توقع مختصون ومحللون نفطيون، استمرار المكاسب السعرية للنفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد إغلاق على ارتفاع بنسبة 1 في المائة، إثر الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان، وهو ما زاد من حدة القلق في السوق على أمن الإمدادات فيما تقاوم الارتفاعات الضغوط الناجمة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتأثيرها في الركود وتباطؤ النمو الاقتصادي. وقالوا لـ"الاقتصادية"، إن الأسعار تتلقى دعما قويا أيضا من عزم المنتجين في "أوبك" وخارجها، في الاجتماع المقبل أوائل تموز (يوليو) على تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية العام الجاري، إلى جانب الدعم الناجم عن تأثير العقوبات في تهاوي إنتاج كل من إيران وفنزويلا. ونوه المختصون، إلى أن العوامل المعرقلة لصعود الأسعار تشمل أيضا ارتفاع المخزونات النفطية الأمريكية بشكل مطرد، وهو ما يحجم مستويات الطلب علاوة على استمرار الزيادات المتلاحقة في الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري. وعدوا، أن تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، قبل أيام من لقاء المنتجين، أسهمت في طمأنة الأسواق وتقليل أثر التداعيات السلبية الخاصة بالنمو والطلب على النفط الخام. وقال روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو أتش آي" للخدمات النفطية، إن الهجوم على ناقلات النفط يزيد من حدة التوتر في الشرق الأوسط، ويؤدى بالتالي إلى إشعال الأسعار، متوقعا أن يستمر صعود الأسعار خلال الأسبوع الجاري جراء العوامل الجيوسياسية، التي يتوقع أن تنتشل السوق من موجة هبوطية جراء الأزمة التجارية المستعرة بين الولايات المتحدة والصين. وأضاف أن تصريحات المهندس خالد الفالح، عن مفاوضات لانضمام مزيد من المنتجين إلى إعلان التعاون لها تأثير إيجابي وداعم لتحقيق مزيد من التوازن في السوق، والتغلب على موجة الخسائر الناجمة عن الشكوك بشأن الاقتصاد العالمي وتوقعات تباطؤ الطلب على النفط الخام. من جانبه أوضح دان بوسكا كبير محللي بنك "يوني كريديت" البريطاني، أن الاجتماع المقبل للمنتجين في فيينا أوائل تموز (يوليو) سيأتي في توقيت مهم من عمر السوق، لافتا إلى أنه مع بداية النصف الثاني من العام ستكون الصورة واضحة في السوق على ضوء توقع تعافي الطلب بسبب موسم القيادة في الولايات المتحدة وانتهاء فترة صيانة المصافي. وتوقع أن يسفر الاجتماع المقبل عن اتفاق جديد يبقى على الحفاظ على قيود الإنتاج، ويدعم استعادة الاستقرار والتوازن في السوق النفطية ويتعامل بشكل جيد مع تحديات السوق التي وجهت مسار الأسعار في الأشهر الأخيرة، وبصفة خاصة المخاطر الجيوسياسية والحرب التجارية الأمريكية مع كل من الصين والمكسيك. بدوره، أكد أولتراس فيفراس مدير الاستثمار في فكتوريا بنك في دولة مولدوفا، أن الاستثمارات النفطية بدأت في التعافي خلال العامين الأخيرين، لكنها لم تعوض الخسائر الواسعة التي وقعت في الفترة بين الأعوام 2014 و2016، مشيرا إلى أن الشركات الروسية على سبيل المثال تركز حاليا على نمو الاستثمارات وتلح في طلب زيادة الإنتاج بهدف الحفاظ على الحصص السوقية، خاصة أن الإنتاج الأمريكي المنافس ما زال على وتيرة مرتفعة خاصة من النفط الصخري. ولفت إلى أن التنسيق السعودي - الروسي يسعى دوما إلى تحسين كفاءة إعلان التعاون، وزيادة قدرته على مواجهة تحديات السوق، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يسفر عنه الاجتماع المقبل، خاصة إذا تم بالفعل النجاح في ضم مزيد من منتجي النفط الخام، بما يعمق الشراكة ويؤكد على المسؤولية الجماعية لكل المنتجين في الوصول إلى السوق المتوازنة وعلاج أي فجوة أو خلل في علاقة العرض بالطلب. من جانبها تقول