العقوبات الأميركية تعمّق الانقسامات السياسية في إيران

  • 6/18/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لندن - تحاول الحكومة الإيرانية مداراة عجزها عن مواجهة تأثيرات العقوبات الأميركية بالترويج للصمود والوحدة والدعوة للمقاومة في الوقت الذي ظهرت فيه شروخ وانقسامات لعل أبرزها تعالي بعض الأصوات المنادية بإقالة وزير النفط بيغن زنغنة الذي يراهن عليها النظام للخروج من ورطة انخفاض الإيرادات النفطية. وتشير هذه الدعوات إلى وجود خلافات تهز الحكومة الإيرانية، لكن زنغنه نفى اليوم الاثنين تقريرا أفاد بنشوب خلاف بينه وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن مبيعات النفط في ظل العقوبات الأميركية، مضيفا أنه سيستمر في منصبه. ومع تفاقم تأثير العقوبات، انخفضت صادرات النفط الإيراني من 2.5 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان في العام الماضي لتصل إلى نحو 400 ألف برميل يوميا في مايو/أيار، وهو انخفاض قياسي يدفع بشدة الاقتصاد الإيراني إلى حافة الهاوية وينذر بارتدادات اجتماعية وسياسية. والتراجع الحاد في إيرادات النفط من شأنه أن يعطل المشاريع الحكومية ويحرك الجبهة الاجتماعية حيث باتت إيران تعاني من شح في النقد الأجنبي في السيولة في السوق المحلية والتي تعتمدها طهران في تنشيط قطاعاتها الاقتصادية. وفي الفترة الماضية بدا تأثير العقوبات الأميركية واضحا في بازار طهران الذي يضم عشرات المتاجر التي يتزود معظمها بسلع مستوردة وبالتالي يحتاج التجار إلى إتمام معاملاتهم الخارجية بالعملة الصعبة. وفرضت الحكومة الإيرانية قيودا صارمة على السلع المستوردة في مواجهة شح النقد الأجنبي، ما أثر على كثير من الأنشطة التجارية ودفع تجار بازار طهران للخروج في احتجاجات قمعتها أجهزة النظام. وثمة تسريبات تشير إلى أن الحكومة الإيرانية تعمل جاهدة على ترميم الشروخ الداخلية الناجمة عن خلافات مردّها العقوبات الأميركية. وكان مشرع إيراني قال الأسبوع الماضي إن مشادة نشبت بين زنغنه وروحاني حول هذا الأمر خلال اجتماع لمجلس الوزراء. ونقل الموقع الإخباري لوزارة النفط الإيرانية على الإنترنت (شانا) عن زنغنه قوله "لم تكن لدي أي مشكلة مع السيد روحاني... لا أعلم من يعطي المشرعين مثل هذه الأخبار". وفي ما تبدو إشارة إلى ضغوط متزايدة عليه للاستقالة، قال زنغنه "لن أتراجع". وأعادت الولايات المتحدة العام الماضي فرض عقوبات على صادرات النفط الإيراني، بعد أن أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المُبرم في عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية لكبح برنامج طهران النووي. وفي الشهر الماضي قال مشرع إيراني آخر إنه يجمع توقيعات في البرلمان لدعم تحرك لإقالة زنغنه بسبب إخفاقه في مواجهة العقوبات الأميركية على مبيعات النفط الإيرانية، لكنه لم يفلح حتى الآن في جمع عدد كاف من التوقيعات لتحقيق ذلك وقالت إيران اليوم الاثنين إنها ستتجاوز الحدود المتفق عليها دوليا بخصوص مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب خلال عشرة أيام، في خطوة من المرجح أن تؤجج التوتر مع واشنطن، وإن كانت طهران قالت إنه لا يزال هناك وقت أمام الدول الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي التاريخي. ولا يملك زنغنه أو غيره من المسؤولين في الحكومة حلولا عملية تساعد إيران على الخروج من مأزقها فالأمر يتجاوز الأشخاص ومدى قدرتهم على التعاطي مع الأزمة الراهنة إلى نظام يفترض أن يتخلى عن مسببات التوتر مع دول الجوار الإقليمي أو مع الولايات المتحدة. وتستهدف العقوبات الأميركية كبح الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وهي علّة النظام الديني والسياسي في إيران. لكن يبدو حسب المعلن وحسب التطورات الأخير، أن إيران تهرب للأمام في مواجهة الأزمة من خلال تصعيد أنشطتها التخريبية في المنطقة على أمل إحداث حالة من الإرباك السياسي والأمني وفي أسواق النفط العالمية. ويراهن شقّ المتشددين في النظام الإيراني بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي وبدعم من الحرس الثوري على التصعيد بمنطق "الهجوم خير وسيلة للدفاع"، في الوقت الذي تحشد فيه حكومة الإصلاحيين سرّا وعلانية لوساطات خارجية لتهدئة التوتر. وهذا التناقض في التعاطي مع الأزمة يشكل دليلا آخر على حالة الانقسام التي تشهدها إيران منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو/ايار انسحاب بلاده من الاتفاق النووي للعام 2015 وإعادة العمل بنظام العقوبات السابقة لكن بصرامة أكبر.

مشاركة :