للأسف السودان يمر بأزمة سياسية حادة يختلط فيها العنف بالعنف المضاد بين الأطراف المتصارعة هناك، فإذا حدثت انقسامات داخل الجيش السوداني فستكون كارثية على الشعب السوداني، وإذا حدثت انقسامات داخل الاحزاب السياسية التي تقود المظاهرات والعصيان المدني فهذا أيضا سوف يقود إلى كارثة في الحوار مع (المجلس العسكري الانتقالي) في تسليم السلطة للمدنيين.. إنها حقا أزمة سياسية تحدق بمستقبل السودان. وهناك اعتقاد خاطئ يتمثل في حصر (الدكتاتورية) فقط في الحكم العسكري أو الجيوش.. لأن هناك حكاما (مدنيين) يصبحون دكتاتوريتين أيضا، وشهدت عديد من دول إفريقيا وآسيا نماذج لذلك. لكن الأخطر يتمثل فيما نشرته الزميلة «الشرق الأوسط» منذ يومين (حين حذرت الولايات المتحدة الأمريكية الأطراف السودانية من الدخول في فوضى تؤدي إلى سيناريوهات سلبية متعددة تشهدها المنطقة). وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية (تيبور ناجي) إن الفوضى قد تنتهي إلى النموذج الموجود في ليبيا أو الصومال، وإن آخر شيء تريده إثيوبيا هو «ليبيا أخرى على حدودها الشمالية الغربية». وأضاف: سيناريو آخر سلبي هو العودة مرة أخرى إلى النظام القديم، وهذا شيء آخر يبدو أنه لا أحد يريده. إذن نحن امام مخاطر كبيرة محدقة بالشعب السوداني، ومواصلة التعنت من قبل طرفي الأزمة، المتمثل في (المجلس العسكري الانتقالي) و(قوى الحرية والتغيير) سوف تمهد الطريق أمام تلك السيناريوهات الكارثية، فلا النموذج الليبي جيد، ولا النموذج الصومالي جيد، كلاهما يحملان كارثة إنسانية على الشعب السوداني.. فهل خلا السودان من الحكماء والعقلاء الذين يمكنهم أن ينقذوا الشعب من كارثة حقيقية قادمة، وحرب أهلية دموية؟ ماذا يستفيد أي من الأطراف المتصارعة حاليا في السودان حين يتحول «البحر الأحمر» إلى نسخة من «البحر المتوسط» وهو يشهد سفن الموت والغرق للمهاجرين الأبرياء من الشعب السوداني هربا من الحرب الأهلية القادمة لا سمح الله؟.. حينها لا ينفع العض على الأصابع ندما لمن سوف يتسببون في تلك الكارثة الإنسانية.. أفيقوا يا أهلنا في السودان قبل فوات الأوان.
مشاركة :