شعبية إمام أوغلو يستمدها من كونه نقيضا لاستبداد أردوغان

  • 6/20/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا يخفي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انزعاجه من شعبية مرشح المعارضة في انتخابات إسطنبول أكرم إمام أوغلو في وقت يحرص فيه النجم الصاعد في المشهد السياسي التركي على أن يقدم نفسه كشخصية مغايرة، تميل إلى الهدوء والحوار بدل الصدام والتصريحات النارية، أي أنه يُقدَّم للأتراك كنقيض للرئيس الحالي. وهدد أردوغان بمحاسبة إمام أوغلو، متهما إياه بتأييد أعضاء شبكة محظورة بزعامة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة عبدالله غولن، الذي تلقي أنقرة باللائمة عليه في التخطيط للانقلاب الفاشل الذي وقع عام 2016، وهو ما يعني التلويح بمحاكمته إنْ فاز في الانتخابات للمرة الثانية، وأن حزب العدالة والتنمية سيحكم إسطنبول بالصندوق أو بالطرق الملتوية. ولا يستسيغ إمام أوغلو المواجهات ويفضل عليها التسويات، كما يحبذ القيام بالحملات الانتخابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدلا من التلفزيونات. وقد جعل هذا التوجه من مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض في انتخابات إعادة الاقتراع على رئاسة بلدية إسطنبول، النقيض تماما من الرجل المسيطر على السياسة في تركيا خلال العقدين الماضيين رجب طيب أردوغان. وخلال مسيرته السياسية الطويلة، انتهج أردوغان سياسة الهجمات المباشرة، متهما خصومه السياسيين دائما بأنهم على صلات بتنظيمات إرهابية أو يسعون لتقويض البلاد. لكن إمام أوغلو ظهر من العدم خلال الأشهر القليلة الماضية وبنهج مختلف تماما، ويقول أمام أنصاره “لم أتعارك قط في حياتي لكنني أيضا لم أخسر أبدا”. وشكّل قرار إمام أوغلو اختيار خطاب جامع توحيدي متنفسا جديدا للكثير من الناخبين الأتراك. وحتى مع حرمانه المثير للجدل من فوزه الصعب في الانتخابات البلدية في مارس الفائت وإجباره على إعادة الانتخابات الأحد المقبل، تمكن إمام أوغلو من الحفاظ على رباطة جأشه. ورغم الغضب العارم بين أنصاره، لم يدع إمام أّوغلو الناس إلى التظاهر في الشوارع دعما لموقفه، رغم خروج تظاهرات صغيرة بالفعل. وعوضا عن ذلك، تعهد بالقتال لاسترجاع “ما كسبناه بالفعل”. ورغم مواجهته مرشح حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم على الورق، بدا أن منافسه الحقيقي هو أردوغان الذي شارك بكثافة في التجمعات الانتخابية. وقال أنتوني سكينر، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مركز دراسة المخاطر، إن تركيز إمام أوغلو على الجمع بدلا من التفرقة وعلى التسامح وسّع دائرة أنصاره في إسطنبول.وأوضح أن “إمام أوغلو تحول من معارض غامض نسبيا قبل اقتراع مارس إلى حامل راية الأمل الرئيسي للناخبين الذين لا يدعمون حزب العدالة والتنمية في إسطنبول”. ورغم أنه بدأ الظهور أخيرا في وسائل الإعلام الرئيسية، التي تواجه دوما اتهامات بمحاباة الحكومة، فإنّ إمام أوغلو أجبر في البداية على التركيز بشكل رئيسي على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال “أنصاري يتابعونني بالفعل من الشاشات التي في أيديهم”. ووصف زيلان كاراكورت، الذي يقوم باستمرار ببث حي لمسيرات حملة إمام أوغلو، وسائل التواصل الاجتماعي بالسلاح الرئيسي. وأفاد على عجل بين تجمعين انتخابيين بقوله “وضع وسائل الإعلام في تركيا معروف. لم نتمكن من إيجاد مساحة كافية قبل اقتراع 31 مارس”. وتابع أنّ “وسائل التواصل الاجتماعي هي أكبر قوة في أيدينا الآن، لذا نستخدمها بفاعلية منذ البداية”. وقال إنّ شعبية إمام أوغلو تزايدت بشكل كبير للغاية منذ قرار إعادة الانتخابات؛ فعدد متابعي حسابه على تويتر زاد من 350 ألف متابع إلى 2.6 مليون متابع، فيما أصبحت مقاطع الفيديو الخاصة به تجتذب أكثر من مليون مشاهدة بعد أن كانت لا تتجاوز 30 ألف مشاهدة في مارس الفائت. وأوضح أن الفارق بين الحملة الأولى والحملة الحالية كالفارق بين “الليل والنهار”. وحاولت بعض وسائل الإعلام الموالية للحكومة تلطيخ صورة إمام أوغلو بالقول إنّه مدعوم من اليونان الغريم التاريخي لتركيا أو أنه نفسه يونانيّ. لكن المحلل سكينر قال إنّ حملات التشويه من هذا النوع تعطي نتائج عكسية، مشيرا إلى أن إحجام إمام أوغلو عن التورط في حملات دعائية قذرة يمنحه “قوة ويميّزه” عن بقية السياسيين في تركيا. ويعتقد متابعون للشأن التركي أن إمام أوغلو يحتاج إلى ما وراء استثمار غضب الناس من أردوغان، وأن عليه أن يجلب بدائل جدية لخدمة ناخبيه في مدينة كبيرة، وأن يقوم بتغييرات كبيرة وخاصة مكافحة الفساد.

مشاركة :