أبناؤنا وفراغ الصيف.. طاقات إيجابية هدرها مفسدة واستثمارها يتصدى للجريمة

  • 6/24/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يتمتع الشباب في مرحلة المراهقة بطاقات هائلة ورغبة في الانطلاق والتعرف على عوالم مبهمة، فإذا تم استغلال وتوجيه تلك الطاقات بصورة جيدة كانت النتائج عظيمة، وإذا تم إهمالها كانت الفاجعة قريبة، والإجازات الصيفية فرصة لتوجيه طاقات هؤلاء الشباب إلى فعل ما هو مفيد لهم ولمجتمعهم، من خلال إتاحة المجال أمامهم للتعبير عن أنفسهم واستغلال قدراتهم الاستغلال الأمثل لمعرفة إمكانياتهم الحياتية والمعرفية وتطويرها وتنميتها، حتى ينعم المجتمع بشاب يتقدم به إلى الأمام. وعلى وقع ما يواجهه الشباب في سن المراهقة، من مغريات تسهل لهم طريقاً نحو الانحراف، سواء من خلال الفضائيات المفتوحة أو الاستخدام السلبي للتقنيات الحديثة وخاصة الإنترنت، بالإضافة لتأثير رفاق السوء، تبرز أهمية إيلاء أولياء الأمور بصفة خاصة، ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية بصورة عامة، الاهتمامَ الكافي والرعايةَ المطلوبة للأبناء، بهدف استثمار أوقات فراغهم، وإشغالهم بما هو مفيد ونافع لصقل مهاراتهم ومواهبهم، وبما يشجعهم على أن يعيشوا صيفا حافلا بالمتعة والتشويق، من خلال إلحاقهم بالبرامج الصيفية التعليمية التي تعزز من الهوية الوطنية لديهم، وتبعدهم عن شبح الجريمة، خصوصاً أن انحرف الأحداث نحو جرائم الاعتداء بالسلاح الأبيض والتعاطي والقيادة بطيش تشكل خطرا على حياتهم وعلى حياة الآخرين. حماية في البداية شدد المستشار محمد رستم بو عبد الله المحامي العام رئيس نيابة الأسرة والأحداث في دبي، على أهمية ودور البرامج والأنشطة الصيفية في ملء فراغ الطلبة، لا سيما الأحداث منهم، وحمايتهم من الانحراف نحو ارتكاب الجرائم، موجها دعوة إلى الأندية الرياضية إلى المشاركة المجتمعية الفاعلة في احتواء هؤلاء الطلبة ودمجهم بفعاليات داخل الصالات المغلقة، بما في ذلك تقديم دورات تدريبية لهم لإشغالهم بكل ما هو مفيد لهم، وامتصاص عنفوان وثوران نشاطهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة، وعدم التركيز فقط على البطولات الرسمية. وحذر بو عبد الله من خطورة ترك الأحداث في فترة الصيف بدون إلحاقهم في برامج وأنشطة مفيدة سواء كانت رياضية، أو تعليمية، أو سياحية، أو تربوية، أو لتنمية مهاراتهم ومواهبهم المختلفة، مؤكدا أهمية متابعة سلوكياتهم، وأفعالهم، بعيدا عن رفقاء السوء الذين يشكلون خطرا حقيقيا عليهم، مؤكدا أن ثمة علاقة طردية بين طول وقت الفراغ، ومعدل ارتكاب الأحداث للجرائم. كما حذر من خطورة تجمع الأحداث وقت الفراغ والإجازة الصيفية في أكثر من مكان، وتحديدا داخل الأحياء السكنية، مؤكدا أن هذا السلوك قد يكون مقدمة للتخطيط لارتكاب بعض الجرائم، مثل الاعتداء المتبادل، واستخدام السلاح الأبيض، أو تناول بعض المؤثرات العقلية، أو الاشتراك في تنفيذ جرائم سرقة، أو استخدام المركبات بصورة مخالفة، وغيرها من السلوكيات الأخرى التي يستغلها هؤلاء في التنفيس عن طاقاتهم ورعونتهم، بعيدا عن رقابة الأهل. مسؤولية الأسرة وحمل المحامي العام، الأسرة مسؤوليةَ جنوح الأبناء، ودعاها إلى الاهتمام أكثر بهم خصوصا في الإجازة، واحتوائهم، والتقرب منهم، والتحري عن سلوكيات أصدقائهم، لا سيما في هذه المرحلة الحرجة من عمرهم التي يكونون فيها بحاجة إلى اهتمام ورعاية أكثر من أي وقت لبناء شخصياتهم. وقال: تطرق قانون وديمة إلى مسألة رعاية الأبناء، وعدم إهمالهم، وبيّن جملة من الحالات والظروف التي يكون فيها ولي الأمر ضالعاً في الضرر الواقع على الأبناء نتيجة الإهمال، ومن هنا تأتي أهمية اقتراب