توقع محللون نفطيون استمرار المكاسب السعرية التي حققها النفط خلال الأسبوع الماضي، حيث ربح خام برنت 3.7 في المائة والخام الأمريكي 3.6 في المائة، فيما يعد أول مكسب أسبوعي خلال ثلاثة أسابيع، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة إبقاء الإمدادات النفطية قوية وملائمة للوفاء باحتياجات الطلب وتعويض نقص الحقول. ويعزو المحللون استمرار المكاسب السعرية بالأساس إلى ارتفاع مستوى المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط، علاوة على توقعات إيجابية بشأن احتمالية تسجيل تقدم في ملف الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وأشاروا إلى أن أسعار النفط تتلقى دعما من أنباء عن احتمالية لجوء المنتجين في "أوبك" وخارجها إلى تعميق تخفيضات الإنتاج خلال الاجتماع الوزاري الموسع في كانون الأول (ديسمبر) المقبل في فيينا. في هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لمجموعة "كيو إتش آي" لخدمات الطاقة، إن أسعار النفط أقرب إلى تسجيل ارتفاعات بسبب استمرار المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتحسن الآمال المتعلقة باحتواء الحرب التجارية، مشيرا إلى أن إحراز تقدم في مفاوضات التجارة سينعكس إيجابا بشكل سريع على توقعات النمو الاقتصادي العالمي ومن ثم على مستويات الطلب النفطي. ولفت كيندي إلى أن أسعار النفط قفزت بشكل حاد عقب وقوع الهجوم الإرهابي في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي على المنشآت النفطية السعودية ثم تراجعت إلى نحو 66 دولارا للبرميل بسبب خطة التعافي القوية والسريعة التي جرت في القطاع النفطي السعودي وعوضت بسرعة حجم الإنتاج المتعطل، وساعد على ذلك أيضا تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالإفراج عن بعض احتياطيات النفط الاستراتيجية لتعويض النقص في السوق، مشيرا إلى أن الضرر تم احتواؤه في الوقت الحالي، إلا أن الأسعار قد ترتفع أكثر إذا ما حدثت أي أعمال عسكرية في منطقة الشرق الأوسط. من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة سنام الإيطالية للطاقة، إن الأسعار أقرب إلى الارتفاع بسبب مخاوف الإمدادات من الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي تتحكم في ثلث تجارة النفط العالمية، وفي المقابل هناك ضغوط هبوطية أبرزها استمرار ارتفاع المخزونات الأمريكية، التي تكبح فرص صعود الأسعار، حيث تعزز القلق من ضعف الطلب، واحتمالات تعثر مفاوضات التجارة وتأثيره في توقع انكماش وركود الاقتصاد العالمي. ويضيف موسازي، أن العوامل الجيوسياسية التي تشعل الأسعار، فاجأت السوق مرة أخرى في نهاية الأسبوع وجذبت الأسعار بقوة في الاتجاه الصعودي، مشيرا إلى أن اهتمام المستثمرين ينصب في المرحلة الراهنة على محادثات التجارة وفرص تسوية النزاعات بين أكبر اقتصادين في العالم، مرجحا أن المكاسب قد لا تصمد طويلا إذا تعثرت أو فشلت المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين. من ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، أن ارتفاع الأسعار في ختام الأسبوع الماضي كان مدفوعا باحتمالات التقدم في احتواء النزاع التجاري الأمريكي - الصيني، ما يعطي بصيصا من الأمل في تعافي الطلب، وربما يدفع كثير من البنوك الدولية إلى تعديل توقعاتها الهبوطية السابقة للطلب النفطي. بدورها، قالت لـ"الاقتصادية"، ويني أكيلو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكا إنجنيرينج" الدولية، إنه على الرغم من كل التكهنات المحيطة بضعف الطلب في العام المقبل، إلا أن القراءة الواقعية للسوق تشير إلى الحاجة إلى كل برميل نفط، وهو ما يتطلب تعزيز المشاريع والاستثمارات الجديدة، رغم تقلب الأسعار وبعض الرؤى المتشائمة التي يطرحها الراغبون في إزاحة النفط عن قيادة مزيج الطاقة العالمي، مشددة على أن صناعة النفط ستظل تتمتع بصحة جيدة على الرغم من الجدل المتزايد حول مستقبلها بسبب ضغوط حماية المناخ. ولفتت أكيلو إلى ضرورة بقاء مستوى الإمدادات قويا وملائما لاحتياجات الطلب وتعويض التراجع الطبيعي للحقول، منوهة إلى أهمية فتح المجال أمام مجموعة جديدة من المنتجين الذين يحرصون على الاستثمار في المشاريع النفطية بالتوازي مع مشاريع الطاقة المتجددة، وبما يدعم مستقبل الطاقة في العالم. وكانت أسعار النفط قد صعدت أكثر من 2 في المائة في ختام الأسبوع الماضي، في الوقت الذي أسهمت فيه أجواء التفاؤل المحيطة بمحادثات التجارة بين الصين والولايات المتحدة في رفع معنويات المستثمرين. وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 1.41 دولار، أو 2.4 في المائة، لتبلغ عند التسوية 60.51 دولار للبرميل. وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.15 دولار، أو 2.2 في المائة، لتسجل عند التسوية 54.70 دولار للبرميل. وما قيد المكاسب توقعات وكالة الطاقة الدولية بطلب ضعيف على النفط في 2020، وسجل الخامان القياسيان أول مكاسب أسبوعية في ثلاثة أسابيع مع صعود برنت 3.7 في المائة والخام الأمريكي 3.6 في المائة. من ناحية أخرى، أبلغت الجابون منظمة أوبك أنها ستتقيد بشكل كامل بتعهداتها لخفض إنتاج النفط بموجب اتفاق للإمدادات لعام 2019، في أحدث علامة على مسعى للمنظمة لتحسين التقيد قبل اجتماعها المقبل في كانون الأول (ديسمبر). وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن أسواق النفط العالمية تعافت بوتيرة سريعة من منتصف الشهر الماضي، وقد تواجه فائضا في الإمدادات العام المقبل مع تباطؤ الطلب العالمي. ودفعت الآفاق الاقتصادية المضطربة لعام 2020 وكالة الطاقة الدولية لخفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط بمقدار 100 ألف برميل يوميا إلى 1.2 مليون برميل يوميا. وزادت شركات الطاقة الأمريكية الأسبوع الماضي عدد حفارات النفط العاملة للمرة الأولى في ثمانية أسابيع على الرغم من أن شركات خدمات الطاقة تخفض الوظائف مع قيام معظم المنتجين بتنفيذ خطط لتقليل الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة. وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، أن الشركات أضافت حفارين نفطيين في الأسبوع المنتهي في الـ11 من تشرين الأول (أكتوبر) ليصل إجمالي عدد الحفارات النشطة إلى 712 حفارا، وفي الأسبوع نفسه قبل عام كان هناك 869 حفارا قيد التشغيل. وتراجع عدد حفارات النفط، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار عشرة أشهر مع قيام شركات مستقلة للاستكشاف والإنتاج بخفض الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة، بينما تركز بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج. في المقابل، تراجع عدد حفارات الغاز الطبيعي النشطة في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بمقدار حفار واحد إلى 143 حفارا، وهو أدنى مستوى منذ كانون الثاني (يناير) 2017.
مشاركة :