جولميرا رازيفا كبير المحللين، في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، إن هبوط الأسعار في منتصف حزيران (يونيو) إلى 60 دولارا للبرميل بالنسبة لخام برنت و50 دولارا للبرميل بالنسبة للخام الأمريكي، هو نتيجة مباشرة لاحتدام النزاعات التجارية لكن مستوى الأسعار، ما زال ملائما لقطاع كبير من المنتجين وغير معطل للاستثمار. وأشارت إلى أن اجتماع المنتجين المرتقب في أول تموز (يوليو)، المقبل بعد تعديله لضم أعضاء جدد، سيؤكد على استمرارية ونجاح الشراكة بين دول "أوبك" وخارجها، وسيؤدى إلى نقلة نوعية في جهود التعاون المشترك ومن ثم سنجد على الأرجح انتعاشا جيدا في الأسعار مرة أخرى مع الانحسار التدريجي للمخاوف المتعلقة بالنمو والطلب على النفط الخام. ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، صعد النفط نحو 1 في المائة الجمعة الماضي، بعد هجمات على ناقلتين نفطيتين في خليج عمان هذا الأسبوع أثارت مخاوف من تعطلات محتملة للإمدادات، لكن الأسعار أنهت الأسبوع على خسارة بفعل مخاوف من أن نزاعات تجارية ستقوض الطلب العالمي على النفط. وأنهت، عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 70 سنتا، أو 1.1 في المائة، لتسجل عند التسوية 62.01 دولار للبرميل. وزادت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 23 سنتا، أو 0.4 في المائة، لتغلق عند 52.51 دولار للبرميل. لكن "برنت" أنهى الأسبوع على خسارة بنحو 2 في المائة في رابع هبوط أسبوعي على التوالي بينما بلغت خسائر الخام الأمريكي على مدار الأسبوع 3 في المائة. ودفعت الهجمات التي وقعت بالقرب من إيران ومضيق هرمز، أسعار النفط إلى ما يصل إلى 4.5 المائة الخميس الماضي. وكانت هذه المرة الثانية في شهر التي تتعرض فيها ناقلات لهجمات، في أهم منطقة لإمدادات النفط في العالم في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة، وإيران وألقت واشنطن بالمسؤولية في هجمات الخميس على إيران، وهو ما قوبل بنفي وانتقادات من طهران. وتتصاعد التوترات في الشرق الأوسط منذ قرر الرئيس الأمريكي انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق نووي عالمي أبرم مع إيران في 2015، وأعاد فرض عقوبات على طهران مستهدفا صادراتها النفطية على وجه الخصوص. وخفضت "أوبك" الخميس، توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط بسبب النزاعات التجارية وأشارت إلى أخطار لتراجع أكبر وهو ما يبرر تمديد قيود على الإمدادات حتى نهاية 2019. ومن المقرر أن تجتمع المنظمة وحلفاؤها في الأسابيع المقبلة لاتخاذ قرار بشأن الإبقاء على قيود الإمدادات، ويشعر بعض الأعضاء في المنظمة بالقلق إزاء تراجع الأسعار على نحو حاد، على الرغم من مطالبة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالتحرك لخفض سعر النفط. من جانب آخر، خفضت شركات الطاقة في الولايات المتحدة عدد حفارات النفط النشطة لثاني أسبوع على التوالي مع توقع تباطؤ نمو إنتاج البلاد بينما تهبط أسعار الخام إلى أدنى مستوياتها هذا العام وقيام معظم شركات الحفر النفطي بخفض الإنفاق. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن عدد حفارات النفط قيد التشغيل انخفض بمقدار حفار واحد في الأسبوع المنتهي في 14 من حزيران (يونيو) ليصل العدد الإجمالي إلى 788 وهو أدنى مستوى منذ شباط (فبراير) 2018. وفي الأسبوع نفسه من العام الماضي كان هناك 863 حفارا قيد التشغيل. وتراجع عدد حفارات النفط النشطة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار الأشهر الستة الماضية مع قيام شركات الاستكشاف والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة، بينما تركز بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
مشاركة :