واشنطن وطهران وحافة الهاوية

  • 6/23/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ما الجديد في الملف الأمريكي الإيراني؟يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه تراجع عن توجيه ضربة عسكرية لأهداف إيرانية محددة بعد إسقاط إيران طائرة أمريكية مسيرة في الخليج العربي ، فما الذي دفع ترامب إلى التراجع؟يرى البعض أن تراجع ترامب قد يفسر على أنه ضعف وعدم رغبة بالدخول في نزاع مسلح قبيل الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها عام 2020 وحتى لايقلل من فرص فوزه بولاية جديدة والبعض الآخر يرى بأن ترامب عندما قرر التراجع عن الضربة كان يرغب بترك المجال للمفاوضات أن تأخذ مسارها وخاصة أن العقوبات الأمريكية تؤتي بثمارها ضد طهران ولاتستدعي اللجوء للقوة المسلحة، فيما أرجعت مصادر مقربة من ترامب نفسه سبب التراجع بعد سؤال الرئيس عن عدد الخسائر البشرية المتوقعة لهذه الهجمات والتي قدرها جنرال له بـ150قتيلا إيرانيا وهو ما دعا ترامب لوقفها؟!وهنا السؤال الذي يطرح نفسه، ماهو التوجه الحقيقي؟من المؤكد أن الوضع أصبح أكثر تعقيدا من السابق ولا يدخل في فقط ضمن نطاق التصريحات المتبادلة من المعسكرين الأمريكي والإيراني ، فهو يتعلق بحرب حقيقية على وشك الاندلاع بالمنطقة وبأن ما حدث ليس ترددا أمريكيا بقدر ماهو إفساح المجال للجهود الدبلوماسية وخاصة للاتحاد الأوروبي أو وسطاء آخرين لدفع النظام الإيراني نحو طاولة المفاوضات مجددا وتقديم التنازلات المطلوبة منها للإدارة الأمريكية تحديدا. إلا إن ماهو واضح أيضا أن طهران نفسها تتشدد وترفض الدخول في مثل هذه المفاوضات لقناعتها المسبقة بأنها ستخسر الكثير في هذه المفاوضات.وأول الخسائر الإيرانية المتوقعة من هذه المفاوضات التخلي تماما عن حيازة السلاح النووي وهو نهج تدعمه كل من واشنطن وتل أبيب والأخيرة تحديدا تحرض حليفتها واشنطن علنا وبشدة نحو توجيه ضربات جوية وصاروخية مدمرة للمنشآت النووية الإيرانية لخطورتها عليها ، وهي مسألة لاتقبل النقاش مع القادة الإسرائيليين الذين أكدوا مرارا وتكرارا وفي أكثر من مناسبة على هدفهم الأزلي وهو إزالة النووي الإيراني من الوجود.ولكننا هنا أيضا لا ننسى أننا نتحدث عن مليارات الدولارات التي أنفقتها طهران على مدار عقدين كاملين وستشاهدها تختفي في لمحة بصر إذا ماتمت الهجمات ضد برنامجها النووي الذي اقترب من الانتهاء وهي خسارة فادحة لايمكن بكل الأحوال أن يقبل النظام الإيراني بها بسهولة وهو الذي سخر كل ما يملك ماديا وبشريا للحصول على هذه التكنولوجيا المتقدمة!وعلى الجانب الآخر تعاني إيران حاليا من مايطلق عليه سياسة "الموت البطيء" بسبب العقوبات الأمريكية القاسية ضد اقتصادها والتي أخذت تخنق تدريجيا اقتصادها الهش وتتسبب بمشاكل حقيقية لاطائل لها وسط تذمر شعبي بين الإيرانيين من شح بالسيولة المالية وارتفاع بالأسعار وهبوط كبير بقيمة "التومان"وصعوبة في توفير المواد الأساسية.حقيقة واحدة مؤكدة ستحير الجميع هذه الأيام وهي تراجع ترامب عن ضرب إيران ،فهل هذا التراجع يصنف في إطار التردد فقط أم ضمن مخاوف أمريكية من مواجهة مكلفة ضد النظام الإيراني وعدم ثقة أم تدخل في إطار شعور عاطفي انتاب الرئيس وجعله يطلق العديد من التساؤلات والنقاشات حول جدوى الضربة مع أكثر من 25 مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض ليقرر بعدها وقبل 10 دقائق وقف العملية وهو ما أكدته صحيفة" واشنطن بوست " في نفس اليوم الذي أسقطت فيه طائرة "درون"الأمريكية.لقد صعد ترامب لهجته خلال الشهور القليلة الماضية تجاه إيران إلى درجة كبيرة جدا وكان التهديد باستخدام القوة العسكرية ودفع الثمن واردا في العديد من تصريحاته وكذلك في تغريداته المثيرة للجدل في تويتر ومستندا إلى الآلة العسكرية الهائلة التي لاتقارن لبلاده مع أي قوة أخرى بالعالم ،فما الذي تغير قبل 10 دقائق وجعله يتردد في توجيه الضربة؟!سؤال محير فعلا ولكنه أيضا يجعل الغموض يصيب حتى حلفاء واسنطن بالمنطقة!!ماجد العصفور

مشاركة :