يا أستاذنا جاسر الحربش.. الكاتب لا يتوقف

  • 6/17/2019
  • 00:00
  • 26
  • 0
  • 0
news-picture

كثيرون هم من يكتبون لسنوات عدة ولا يلفتون نظر أحد، وكثيرون هم من يكتبون لسنوات دون أن يتوقف الكثير أو حتى القليل عند مقالاتهم، وقليلون هم من يكتبون فتسحرك لغتهم الأدبية الجذابة، بحيث تسرقك المقالة حتى نهايتها، ولعل من هؤلاء المتميزين إيجابيا الاستشاري الطبيب الدكتور جاسر الحربش. حبيبنا الكاتب القدير الحربش قرر فجأة قبل أيام أن يتوقف عن الكتابة بمقالة حزينة برر فيها قراره بقوله: "لم تعد كتابات الرأي على النمط القديم تناسب الزمن ولا احتياجات المرحلة، ناهيكم عن أن قراء ذلك النوع النمطي من الكتابات في تناقص سريع. شباب اليوم من الجنسين لم يعد لهم النفس الكافي للقراءات الطويلة، ولا تجذبهم الانتقائية والتأنق في أساليب الكتابة، فهم يريدون المختصر المفيد وقد وجدوا ملاذاتهم ومناكفاتهم في حوارات التواصل الاجتماعي الحديثة"، فهل هذا التبرير مقنع؟ كقارئٍ قديم لكاتبنا القدير في مجلة "اليمامة" ثم لاحقا في جريدة "الجزيرة" لا أتفق معه بتاتا، فلا يستطيع أحد أن يقرر بمجرد حدس أو توقع أو ملاحظة عشوائية أن شباب اليوم من الجنسين لم يعد لهم نفس كافٍ للقراءات الطويلة، خاصة أن ملاذاتهم كما وصفها الدكتور جاسر في حوارات التواصل الاجتماعي تتكئ عادة على المقالات أو معظمها كذلك. كثير من التغريدات التي تثير جدلا في تويتر هي صدىً يحدث إما بعد مقالات ثرية كما هو للحربش أو سيئة مستهجنة يكون فيها رد فعل القراء غاضبا، وفي المقابل فإن الكتاب يقتبسون فكرتهم أحيانا من خلال مواقع التواصل وليس هذا عيبا، فالمسالة أصبحت نوعا من التفاعل بين الجانبين. الدكتور بتواضعه الجم (من معرفة شخصية ومن خلال مقالاته) لم يذكر كيف تنتشر مقالاته في مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما (الواتساب)، وعلى سبيل المثال هناك مقالة له عنوانها: "نحتاج إلى فهم جديد للوقت"، كتبها قبل ست سنوات ونصف السنة، ومع ذلك لا تزال المقالة يتم تداولها حتى الآن، والسبب -فضلا عن قوتها وتأثيرها- أن مواقع التواصل الاجتماعي تعيد نشرها كل وقت إعجابا. من خلال قراءاتي للحربش، تأسرك معرفته للتاريخ وقراءاته التي ينتج على أثرها مقالاته، وهي خاصية تكاد تنقرض اعتمادا على أن الكتّاب عادة يلجأون إلى محركات البحث من دون عصر أذهانهم والخروج بفكرة مقالة جديدة. أستاذنا في ختام مقالته كتب: "كان الكاتب مثلي يتفاعل مع تعليقات القراء ويفرح إذا كثر عددهم وينقبض مزاجه إذا صغر العدد، واليوم تمر عشرات المقالات من دون تعليق واحد. بناءً على ذلك أستودعكم الله وأستسمح صادقاً من كل قلبي من سببت لهم بعض الحلقات الضيق والانزعاج لأنني لا أعتقد أن عددهم قليل". أكرر مرة أخرى بأن الدكتور يقسو على نفسه، ومع التسليم بأن التعليقات قد تكون بوصلتها مختلفة إلا أن هذه هي طبيعة الحال، حتى في زمن الصحافة الورقية بطابعها "القح" قبل أن يبدأ احتضارها لمصلحة الإلكترونية، فعادة ما يكون نصيب الأسد لمشاهير الرياضة أو الفنانين، سواء هم كمشاهير أو حتى لمن يكتب عنهم. رد فعل الكتاب على مقالة الحربش الوداعية كان حزيناً متألماً ورافضاً لقراره، وأتمنى من الدكتور المعروف بنفسه الديموقراطي أن يعدل عن قراره بناء على رغبة محبي قلمه، وإن كان يرى بحسب مقالته أن العربة الوطنية تنطلق بسرعة فائقة فليكن داعما للأجيال الجديدة التي تحتاج لـ"ربان" بخبرته وثقافته.

مشاركة :