بات وزير الخارجية السابق وعمدة بريطانيا في الماضي بوريس جونسون، قريبا من زعامة حزب المحافظين وبالتالي رئاسة الحكومة في المملكة المتحدة، بعد تصدر نتائج الجولة الأخيرة من التصويت بفارق كبير عن ثاني منافسيه. وبقي اليوم الخميس من المرشحين اثنين لخلافة رئيسة الوزراء المستقيلة تيريزا ماي على زعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء الشهر المقبل وهما وزير الخارجية السابق بوريس جونسون المؤيد لبريكست ووزير الخارجية الحالي جيريمي هانت. وفي الجولة الأخيرة من التصويت عزز جونسون تقدمه بحصوله على 160 صوتا من أصل 313 تلاه هانت مع 77 صوتا، في حين نال المرشح الثالث وزير البيئة مايكل غوف 75 صوتا. وكتب جونسون في تغريدة على صفحته بتويتر "إنه لشرف كبير حصولي على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات". وسبق أن فاز وزير الخارجية السابق بفارق كبير في الجولتين السابقتين من عملية انتخاب تهدف لتحديد المرشح النهائي لمنصب الزعيم المقبل لحزب المحافظين الذي سيتسلم مفاتيح 10 داونينغ ستريت وكذلك قضية بريكست الشائكة. وكتب هانت في تغريدة "انظر في المسؤولية الملقاة على كاهلي وهي أن أظهر لحزبي كيف يمكننا تنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون إجراء انتخابات". ويعتزم هانت الأكثر اعتدالا من منافسه (جونسون) إعادة التفاوض بشأن اتفاق انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مع بروكسل والمتعلق بتأجيل بريكست والمقرر في 31 أكتوبر/تشرين الأول إذا وافق القادة الأوروبيون على ذلك، لكنه مستعد أيضا لمغادرة الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق إذا رفض قادة الاتحاد إعادة التفاوض. وخلال الأسابيع المقبلة سيجول المرشحان النهائيان في جميع أنحاء البلاد لعرض برنامجيهما على 160 ألفا من أعضاء حزب المحافظين وسيكون عليهم اختيار أحدهما بحلول أواخر يوليو/تموز، لكن يبدو مستوى التشويق باهتا. وكتبت صحيفة ذي غارديان أنه "بالنسبة لغالبية زملائه (النواب المحافظين) أصبح الآن شبه حتمي أن جونسون سيكون رئيس الوزراء المقبل". ويسود بريطانيا غموض حول مصير بريكست في ظل التطورات الراهنة، بينما تنتظر الفائز برئاسة الوزراء تحديات داخلية تتمثل في ضرورة توحيد البلاد بخصوص الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وستشكّل مسألة تطبيق بريكست أولوية رئيس الحكومة الجديد بعد ثلاثة أعوام من إجراء استفتاء يونيو/حزيران 2016 الذي شهد تصويت البريطانيين بنسبة 52 بالمئة لصالح الانفصال التاريخي. وتطرح مسألة بريكست تحديات سيواجهها رئيس الوزراء البريطاني في المستقبل خاصة بعد فشل تيريزا ماي في تحقيقه ما دفعها مكرهة إلى الاستقالة من منصبها. واستقالت ماي من مهامها كرئيسة لحزب المحافظين في السابع من يونيو/حزيران بعد أن أخفقت في تطبيق برنامج الخروج من الاتحاد الأوروبي وتعرّضها لانتقادات بشكل متواصل وانقسامات في صلب حزب المحافظين. وبعد رفض البرلمان البريطاني ثلاث مرات اتفاق الانسحاب الذي تفاوضت بشأنه مع الاتحاد الأوروبي والذي يُفترض أن ينظّم انفصالا سلسا، أُرغمت رئيسة الوزراء على إرجاء موعد بريكست إلى 31 أكتوبر/تشرين الأول. وفي بلد يشهد ارتباكا جراء تأخر الخروج من الاتحاد، يقدّم جونسون نفسه على أنه المنقذ من مأزق بريكست. ويقول إنه مستعدّ لخوض معركة من أجل إعادة التفاوض على اتفاق ماي، في حين أن بروكسل تستبعد هذا الاحتمال. وخلال مناظرة تلفزيونية مساء الثلاثاء كرر جونسون رغبته بإخراج بلاده من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول حتى بلا اتفاق، لكن من دون "ضمان" تنفيذ بريكست في الموعد المحدد. وهدد بعدم دفع فاتورة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إذا لم يقبل الاتحاد شروطا أفضل لبلاده، حيث يقدر المبلغ بما بين 40 و45 مليار يورو. ويحظى جونسون السياسي المحنّك والطموح (55 عاما) بدعم عدد كبير من الناشطين في قاعدة حزب المحافظين الذين يرون فيه الزعيم المناسب لوضع بريكست على السكة. ورغم أن نظراءه يشعرون بالانزعاج من زلّاته المتكررة وخطابه الذي يتّسم بلهجة شعبوية، إلا أن كثيرين يعتبرونه في الوقت الراهن حصنا لحزبهم في مواجهة حزب العمال المعارض بزعامة جيريمي كوربن وحزب بريكست حديث النشأة برئاسة الشعبوي المشكك في الاتحاد الأوروبي نايجل فاراج الفائز الأكبر في الانتخابات الأوروبية الأخيرة في المملكة المتحدة. وفي مواجهة جونسون يقدم جيريمي هانت نفسه كبديل جدّي عبر تسليطه الضوء على إنجازاته كمقاول جعلت منه مليونيرا وعلى مسيرته السياسية الطويلة.
مشاركة :