النفط. استمرار المسار الهبوطي للأسعار وخلال تداولات الأسبوع الماضي، انتقلت أسعار النفط إلى مستوى هابط الأسبوع، وتراجع خام برنت إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل في لندن للمرة الأولى منذ يناير الماضي، بسبب القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي، الذي تفاقم بسبب الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين. وأظهر تقرير وكالة الطاقة الدولية أن المخاوف بشأن الطلب بدأت تؤتي ثمارها. وارتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 300 ألف برميل يوميًا خلال الربع الأول من العام الجاري، وهو الأضعف منذ عام 2011، حيث عوّضت الدول النامية جزء صغير فقط من انخفاض الاستهلاك في الاقتصادات المتقدمة. وبالنسبة لبقية هذا العام وحتى عام 2020، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع الطلب بشكل ملحوظ، حيث بلغ متوسطه 1.2٪ في عام 2019 ككل و1.4٪ في العام المقبل. وقالت الوكالة إن هذا الارتداد يفترض بعض التقدم في المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

مشاركة :