رأى وزير الداخلية الألماني زيهوفر أن مقتل سياسي مؤيد للاجئين على يد شخص يشتبه بأنه يميني متطرف يعد هجوما على النظام الديمقراطي الألماني برمته. زيهوفر رأى في هذه الجريمة جرس إنذار، متعهدا بمكافحة الإرهاب اليميني. قال وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر اليوم الثلاثاء (18 حزيران/ يونيو 2019) "إن حصول اعتداء من اليمين المتطرف يستهدف سياسيا رفيعا في بلادنا هو إشارة إلى وجود خطر يستهدفنا جميعا"، في إشارة إلى فالتر لوبكه، المسؤول المحلي في مدينة كاسل بغرب ألمانيا والمعروف بدفاعه عن اللاجئين. وتابع الوزير المحافظ من ولاية بافاريا أن هذه الجريمة تعطي "بعدا جديدا" للأعمال التي قام بها عناصر من أقصى اليمين المتطرف خلال السنوات القليلة الماضية واستهدفت "النظام الديموقراطي" برمته. كما حذر من "الخطر المتنامي" للمتطرفين من اليمين الذين ينتهجون العنف. وكانت النيابة العامة الاتحادية المتخصصة بشؤون مكافحة الإرهاب قد أعلنت يوم أمس اعتقال شخص في الخامسة والأربعين من العمر ينتمي إلى فكر اليمين المتطرف يدعى "شتيفان ي."، وهو المشتبه به بقتل فالتر لوبكه المسؤول المحلي في كاسل بولاية هيسن (وسط ألمانيا) من حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي، حزب المستشارة أنغيلا ميركل. واعتبرت النيابة العامة الجريمة بمثابة "اعتداء سياسي"، في حين وصفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الخبر بأنه "يبعث على الإحباط". وأوضح وزير الداخلية أن المشتبه به الذي تم التعريف به باسم "ستيفان ي." لم يقم بأي عمل لفت أنظار الشرطة منذ العام 2009، ويرفض الرد على أسئلة الشرطة. زيهوفر مع رئيسي جهازي مكافحة الجريمة والاستخبارات الداخلية الألمانية. استهداف سياسيين مدافعين عن اللاجئين من جهتها، قالت صحيفة "زوددويتشه تسايتونغ" في افتتاحيتها الثلاثاء "الملفت في هذه المسألة أننا لا نزال نتفاجأ في كل مرة يرتكب فيها اليمينيون المتطرفون جرائم تعتبر من الأخطر في البلاد". فقد وقعت اعتداءات في السابق في السياق نفسه: ففي عام 2015 تعرضت عمدة مدينة كولونيا هنرييت ريكر للطعن بسكين، وبعد سنتين تعرض رئيس بلدية مدينة التينا اندريا هولشتاين لاعتداء مشابه. وقد نجا السياسيان من الموت بأعجوبة، مع العلم بأنهما معروفان بدفاعهما الشرس عن سياسة استقبال المهاجرين واللاجئين على غرار لوبكه. كما تبين أن مجموعة صغيرة من النازيين الجدد "ان اس يو" مسؤولة عن قتل نحو عشرة مهاجرين في ألمانيا مطلع الألفية الثالثة. واعتبرت الصحيفة أن ألمانيا تواجه "تنظيما جديدا" على غرار فصيل "الجيش الأحمر" اليساري المتطرف الذي نفذ الكثير من الاعتداءات ذات الطابع الإرهابي بين العامين 1968 و1998. تجدر الإشارة إلى أن السلطات الألمانية أحصت وجود أكثر من 12700 شخص من اليمين المتطرف الذين يعتبرون خطرين ويمكن أن يرتكبوا أعمال عنف. وقال ماركوس نييرث رئيس بلدية مدينة تروغليتز في ألمانيا الشرقية سابقا، حيث ينشط اليمين المتطرف بقوة أنه "يشعر بالخوف الشديد" خصوصا وأن تهديدات عدة وجهت إليه. واعتبر أنه بمقتل لوبكه "تم تجاوز خط احمر وأن الإرهابيين من اليمين المتطرف بدأوا يحققون ما يحلمون به". مقتل لوبكه، المؤيد لسياسة استقبال اللاجين أحدث صدمة كبيرة في ألمانيا. "البديل الشعبوي" يهيء الأجواء لمعاداة اللاجئين ويعتبر العديد من المسؤولين السياسيين أن التقدم الذي حققه حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي خلال الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2017، واستخدام عدد من قيادات هذا الحزب تعابير قاسية مناهضة للمهاجرين وطالبي اللجوء، ساهما في زيادة عدد الجرائم التي تستهدف الأجانب وخصوصا المهاجرين منهم. فيما اعتبر النائب المحافظ مايكل براند الثلاثاء أن الخطاب السياسي الذي كان يحض على "الكراهية خلال السنوات القليلة الماضية جعل ارتكاب جريمة قتل لوبكه ممكنا". وربط الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، بين هذه التصريحات المتطرفة التي يتم تبادلها على الإنترنت وبين أعمال العنف. وقال في هذا الصدد "عندما تصبح اللهجة عنيفة تصبح الجريمة قريبة"، مشيرا إلى تعليقات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي رحبت بقتل لوبكه، الذي ساهم عام 2015 في تأسيس مراكز لاستقبال اللاجئين. بيد أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي خرج عن صمته معربا عن "الإدانة الشديدة لأي عمل عنف يقوم به اليمين المتطرف" منددا بمقتل لوبكه الذي وصفه بـ"الجريمة الشنيعة". كما دعا عدد من الأحزاب إلى عقد جلسة استثنائية لمجلس النواب (البوندستاغ) لمناقشة عنف اليمين المتطرف. ح.ع.ح/أ.ح (أ.ف.ب)
مشاركة :