في سبتمبر الماضي كشف موقع (يو جوف) العالمي أنَّ سكان الدول التي تقع في الشرق (العالم العربي وحتى هونج كونج والصين) يضعون الصحة على رأس أولوياتهم واهتماماتهم؛ فهم يبحثون عن الرعاية الأفضل دائماً, ثم كيفية جمع المال ثانياً, فالاهتمام بالأسرة، وبعد ذلك البحث عن النجاح في العمل، فالحب بعد ذلك، ثم الحصول على منزل، وأخيراً استثمار وقت الفراغ... بينما يتصدر الحب اهتمامات سكان الدول التي تقع غرباً (من أوروبا مروراً بأمريكا وحتى أستراليا)، والصحة الأفضل في المرتبة الثانية، فجمع المال، وبعد ذلك الاطمئنان على الأسرة، ثم كيفية استثمار وقت الفراغ، فالحصول على منزل خاص، والتقدم الروحي، وأخيراً تحقيق النجاح في العمل .. تحليل نتائج الدراسة السابقة لاهتمامات الشعوب يخالف المتوقع دائماً، وهو ما يعني إمَّا أنَّ الناس تكذب عندما تتحدث للباحثين، وتدعي المثالية، أو أنَّهم يحاولون الهروب من واقعهم المعيش باختيارات حالمة يصعب تحقيقها، حيث يشتهر (الخواجات) بتقديسهم للعمل، الذي يرونه كل حياتهم واهتمامهم فكيف يصبح في آخر السلم، كما أنَّهم لا يبالون بالمشاعر والحب ولا يُعيرونها أي اهتمام فمتى أصبحت هي أول ما تهتم به هذه الشعوب؟ بينما نحن العرب ويُشاركنا الشرق آسيويين تحديداً، من نشتهر بالحب وتأثيره على حياتنا، لتكوين الأسرة والاهتمام بمشاعرها، كما أنَّ البحث عن سكن ملائم هو أبرز الأولويات والأزمات المُعقدة، بينما الصحة تقع في مستوى مُتأخر من الاهتمامات بدليل الإهمال الواضح فيها، والتدخل المُتأخر للبحث عنها كأسلوب حياة . الأمر يتطلب إعادة فهم أولويات الشعوب وثقافاتها، التي يبدو أنَّها تتغيَّر بحسب حاجاتهم وظروفهم، بينما تبقى الصورة الذهنية عند الآخرين ثابتة عنهم، وهو ما يفسر نتائج الدراسة الأحدث، المسألة مُتعلِّقة بهذا الفهم للتخلّص كذلك من الخلط بين الموهبة والاهتمام والعمل، حتى تتضح الأمور أكثر عن حياة الشرق والغرب، فنحن نعتقد أنَّنا نمتلك مواهب عديدة، وقدرات فائقة (الفروسية والفراسة، الرسم والفن، الرياضة والسباحة، الشعر والتأليف ..) إلخ من المواهب التي تسبق واجبات العمل في ثقافتنا أحياناً - بحجة استمرارها مع الإنسان طوال حياته - على طريقة قدرة وعقلية العرب الفائقة والمختلفة.. أعداد الموهوبين في الغرب قليلة، لأنَّهم ببساطة يطلقون عليه طبيب يجيد الرقص كموهبة، بينما في عالمنا العربي يوصف بأنَّه شاعر جهبذ لا يُشق له غبار يعمل في البريد مثلاً.. هنا يكمن الفرق في الاهتمام والأولوية. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :