شكّلت أحداث «الأسبوع الدامي»، التي اندلعت في باريس في 21 مايو 1871 واستمرت حتى يوم 28، آنذاك عودة النظام البرجوازي، وتعتبر تلك الأيام السبعة أحد أحلك أحداث الحركة الثورية الفرنسية. تحوّل الأمل الذي أثارته التجربة الثورية التي حكمت باريس لمدة شهرين، إلى يأس وانعدام ثقة، وأعاد جيش فرساي باريس إلى الوراء في ما يظلّ إلى اليوم الحدث الأكثر دموية في تاريخ المدينة. الروائي الفرنسي إميل زولا (1820 – 1902) أحد المثقفين الذين اعتبروا ضد الكومونة، وقد صدر كتاب بعنوان «كتّاب ضد الكومونة» لبول ليدسكي، يتهم فيه زولا الذي كان صحافياً في «لا كلوش» و«سيمافور» عند اندلاع الأحداث، بوقوفه مع فرساي. لكن زولا لم يدّع يوماً بأنه ثوري، بخلاف بعض كتاباته الروائية التي وقف فيها مع الطبقة الفقيرة، لكنه في الواقع كان يسعى إلى نوع من الأرضية الوسطى بين الكومونة وفرساي، لكن هل يمكن القول إنه كان ضدّ كومونة باريس تماماً؟ تحت عنوان «الأسبوع الدامي» أصدرت دار الرافدين في بيروت، ترجمة لـ13 رسالة كان زولا قد كتبها لصحيفة «سيمافور» في مرسيليا، مصوّراً للأحداث والفظائع التي رواها وصوّرها ونقلها من شوارع باريس، سيكتب بعد ساعات قليلة من نهاية الأحداث «لقد تمكنت من السير في باريس.. يا للفظاعة». تروي رسائل زولا، من وجهة نظره، وعبر مشاهداته اليومية، الأيام الأخيرة من حصار باريس، قبل أن تسقط «الكومونة»، واصفاً أعمال العنف والقتل والتدمير والحرائق. لكن وسط ذلك كلّه، لا يخفى حبّ الكاتب لمدينته ورفضه تدميرها تحت أيّ مبرر.
مشاركة :