الآباء من الأبناء في فترة الصيف التي يكون فيها الطلبة متحللين من الدراسة والواجبات المدرسية، ومراقبة سلوكياتهم بأساليب وأدوات حديثة تزيد من مستوى الثقة والحوار فيما بينهم، وتقلل من وقوع الجريمة، لأن غالبية حالات الجنوح كانت نتيجة المشكلات داخل الأسرة، وعدم الاهتمام بالأبناء، وعدم الجلوس معهم والاستماع إلى احتياجاتهم العاطفية قبل المادية. حماية الأحداث وأضاف: «ليست الأسرة وحدها المسؤولة عن حماية الأحداث، فالمسؤولية في الصيف مشتركة بين الأهالي ومؤسسات المجتمع المدني والدوائر الحكومية والأندية الرياضية، لأن عدم استغلال طاقات هذه الفئة العمرية قد يكون قنبلة موقوتة في حال لم يتم استثمارها بالنافع والمفيد، وربما تشكل خطرا على أمن واستقرار المجتمع إذا انحرف الأحداث نحو جرائم الاعتداء والسرقة والتهور والطيش وقيادة المركبات بصورة مخالفة تشكل خطرا على حياتهم وعلى حياة مستخدمي الطريق». وتابع المحامي العام رئيس نيابة الأسرة والأحداث: «الفئة العمرية من 14 إلى 17 سنة هي الأكثر جنوحاً، لأسباب تتعلق بحساسية هذه السن، حيث يحاول بعض المراهقين في هذه المرحلة إثبات ذواتهم، وحضورهم في المجتمع وتحديداً بين أصدقائهم، من خلال القيام بأفعال عدائية مغلفة بالرهان والتحدي، عطفاً على أن هذه السن فيها رعونة وطيش، واندفاع نحو الحياة، وبناء صداقات وعلاقات مع رفقاء السوء الذين يؤثرون في تصرفات وسلوكيات بعضهم البعض، ومن هنا يرتفع صوت الحذر من خطر الإجازة الصيفية بدون برامج وأنشطة مفيدة وبدون خطة مسبقة من جميع الجهات، لان المحرك الرئيسي الجريمة هو الفراغ». الرعاية الأسرية وفي هذا الإطار قالت الدكتورة نعيمة عبد اللطيف قاسم، تربوية: «ينبغي على أولياء الأمور أن يدركوا أهمية استثمار إجازة الصيف، لا سيما مع أطفالهم، فمنهم من يتعلل بصعوبة السفر بهدف تغيير الروتين اليومي، في حين تنشط مئات المراكز والمؤسسات والمعسكرات الصيفية في الدولة والتي تستهدف الأطفال، حيث تعلم تلك الجهات ضرورة المساهمة في إعداد جيل يتمتع بصحة نفسية واجتماعية وثقافية، ومسايراً للتغيير، ومُلماً بمهارات العصر، ومُقبلاً على الحياة بروح الإبداع والتطور نحو حياة وعالم أفضل». وأضافت: «يجب توفير فرص لاستثمار أوقات الفراغ، بتوفير مناخ جيد لإحداث تغييرات إيجابية في سلوك واتجاهات الأطفال المنتسبين إليها ليصبحوا عناصر فاعلة في المجتمع، وقدوات متميزة باعتزازهم بوطنيتهم وهويتهم، من خلال مشرفين ومدربين في تلك المراكز والمخيمات لتنمية وصقل المواهب والخبرات والمهارات الحياتية، وزيادة الوعي، ورفع المستوى الفكري والثقافي لدى الأطفال المشاركين، واكتشاف الطاقات والمواهب وتنميتها وتطويرها لبناء قيادات شابة تخدم نفسها ووطنها بما يعود على المجتمع بالرقي والازدهار من أجل الإمارات». دورات تدريبية كما لفتت عدوة حمد الهاجري سفيرة العطاء والسلام وهي عضوة في عدة جمعيات ومؤسسات تطوعية في الدولة، إلى أهمية استغلال أوقات الأطفال في العطلات من خلال الدورات التدريبية التي تتلاءم مع أعمارهم، وإشراكهم في المخيمات الصيفية، لا سيما التراثية التي من شأنها أن تعزز الهوية الوطنية، وذلك وصولا إلى تنمية مهاراتهم ومواهبهم في شتى المجالات. متمنية في هذا السياق من أولياء الأمور أن يحرصوا دوما على صقل مواهب الجيل الجديد وقدراتهم بعيدا كل البعد عن انشغالهم بمواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية والرقمية، وقضاء ساعات طويلة أمام التلفاز. مشيرة إلى وجود فئة من الأمهات أغلبهن يبدين سعادتهن بالإجازة التي يرينها أنها فرصة للم شمل العائلة في جميع الأوقات، وهذا يعتبر إحدى مفردات ثقافة الإجازة الصيفية، والوعي