الشارقة: الخليج تحكي نوافير المياه قصص الحضارة والعمارة في كل مكان شيدت فيه عبر التاريخ. وفي حين ينسب بعض المؤرخين ابتكارها إلى هيرون السكندري في القرن الثاني قبل الميلاد (عالم رياضيات عاش في الإسكندرية بمصر في العصر البطلمي، واشتهر بدراساته في الميكانيكا، واختراع آلات تعمل بالماء أوالبخار)، إلا إن آخرين يعتبرون حدائق بابل المعلقة تجسيداً لفكرتها الأصلية التي تعتمد على ضخ المياه إلى المرتفعات. وفي الوقت الذي عرفت فيه القنوات المائية في مصر القديمة، عرف الرومان والإغريق النوافير فاستخدموها لتزيين مداخل القصور والحدائق معتمدين أشكالاً فنية مميزة خاصة من المنحوتات، فأخذت الطابع الخاص بكل حضارة، لذا نجد نماذج جمالية مدهشة لها في مختلف أنحاء العالم، أشهرها تريفي في روما التي تعد أكبر نافورة من عصر الباروك، ونوافير مدينة لاهور الباكستانية التي تصل إلى 400، ونافورة قصر الحمراء في غرناطة، وغيرها. ولقرون طويلة اعتمد تشييد النوافير على فنون النحت وتنسيق الحدائق حتى طور العلماء المسلمون التقنيات التي تعمل بها، وكان العالم أحمد بن موسى، أول من استخدم علم «سكون الموائع» في تصميم آلات معقدة، فاعتمد على توازن السوائل، وتناول في مؤلفه «كتاب الحيل» أنواعاً جديدة منها تستخدم الصمامات التي تعمل تلقائياً، والأنظمة التي تعمل بعد زمن محدد، وأخرى دمج في تقنيات تشغيلها بين علمي الميكانيكا والرياضيات. وشهدت أوروبا خلال عصري النهضة، والباروكي (من القرن 16 إلى 18) أزهى عصور هندسة النوافير التي استخدمت أنظمة ضخ معقدة، كان الماء فيها يتحول إلى شلالات واسعة، وتعد نافورة الأنهار الأربعة، و«فيلا ديسته» في روما من أفضل النماذج، إضافة إلى النافورة الكبرى التي تتوسط حدائق قصر فرساي في فرنسا. ومنذ أواخر القرن التاسع عشر أصبحت النوافير التجميلية جزءاً من معالم المدن الكبرى، ومصدر جذب سياحي هائل، وهنا تعد «نافورة جنيف» إحدى أهم الوجهات السياحية الأوروبية، وتعتبر من أهم معالم سويسرا، وشيدت في العام 1886 بارتفاع شاهق يقترب من تمثال الحرية، وتضخ نحو 7 أطنان من المياه بسرعة 200 كيلومتر/ساعة عبر عدة مضخات كهربائية، ويصل ارتفاع المياه المندفعة منها إلى 140 متراً. كما تحتفظ «نافورة دبي الراقصة» بمكانتها الفريدة بين أجمل نوافير العالم كأكبر نافورة راقصة تقدم عروضاً على إيقاعات موسيقية عالمية. والنافورة مزودة ب 6600 وحدة إضاءة، و25 كشافاً ملوناً، وتقدم 1000 تشكيل مائي عبر 22 ألف جالون من المياه المتطايرة في الهواء.
مشاركة :