أيهما أهم: أن تعمل أم ماذا تعمل؟ «6»

  • 6/23/2019
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

ننتهي إلى أن العمل في حد ذاته قيمة كبيرة، وبالتأكيد هذا يشمل الأعمال المشروعة. أما تسقيط العمل فهذا أمر لا ينبغي لأي مجتمع أن يقره، فما دام المجتمع بحاجة لعمل معين، فهذا يعني أن لا بد لأحد القيام به. ومن ناحية أخرى، لا ينبغي أن تصنف الأعمال بين ما يصلح للمواطن وما لا يصلح للمواطن، فما دام وطننا بحاجة لوظائف، سواء أكانت سهلة أم صعبة، بسيطة أم معقدة، مريحة أم متعبة، روتينية أم تنفيذية، فلا بد لنا نحن المواطنين أن نقوم بها، ولا نترفع عليها أو نأنف منها. وعلى الرغم من الإقرار بضرورة تمكين المواطنين من سوق العمل السعودية لتصبح أكثر اعتمادية على أبنائها، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص أو الثالث، فمن الأهمية بمكان تحقيق الأمرين معا، أي التمكين والاعتمادية. بمعنى أن جانب تمكين المواطنين من سوق العمل لن تجلب نتائج ناجعة دون جعل اعتمادية السوق هيكلية وارتكازية على المواطنين، وهذا يستدعي بالضرورة الحتمية أن ترتفع نسبتهم لأعلى حد ممكن، فحاليا نحو 80 في المائة من وظائف القطاع الخاص يشغلها وافدون. فإن تحقق ذلك الاتساق بين التمكين والاعتمادية، فسنجد أن سوق العمل قد تعافت من أسقامها ومن أعراض تلك الأسقام، وبوصولها إلى التوظيف الكامل full employment. وليس من شك أن تحقيق التوظيف الكامل طموح، لكني لا أراه أبعد من عديد من المستهدفات والإصلاحات، التي تسعى المملكة لتحقيقها وصولا إلى اقتصاد يرتكز إلى الإنتاج وليس للريع، بل إن توظيف أبنائنا وبناتنا هو شرط سابق pre-condition لتحقيق التحول إلى اقتصاد منتج يقوم على إضافة القيمة وتعظيم مساهمة المحتوى المحلي. وإن كان لا بد من إصلاحات لتشوهات السوق، فكذلك لا بد أن يقبل الباحث عن عمل بالمتاح من الوظائف. والمتاح من الوظائف لا يعني أقل الوظائف أجرا وأصعبها طبيعة وبيئة، بل يعني أن يقبل على الوظيفة المتاحة، فإن لم تحقق تطلعاته وسنحت الفرصة له بالانتقال لوظيفة أفضل، فذلك قراره دون الإخلال بالتزاماته التعاقدية. وقد يطرح السؤال، هل يعقل أن يعمل الباحث عن عمل في وظيفة أقل من مؤهلاته؟ إن كان مضطرا من الناحية المالية فعليه القبول، وعليه القبول إن كانت تلك الوظيفة ستمنحه مهارة مفيدة له في المستقبل، وعليه القبول إن كانت تلك الوظيفة ستفتح له أبوابا لوظائف أفضل في الشركة أو القطاع نفسيهما. منذ سنوات حدثني رئيس تنفيذي لإحدى الشركات، بأن شركته أعلنت وظيفة لمشغلين في مصنع للكيماويات، وتنافس على الوظيفة أعداد كبيرة، وكان من ضمنهم ستة لديهم بكالوريوس في الهندسة الكيميائية من جامعة معتبرة، وقبلوا بوظيفة مشغل، وما هي إلا أشهر قليلة حتى وظفتهم الشركة على وظائف مساعد مهندس ثم مهندس.

مشاركة :