بها كاحتياج إنساني وعائلي في زمن تراجع فيه التكافل والتكاتُف الاجتماعي بكل معانيه النبيلة. إلا أن المخيمات والمراكز الصيفية في نظر الهاجري تساعد في المقابل على التفريغ والدعم النفسي الذي يساعد الطفل على الانسجام، إضافة إلى قضاء الوقت بصورة إيجابية وأنشطة فعالة تسهم بصقل شخصيته وتقويته، وتساعده على بناء ذاته بصورة مستقلة. تحديات تكنولوجية من جانبها أوضحت الإعلامية ندى الرئيسي بأن معظم أولياء الأمور يتساءلون: «ما الذي سيجعل أطفالنا يستمتعون بالإجازة الصيفية، وفي الوقت ذاته يستفيدون منها ويكتسبون معلومات جديدة تترك في أذهانهم ذكرى جميلة تبقى معهم في مختلف مراحل نموهم ؟». وأضافت الرئيسي: «يواجه أطفالنا العديد من التحديات، لا سيما مع دخول التكنولوجيا إلى حياتنا اليومية، ويجب مواجهة ذلك بالمعرفة واستثمار الوقت بما يكسبهم، وينمي مهاراتهم، ويصقل إبداعهم، ويكسبهم في الوقت ذاته خبرات تعليمية تعزز الكثير من المهارات لديهم، لا سيما مهارات التفكير الإبداعي، حيث تم إطلاق المراكز لاحتواء اهتمامات وطاقات وإبداعات الأطفال المشاركين، وتوجيهها نحو ما فيه تحقيق فائدتهم وبشكل كبير». وأشار المهندس جابر الأحبابي قائد فريق الوطن التطوعي إلى أنه دائما ما يرتبط وقت الصيف بالإجازة والانفصال عن التزامات الدراسة أو غيرها، مؤكدا على أهمية أن يلتحق الأطفال في فترة إجازتهم الصيفية بمراكز صيفية توفر أنشطة متنوعة ومشوقة يمكن من خلالها التعلم وقضاء وقت ممتع. تشجيع وأضاف الأحبابي: «ومن الجميل أيضا أن يُشجع أولياء الأمور أطفالهم على المشاركة في الفرق التطوعية المعتمدة في الدولة، فقيادتنا الرشيدة تؤمن بأن العمل التطوعي واجب وطني والتزام أخلاقي ومجتمعي وحق إنساني في التكافل والتواصل. كما أن التطوع يسهم في تعزيز الروح الوطنية وغرس القيم الإيجابية لدى المتطوع. كما أن الوطن بحاجة ماسة لطاقات أبنائه المبدعة الخلاقة المساهمة في التنمية وإبراز الدور التطوعي المجتمعي الحضاري. وتجدر الإشارة إلى أن هناك فرقاً تطوعية تخصص أنشطة خاصة بالصغار تحفزهم من خلالها على روح العطاء. وهذا سيجعل الطفل يدرك منذ صغره أن وقته الذي يستثمره في التطوع لا يهدف من خلاله سوى إبراز الدور الريادي لدولة الإمارات في مجال العمل الإنساني والتطوعي الذي أرسى دعائمه المغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه». استثمار وقالت مريم الظاهري، ولية أمر: تفخر القيادة الرشيدة في الدولة وتبدي اعتزازها دائما بأبناء الوطن وبناته الذين يحرصون على استثمار إجازتهم الصيفية بما ينفعهم ويعود عليهم بالفائدة، موضحة، أن ذلك يحتاج في المقابل إلى حرص أولياء الأمور على الأخذ بيد أطفالهم بشكل خاص نحو ما فيه تحقيق فائدتهم، وبما يشجعهم على أن يعيشوا صيفا حافلا بباقة من البرامج الجميلة. فهناك مخيمات معتمدة من جهات رسمية في الدولة تسهم وبشكل مباشر في نشر ثقافة الإبداع، وترسيخ قدرة الأطفال المشاركين على تحويل الأفكار إلى واقع يمنحهم الثقة في تقديم أفكارهم مهما كانت صغيرة أو بسيطة أو مستحيلة في نظرهم، الأمر الذي يدعم شخصياتهم الثقافية والابتكارية، ويكسبهم خبرات ومعارف عملية يجدونها مطبقة على أرض الواقع». ودعت الظاهري أولياء الأمور إلى الاهتمام بأطفالهم، وعمل برامج مفيدة لهم وإلحاقهم بالفعاليات الثقافية، وكل ما من شأنه أن يوظف طاقاتهم وإبداعاتهم توظيفا صحيحا ليكونوا مفخرة لذويهم ولوطنهم. وهذا يبعد الصغار بلا شك عن السلوكيات السلبية التي قد يكتسبونها في فترة الإجازة الصيفية كالسهر، وإدمان الألعاب الإلكترونية، وتعرفهم على رفقاء سوء وغير ذلك.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :